" لا وجود لقطاع اقتصادي كامل ، وهذا لكون أغلب القرارات الاقتصادية يتم اتخاذها بوساطة الخبرة و البداهة"
نظرية الكنزية الجديدة
لطالما وعلى مدار التاريخ الاقتصادي اختلفت المدارس الاقتصادية حول معضلة الكمال في الأسواق ، وما أقصده بالكمال بالأسواق هو إمكانية التنبؤ بهذه الأسواق بما يتاح لدينا من قوانين اقتصادية تم بناؤها بالاعتماد على السلوك البشري ، إن هذه المعضلة قد تبدو خاصة فقط في أسواق المال كالفوركس ، لكن يسعني أن أخبرك أن هذه معضلة تفسير اقتصاد ومسيرة اقتصادية بشكل كامل ، فالمدارس الكلاسيكية تستند إلى التوقعات بناء على التصرفات الرشيدة للإنسان إلا أن الكنزية نفت وجود توقعات رشيدة وفصلت ما بين ما ينطبق على الاقتصاد ككل و على الحالات الخاصة كأصحاب الثروة مثلاً.
الدكتور الجزائري عبد اللطيف مصطفى في كتابه أساسيات النظام المالي وتعليقاً على فكرة التنبؤ في الأسواق بنى نظريته في كفاءة السوق بصيغتها القوية التي تنص على أنه:
بحال كانت المعلومات التي تعكسها الأسعار هي جميع المعلومات المتاحة للمتداولين حينها لا يمكن لأي متداول مهما بلغ من الاحتراف تحقيق ربح أعلى من المتوسط.
مما سبق يصاغ لدينا أهم سؤال، هل هذا يعني ان أسواق المال لا يمكن الربح منها أي لا يمكن الربح من التداول؟
الأسواق تعكس لك كافة المعلومات المتاحة ولكن بشكل احتمالي
إذا كان لدينا عشرة أشخاص ، وعرضناهم إلى مشاعر مختلفة عدة مرات ، مع تسجيل تصرفات هؤلاء الأشخاص في كل مرة يتعرضون فيها لنوع معين من المشاعر ، بعد عدة مرات من التجربة وجدنا أن سبعة من هؤلاء الأشخاص يتبعون أسلوب دفاعي أثناء تعرضهم للخوف ، فبوساطة علم الاحتمال الرياضي وسلوك البشر يمكننا أن نقول أن هناك احتمال قدره 70% من إمكانية تكرار هذا التصرف.
الرياضيات هنا تخبرنا بمنتهى الموضوعية عن الاحتمال إلا أن ظهور نتيجة هذا الاحتمال على أرض الواقع ، أمر صعب نوعاً ما ، لأنه بإسقاط التجربة على مكعب يحوي ست أوجه ، خمسة منها ذو لون أخضر وواحد ذو لون أحمر ، فإن احتمال ظهور اللون الأخضر بحال ألقينا المكعب 83% ، إلا أنه ومع ارتفاع الاحتمال لنسبة عالية الرياضيات صريحة معنا بكون ارتفاع الاحتمال لصالحك لا يعني بشكل أو بآخر أن يظهر هذا الاحتمال على أرض الواقع.
تفسر الرياضيات هذا الفارق ما بين النتيجة على الورق ، و النتيجة الحقيقة بكون هناك عامل العشوائية الذي يمكن ان يظهر بأي لحظة ولا يمكن توقعه ، ولكن من الممكن تقليله ، وهذا من خلال إلقاء التجربة اكبر عدد ممكن من المرات مما يتيح للاحتمال الرياضي أن يظهر وهذا ما يسمى ( الانحراف المعياري)
الخسارة أمر وارد إذاً
على هذه الحالة ومن حيث التفسير الرياضي ، إن الخسارة امر وارد في الأسواق وذلك
· لكون السوق في الأساس بيئة احتمالية
· يوجد نسبة من العشوائية في أي شيء
الحل لهذه الخسارة وأهم النصائح
عندما صرح عبد اللطيف مصطفى بنظريته حول الربح العادي في الأسواق لم يعارضه المجتمع العلمي كونه قدم الفكرة على نحو أنه بحال امتلكت نسبة قدرها 70% من المعلومات المتاحة في السوق كيف ستحقق الربح وهناك نسبة من العشوائية قدرها 30% وعلى هذا الأساس لن تحقق ربح غير عادي ( المقصود بالربح الغير عادي هو الربح الذي يفوق متوسط الربح عند المتداولين) إلا إذا امتلكت جميع المعلومات المتاحة في الأسواق وإن هذا أقرب إلى المستحيل هذا إن لم يكن المستحيل ذاته.
على هذا يتفق نخبة من كبار المحللين على مجموعة من أهم النصائح والمعطيات:
1. الخسارة في الأسواق أمر حتمي ولتتفادى الخسارة عليك أن تتعامل مع الأسواق من منظور أن أي شيء يمكن ان يحصل وعليك أن تدخل صفقة انت في الأساس على استعداد أن تستغني عنها إن تطلب الأمر
2. لا ينجو من الخسارة إلا من استطاع البقاء في الأسواق لأطول فترة ممكنة وفي ظل أعنف الفرص الاقتصادية وهذا لا يكون من خلال القوة في التحليل الفني وإنما القوة في استيعاب الخسارة وهذا يكون من خلال احكام القوانين الصحيحة في إدارة المخاطر
3. على المتداول أن يتقبل أن هناك فترات زمنية في الأسواق لا ينفع الربح منها و أن هناك فترات لا ينفع التداول فيها و أن التداول مواسم ....يتبع خلال المقال القادم
خلاصة القول ورأي المحلل الفني
في الختام عزيزي القارئ ما دفعني إلى أن أكتب لك هذا المقال ، هو التشيع الرهيب الذي أحدثه هبوط الذهب ، فكان الجميع يتوقع الصعود إلا أنني نوهت أن الهبوط رغم التحليل الفني وارد وهذا انطلاقاً من إيماني بعامل العشوائية في السوق ، لذلك من يخبرك أن الأسواق صالحة دوماً لأن تتداول فيها فهو إما يحاول أن يسوق لك أو يمتلك معلومات أكثر من التي أمتلكها أو مغفل....
المحلل: عمر الصياح
للمزيد تابعنا على التويتر
Twitter: @SyyahOmar