أعلن تكتل "بريكس"، يوم أمس الخميس، عن انضمام 6 دول جديدة إلى المنظمة بشكل رسمي، من بينهم 3 دول عربية هم مصر والسعودية والإمارات، بجانب إثيوبيا والأرجنتين وإيران، في خطوة تستهدف تقوية التحالف وتعزيز دوره العالمي.
وتعبر دول "بريكس" عن مليارات الأشخاص عبر ثلاث قارات، مع اقتصادات تشهد مراحل متفاوتة من النمو، لكنها تتشارك ازدراء نظام عالمي تقول إنه يخدم مصالح القوى الغربية الغنية، بجانب محاولتهم التحلل من سيطرة الدولار الأمريكي على المعاملات الدولية، وهو الأمر الذي يُتوقع أن تستفيد من مصر بشكل كبير.
وأعلنت جنوب أفريقيا أن أكثر من 40 دولة أبدت اهتمامها بالانضمام إلى المجموعة، فيما قدمت 23 دولة طلبات رسمية لذلك.
وتمثل بريكس الآن 23 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و42 بالمئة من سكّان العالم، وأكثر من 16 في المئة من التجارة العالمية، وتعتبر نفسها بديلاً عن الهيمنة الاقتصادية الغربية.
وأبدت دول عربية اهتماماً بالانضمام إلى التكتل، حيث قدّمت الجزائر ومصر والسعودية والإمارات إضافة إلى البحرين والكويت والسلطة الفلسطينية، طلبات رسمية للانضمام إلى مجموعة بريكس، ولكن لم يتم قبول عضوية أحدهم سوى مصر والسعودية والإمارات.
انضمام مصر.. ماذا ستستفيد؟
في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر، جاء الإعلان عن انضمامها إلى "بريكس" اعتبارا من يناير 2024، بمثابة نقطة ضوء تلقاها المصريون بتفاؤل.
وتعوّل مصر على انضمامها للتكتل كأحد حلول مواجهة أزمة شح العملات الأجنبية بالبلاد. حيث تسعى مصر عبر هذه الخطوة إلى تخفيف الضغط على النقد الأجنبي في البلاد، نظراً إلى تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار الأمريكي بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة بعد شح ملحوظ في السيولة الدولارية بالبلاد.
ويأتي ذلك بالتزامن مع تنامي الحديث في الفترة الأخيرة عن احتمال إنشاء مجموعة بريكس عملتها الخاصة، الأمر الذي من شأنه أن يقلل من الطلب على الدولار الأمريكي، وبالتالي سيضعف موقف الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية.
وقال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في هذا الشأن إن "التخلص من الدولار كعملة عالمية مسألة لا رجعة عنها".
وأضاف بوتين: "نحن نعمل على إيجاد آليات تسوية مالية أفضل، بعيدا عن الآليات الغربية، لأن دول "بريكس" أصبحت تتخفف من ارتباطها بالدولار".
ويمثّل انضمام دول عربية إلى المجموعة محطة مهمة في تحول موازين القوى الاقتصادية العالمية. حيث إن مصر والسعودية والإمارات، مرشحة لتكون دولاً رائدة في إنتاج وتصدير الطاقات النظيفة خلال العقود القليلة المقبلة، على غرار الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، والتي من المتوقع أن تنافس الوقود الأحفوري.
ويكمن جزء من أهمية مجموعة بريكس في امتلاكها النفط والقمح والمعادن واسعة الاستخدام مثل الحديد، أو المعادن النادرة المستخدمة في الصناعات التكنولوجية، في حين تستمد الولايات المتحدة قوتها من قوة الدولار وامتلاكها احتياطيات ضخمة من الذهب، تعادل نحو ضعف ما تمتلكه روسيا والصين مجتمعتين.
