ستجد في هذا التقرير قراءة متأنية عن التوقعات المحيطة ببيانات الوظائف الأمريكية المهمة جداً غداً، وما مدى تأثير ذلك على الأسواق خاصة مع توقف الأسواق الأمريكية غداً لقضاء عطلة، وماذا ينتظر بنك الاحتياطي الفيدرالي منها وما هو رد الفعل المتوقع.
سيتم إغلاق أسواق الأسهم الأمريكية غداً لقضاء عطلة عيد الفصح أو الجمعة العظيمة، لكن ذلك لن يمنع الحكومة من إصدار تقرير الوظائف لشهر مارس/ آذار، فيوم الجمعة العظيمة هي عطلة في السوق ولكنها ليست عطلة فيدرالية، لذلك ستصدر وزارة العمل الأمريكية بيانات التوظيف في وقتها المعتاد الساعة 11:30 صباحًا بتوقيت مكة المكرمة. من المتوقع أن يكون التداول في كل من العقود الآجلة للأسهم والسندات ضعيفًا، مما قد يزيد من التقلبات.
بيانات الوظائف الأمريكية هي مجموعة من الإحصاءات التي تصدرها وزارة العمل بشأن حالة سوق العمل داخل الولايات المتحدة الأمريكية، تعد هذه البيانات من أهم المؤشرات الاقتصادية التي تعكس صحة الاقتصاد، وتستخدم لتحليل التوجهات الاقتصادية وتلمس المزيد من الأدلة حول مسار السياسة النقدية من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.
وتتضمن بيانات الوظائف الأمريكية معلومات حول عدد الوظائف الجديدة التي تم إنشاؤها خلال الشهر الماضي، ومعدل البطالة في الولايات المتحدة، ومتوسط أجور العمال، ويتم إصدار بيانات الوظائف الأمريكية مرة واحدة في الشهر، وعادة ما تتم في الجمعة الأولى من كل شهر، وتحظى هذه البيانات بمتابعة كبيرة من قبل المستثمرين والمحللين الاقتصاديين في جميع أنحاء العالم.
غالباً ما تصاحب تلك البيانات الرئيسية والمنتظرة تقلبات كبيرة ومفاجأة وغير منطقية في الأسواق بناءاً على الرقم الذي يظهر، ولكن نظراً لتوقف سوق الأسهم فمن المرجح ألا تظهر تأثير تلك البيانات على الأسواق حتى افتتاح يوم الاثنين كرد فعل أولي من المستثمرين عليها، لهذا لن ينتظر أي مفاجآت حيث ستسمح عطلة الثلاثة أيام للمستثمرين بهضم البيانات على مهل وتحليل جميع مكوناتها وتبعاتها، واتخاذ قرارات عقلانية أكثر صباح الاثنين.
يتوقع الاقتصاديون أن تظهر البيانات أن الاقتصاد الأمريكي أضاف 238 ألف وظيفة في مارس/ أذار، بينما من المتوقع أن يظل معدل البطالة دون تغيير عند 3.6٪، ولكن من المتوقع أن يرتفع متوسط الدخل في الساعة 0.3٪ بعد زيادة قدرها 0.2٪ في فبراير.
أضافت الولايات المتحدة ما يقدر بنحو 311 ألف وظيفة في فبراير و504 ألف وظيفة في يناير/ كانون الثاني، كلاهما تجاوز التوقعات بسهولة وأثار المزيد من المخاوف في الاحتياطي الفيدرالي.
ستظل الزيادة التي تزيد عن 200 ألف وظيفة في شهر مارس قوية جدًا، أضافت الولايات المتحدة ما معدله 173 ألف وظيفة جديدة شهريًا في العام السابق لظهور الجائحة في عام 2020.
تأتي تلك القراءة بعد صدور بيانات معهد ADP الأمريكي للتوظيف يوم الأربعاء، وهو مؤسسة خاصة تقوم بتوفير خدمات التوظيف وإدارة الموارد البشرية للشركات في الولايات المتحدة الأمريكية وحول العالم، تعتبر بيانات ADP للوظائف مؤشرًا مهمًا لصحة سوق العمل في الولايات المتحدة، ويتم اعتمادها كمؤشر رائد في قطاع التوظيف والأعمال، ويتم إصدار بيانات ADP للوظائف شهريا قبل صدور بيانات الوظائف الأمريكية الرسمية من وزارة العمل.
أظهرت بيانات ADP أن عدد الوظائف الشاغرة في الولايات المتحدة انخفض في مارس/ أذار إلى أدنى مستوى في 21 شهرًا، بقراءة تقدر بـ 145 ألف وظيفة في القطاع الخاص، أقل بكثير من 210 ألف وظيفة التي توقعها الاقتصاديون. تشير تلك الأرقام إلى أن سوق الوظائف الضيق ربما بدأ يفقد البعض من قوته.
عندما تزداد الوظائف الأمريكية الجديدة بشكل كبير فإن ذلك عادةً يثير الفرحة والاحتفال بين المستثمرين، ولكن في الوقت الحالي يعتبر هذا الأمر غير مرغوب فيه، حيث يرى مجلس الاحتياطي الفيدرالي أن السوق العمل الضيق يشكل عقبة كبيرة أمام مكافحة التضخم المرتفع، ويرغب في تباطؤ التوظيف في أسرع وقت ممكن. ومع ذلك قد لا يتحقق ما يريده المجلس في بيانات شهر مارس/ أذار المتعلقة بالوظائف الأمريكية الجديدة.
يقول كبار مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي إن سوق العمل ضيق للغاية ويحتاج إلى بعض التخفيف، حيث إنهم قلقون من أن الارتفاع السريع في الأجور المرتبط بنقص العمالة سيجعل من الصعب السيطرة على التضخم.
يود بنك الاحتياطي الفيدرالي أن يشهد انخفاضًا كبيرًا في التوظيف إلى أقل من 200 ألف وظيفة جديدة شهريًا، مصحوبة بزيادات أقل في الأجور.
ومع ذلك فإن تحقيق مكاسب كبيرة أخرى في الوظائف من شأنه أن يضغط على بنك الاحتياطي الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة أكثر مما كان مخططًا له، وأشار كبار المسؤولين إلى أنهم يخططون فقط لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى هذا العام بناءً على أحدث تقييم للاقتصاد.
وعلى صعيد معدل البطالة:
ارتفعت نسبة الأمريكيين العاطلين عن العمل الباحثين عن عمل إلى 3.6٪ في فبراير/ شباط، أي بقليل من العلامات فوق أدنى مستوى لها في 54 عامًا، تتوقع وول ستريت أن يظل معدل البطالة ثابتًا في مارس. ويتوقع بنك الاحتياطي الفيدرالي أن يرتفع المعدل إلى 4.5 ٪ في العام المقبل حيث يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى تراجع النمو الاقتصادي، يتوقع بعض الاقتصاديين في وول ستريت بطالة أسوأ على افتراض احتمال حدوث ركود.
أما عن نمو الأجور:
من المتوقع أن يرتفع متوسط الأجور بالساعة بنسبة 0.3٪ في مارس، مثل هذه الزيادة المتواضعة نسبيًا من شأنها أن تخفض الزيادة خلال العام الماضي إلى 4.3٪ من 4.6٪.
ومع ذلك لا يزال تلك النسبة مرتفعة للغاية بالنسبة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، حيث يريد البنك المركزي أن يرى نمو الأجور يعود إلى مستويات تتوافق مع التضخم المنخفض، الذي يُنظر إليه من 2٪ إلى 3٪ سنويًا.