إسقاط الدولار يعتبر هو هاجس للكثير من الدول فلاشك أن السيطرة الوحيدة والمطلقة للدولار الأمريكي على التجارة العالمية ونظام المدفوعات العالمي يشكل ضرر للكثير من دول العالم، كذلك فإن التقلبات لسعر العملة الأمريكية تؤثر بشكل كبير على اقتصادات الدول الناشئة.
فعلى سبيل المثال نجد أن تكتل بريكس الاقتصادي كان قد عقد القمة الأخيرة له وقد ضمت دول الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب إفريقيا، وقد قرروا ضم 6 من الدول الجديدة وهي مصر والأرجنتين والسعودية والإمارات وإيران وأثيوبيا، عبر مسعى جاد من تلك الدول في التوسعة من أجل المضي قدماً في التخلي عن الدولار.
سيطرة الدولار على الاقتصاد العالمي
لاشك أن السيطرة الوحيدة والمطلقة للدولار الأمريكي على التجارة العالمية ونظام المدفوعات العالمي يشكل ضرر للكثير من دول العالم، كذلك فإن التقلبات لسعر العملة الأمريكية تؤثر بشكل كبير على اقتصادات الدول الناشئة.
لذلك نجد أن لارتفاع الدولار يمكنه أن يتسبب بفوضى في خارج الولايات المتحدة عبر التخارج للاستثمارات، كذلك فإنه يزيد بشكل مبالغ فيه من إعادة السداد للديون المقومة به، بالإضافة لمشاكل تواجه العديد من الدول بشراء منتجاتها المستوردة من الخارج عبر العملة الأمريكية.
كان قد تسبب اتجاه الاحتياطي الفيدرالي بتشديد السياسة النقدية بدفع البنوك المركزية الأخرى في العالم برفع معدل الفائدة بوتيرة كبيرة مماثلة، وذلك من أجل تجنب التخارج لرؤوس الأموال وحدوث تراجع قوي بقيمة العملات المحلية.
في الفترة الأخيرة تصاعدت حدة المخاوف الخاصة باستخدام الولايات المتحدة للدولار كسلاح من أجل فرض عقوبات ضد بعض الدول، حيث نجد أن روسيا تعرضت لعقوبات كبيرة حيث تضمنت إبعادها من النظام المالي العالمي مع تجميد مايقارب من نصف الاحتياطات الخاصة بها من العملات وذلك بعدما قامت بغزو أوكرانيا.
كانت جانيت يلين وزيرة الخزانة الأمريكية قد حذرت من أن العقوبات الاقتصادية والتي تقوم واشنطن بفرضها على دول مثل روسيا تهدد بالتقويض للهيمنة العالمية للدولار الأمريكي.
محاولات دول العالم في تقليص دور الدولار
قامت بعض دول العالم بمحاولة تقليص دور الدولار في التعاملات التجارية، وذلك عبر استخدام عملات أخرى من خلال محاولة التقليص لدور الورقة الخضراء في التجارة الدولية.
حيث نجد ارتفاع حصة اليوان الصيني بمعاملات سوق الصرف في خارج البورصة المركزية من الصفر تقريباً قبل نحو 15 عام لتصل عند 7 بالمائة في الوقت الحالي، كما أن الصين قامت بمبادلة سلع مع روسيا بالعملات المحلية.
كذلك استخدمت الهند عملتها الروبية ببعض المعاملات التجارية المحدودة مع دول أخرى مثل ماليزيا وروسيا ودولة الإمارات العربية.
ويعتبر الذهب هو أهم البدائل المتاحة أمام البنوك المركزية التي ترغب في تخفيض الاعتماد على الدولار الأمريكي، وقد كانت مشتريات البنوك المركزية سجلت 1136 طن في عام 2022 بنسبة زيادة بنحو 153% عن العام السابق.
نجد كذلك قيام بعض الدول بالتخفيض لحيازتها لسندات الخزانة الأمريكية وذلك بشكل تدريجي في خلال الأعوام السابقة، عبر مسعى منها للتخفيف من قوة الاعتماد على الدولار، فعلى سبيل المثال نجد أن الصين قللت من حيازتها من السندات الأمريكية حيث بلغت 836 مليار دولار في شهر يونيو الماضي حيث سجلت أقل مستوى لها في 14 عام.
الهيمنة تستمر رغم المحاولات
رغم محاولات الدول لا تزال مكانة الدولار قوية، فبالرغم من الانتقادات التي تحيط بالدولار الأمريكي والمحاولات الحثيثة من دول العالم بتقليل سيطرته، لايزال للورقة الخضراء سيطرة على المدفوعات الخاصة بالتجارة وكذلك الاحتياطات العالمية.
بالنظر للاحتياطات الدولية فقد وصلت حصة الدولار إلى نحو 59 بالمائة من الاحتياطات الخاصة بالبنوك المركزية بختام الربع الأول من العام الحالي.
الدولار يظل بعيد عن اليورو والذي يعتبر أقرب منافسيه حيث تبلغ حصته من الاحتياطات مايقارب من 20%، ثم بعد ذلك الين الياباني بنسبة 5.4%، ومن ثم الإسترليني ب 4.7%.
هل تنجح دول العالم في هزيمة الدولار؟
إن أهمية الدولار كعملة رئيسية عالمية تنبع من الحجم الضخم والقوي لاقتصاد الولايات المتحدة وأهميته في التجارة الدولية، إضافة لحجم وانفتاح الأسواق المالية، والقبول الكبير للعملة في التجارة الدولية كذلك نجد أن عدد كبير جداً من السلع الأساسية مسعر بالدولار ومنها النفط.
وعلى الرغم من الهبوط لحصة الدولار احتياطات البنوك المركزية وذلك على مدى العقود السابقة، مع وجود الكثير من التوترات الجيوسياسية المتزايدة فإنه لا وجود لبدائل قابلة للتطبيق في الوقت الحالي.
كما نجد أن سوق سندات الخزانة الأمريكي والذي تقدر قيمته بنحو 23 تريليون دولار يعتبر هو أحد أهم العوامل التي تدعم مكانة الدولار، حيث أنه ينظر إليه باعتباره ملاذ آمن للدول والشركات كما أنه يسهل شرائها مع تحويلها لسيولة في أي وقت.
ويرى بعض المحللين الاقتصاديين أن سيطرة الدولار على التجارة الدولية وعلى المدفوعات العالمية سوف تستمر بلا منازع حقيقي، وذلك لمدة عقود قادمة
لاشك أن عملية الابتعاد عن الدولار تعتبر بطيئة بشكل كبير جداً، كذلك فإنها تحتاج لعدد ضخم جداً من المستوردين والمصدرين ومقدمي القروض والمقرضين على مستوى العالم والذين سوف يتخذون القرار باستخدام عملات أخرى بديلة.