تعزيز الفرص الاستثمارية وتقويض مكانة الدولار
وفيما يتعلق بالتصريحات الرسمية حول خطوة الانضمام للتكتل بالنسبة لمصر، أكد وزير المالية المصري، محمد معيط، أن انضمام بلاده لمجموعة "بريكس" يسهم في تعزيز الفرص الاستثمارية والتصديرية والتدفقات الأجنبية.
وفي الوقت نفسه، أشار أحد الخبراء الاقتصاديين أن انضمام مصر للتكتل من شأنه المساهمة في حل أزمة الدولار التي تعاني منها مصر في الوقت الحالي.
أوضح معيط أن هذه الخطوة الإيجابية الإضافية التي تعكس الثقل السياسي والاقتصادي لمصر، تعمل على دعم سبل التعاون الاقتصادي وتعميق التبادل التجاري بين مصر والدول الأعضاء في هذا التجمع، الذي يعد أحد أهم التكتلات الاقتصادية في العالم، لافتا إلى أن تنوع الهيكل الإنتاجي والسلعي للصادرات يحقق التكامل لسلاسل الإمداد والتوريد بين دول "البريكس".
وأضاف الوزير، أن التعامل بالعملات الوطنية بين الدول الأعضاء في تجمع "بريكس" يساعد مصر في ترشيد سلة عملات الفاتورة الاستيرادية، ومن ثم تخفيف الضغوط على الموازنة العامة للدولة التي تتحمل أعباء ضخمة لتوفير الاحتياجات الأساسية من القمح والوقود، في أعقاب اندلاع الحرب بأوروبا وما ترتب عليها من موجة تضخمية عالمية انعكست في ارتفاع غير مسبوق لأسعار السلع والخدمات، وكذلك زيادة تكلفة التمويل من الأسواق الدولية.
وعلى الجانب الآخر، أكدت حنان رمسيس، خبيرة سوق المال المصري، أن تعويما جديدا للجنيه أمام الدولار الأمريكي في تلك المرحلة غير وارد في أجندة الحكومة، نظرا لما سوف يترتب عليه من تداعيات خطيرة، وهناك بدائل أخرى يجري العمل عليها للتخفيف من الأزمة ومن بينها الانضمام إلى مجموعة "بريكس".
وأضافت في حديثها لموقع "سبوتنيك"، أن هناك بدائل أخرى تحاول الحكومة استخدامها بديلا عن تخفيض جديد لقيمة الجنيه مقابل الدولار، من بينها زيادة الصادرات والانتعاشة السياحية، علاوة على أن مصر تقدمت بطلب رسمي من أجل الانضمام إلى مجموعة (بريكس)، وهو ما حدث بالفعل أمس الخميس، علاوة على أن الصين وروسيا يعملان على الحد من هيمنة الدولار الأمريكي رغم عدم وجود عملة موحدة حتى الآن.
وقالت رمسيس، في اعتقادي أن عرش الدولار سوف يهتز بشدة خلال الفترة القادمة في مصر، ومع هذا يجب أن نضع في الاعتبار المراجعة الدورية لصندوق النقد الدولي، وعندما يجدوا أن هناك انتعاش سوف يتراجعوا عن طلبهم بحتمية تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار.
ولفتت رمسيس إلى أن انضمام مصر ودول عربية أخرى سيغير الكثير من الأوضاع في مصر وخاصة الاقتصادية، علاو ة على أن "بريكس" سوف تعمل على تقوية مراكز أعضائها من الدول من خلال التعاملات المباشرة لأعضاء مجموعة البريكس وبعملاتهم المحلية حتى يتم التوافق على إصدار عملة موحدة للمجموعة.
واختتمت رمسيس: بالفعل هناك تعاملات جارية وتبادل تجاري بين أعضاء مجموعة "بريكس"، وبين أعضاء البريكس ودول غير أعضاء، حيث يستخدم الطرفين العملات المحلية في عملية التبادل التجاري، الأمر الذي سيهدد عرش الدولار وخلق مستقبل جيد للدول الأكثر معاناة.