"يسود معظم الأنشطة الاقتصادية عدم التأكد، وهذا لأن معظم القرارات يتم اتخاذها بواسطة الخبرة و البداهة"
جون كينز
إن الحرب في أي سوق هي حرب معلومات، وعلى هذا تقوم كل الأسواق، وأكثر الأسواق حساسية للمعلومات هي أسواق المال والتي وصفها الدكتور عبد اللطيف مصطفى الجزائري في نظريته كفائه الأسواق على أنها أسواق هشة وهذا لأننا نفتقر للمعلومات التي لا يعلمها إلا المؤثر الإعلامي في السوق، أو صانع السياسية، لكن ما يجعلنا نؤمن كإقتصاديين و محللين أن لنا قدرة على الربح من السوق ليس اليقين من أن ما نتوقعه صحيح وإنما لأننا نعرف حالات الغموض في السوق و التي لا ينفع فيها التوقع و نعرف أنه لو امتلك الجميع ذات المعلومة لفشل النظام الاقتصادي في أن يربح الجميع وهذا ما يقوم عليه منطق الربح في أسواق المال ... عليك أن تعلم ما لا يعلمه الجميع لكي تربح ... وتؤمن أن السوق يسوده عدم التأكد في غالب أوقاته
آخر التطورات الفنية
"السوق لو كان قائماً على اليقين، لاختلفت المعايير تمامًا"
مارك دوجلاس
إن أفضل المتداولين قد تطوروا تدريجيا للوصول لمرحلة من الإيمان بأن أي شيء في الأسواق يمكن أن يحصل، وليس من يربح فيها هو من يكون على صواب وإنما من يكون قادراً على إدراك أنه مخطئ فيناظر السوق إلى ما يحتاجه.
في الأسبوع السابق كان الذهب بانتظار الفائدة الأميركية، ونشرنا مقال وضحنا فيه أن للصعود شروط صارمة إن لم تتحقق جميعها سنرى وهم الصعود لا الصعود وهذا ما حدث فعلاً فقد صعد الذهب قبل خبر الفائدة نحو 1945، ثم تثبيت سعر الفائدة إلا أن خطاب جيروم بأول أتى بتحيز إلى الذهب بشكل كبير وهذا ما دفع السعر نحو الهبوط بشمعة قوية أعادت الذهب لما كان عليه قبل سعر الفائدة، ويتداول الذهب في الوقت الحالي بالقرب من 1925 والتي تعد ثاني أهم منطقة بعد منطقة التجميع (1900 – 1910) والتي عليها تركيز اعلامي كبير
آخر الأخبار وأثرها على السعر
"الاقتصادي البارع هو الاقتصادي القادر على استقراء ما تخفيه الأسعار"
تشارلز ويلان
ينتظر الذهب في هذا الأسبوع الكثير من الأخبار التي قد يكون لها أثر مفصلي والتي يمكن أن نقسمها على النحو التالي:
1.أخبار ذو صلة بالواقع الاقتصاد في الولايات (مبيعات المنازل، مؤشر ثقة المستهلك)
2.أخبار ذو صلة بالخطط التي تتعلق بواقع الولايات وهي الخطابات الرنانة التي ستتكلم عن مسيرة الفيدرالي في السياسة النقدية
نظراً لكثرة الأخبار وتضاربها فبهذه الحالة نرشح ثلاثة أخبار ذو الأثر الأكبر:
1. مبيعات المنازل و التي ارتفاعها يشير إلى بدئ تحسن الواقع الاقتصادي مما يؤخر صعود الذهب
2. مؤشر ثقة المستهلك والذي من المتوقع انخفاضه بشدة و هذا ينعكس إيجاباً على الذهب
3. حديث رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي
الخلاصة:
نتوقع من حيث النظرة الأساسية و التشديد الذي اتبعه باول في خطابه الأخير أن الفيدرالي رغم سياسته الشديدة التي اتبعها منذ منتصف السنة السابقة حتى هذه اللحظة إلا أن التضخم لم ينخفض كثيراً وهذا سيبقى الفيدرالي على سياسته دون أي تغير وقد نرى زيادة وهذا ما يجعلنا نتوقع علائم ركود تضخمي، كون الفيدرالي يكابد لكبح التضخم و إن التضخم إذا كبح بهذه القساوة سنرى نظير الاقتصاد الطبيعي وهو الركود وهذا يقابله صعود السلع رغم صعود الدولار، ولهذا نوهنا عدة مرات في حساباتنا الشخصية أن العلاقة بين الدولار و الذهب قد أصبحت أقل مرونة.
التحليل الفني للسعر
بالنظر فنياً للسعر نلاحظ التالي:
1. على الرغم من الزخة الهابطة التي تعرض لها الذهب نتيجة الخطاب إلا أنه احترم سلوك الموجة السعرية الثالثة الصاعدة، ولم يكسر مستوى 1910
2. السعر يتداول أعلى منطقة تجميع تم اختبارها خمس رات على التوالي في كل مرة نرى زخماً أكبر من سابقه وهذا يدل على إمكانية صعود السعر بحال توفر محفز
3. السعر بهبوط الأخير الذي حصل الشهر السابق، اختبر نموذج الراية الصاعد
الخلاصة الفنية:
السعر رغم عوامل الصعود إلا أنه بالقرب من منطقة حيادية سيختبرها عاجلاً أم آجلاً وهي 1900، ثم إن استقر أعلاها سنرى استهداف للموجة السعرية الثالثة
السوق على المدى المتوسط بناء على التحليل الفني
" ليس من الضروري معرفة إلى أين سيذهب الاتجاه بقدر ما يهم أن تعرف كيف ستتصرف مهما حدث فهذا دورك كمتداول"
مارك دوجلاس في كتابه Trading in the zone
كوننا ننطلق من أن السوق بيئة احتمالية و أن أي احتمال فيها وارد، ولا يسعنى سوى أن نرجح احتمال على آخر بحال تحقق شرط هذا الاحتمال وهذا ما يسمى أسلوب الشرط و النتيجة، فعليه نقول
السيناريو الأول
الشرط: انخفاض مؤشر ثقة المستهلك، اختبار 1900، الإغلاق أعلى 1920
دقة السيناريو: 60%
بحال تحقق الشروط الثلاثة سابقاً سنرى صعود نحو 1950، 1965
السيناريو الثاني
الشرط: فشل الشرط السابق كاملاً تعني أننا أمام حالة غموض قد تودي إلا الهبوط
دقة السيناريو: 40%
تداول عرضي نحو 1890
رأي المحلل الفني
في الختام عزيزي القارئ تذكر أن الأسواق قد يعتريها حالات من الغموض وأن شرط الصعود لن يتحقق وهذا طبيعي وعليك أن تعلم أن المهارة في التعامل مع حالات السوق بنظام إدارة مخاطر أكثر من براعة في التوقع فقد وجدت أن هبوط 10$ للذهب جعلت الجميع في حالة ذعر و خروج من السوق وهذا إن دل فإنه يدل على سوء التعامل مع السوق وليس سوء تحليل فمن الطبيعي أن نشتري سلعة ثم تتراجع هذه السلعة لان المتداول البارع يقيس الكم الذي يستطيع حسابه أن يستوعبه من الصفقات التي تتراجع ... بكل الحب أقول لك ألا تستهين بالأسواق حتى لا تستهين الأسواق بك
المحلل: عمر الصياح
للمزيد تابعنا على التويتر
Twitter: @omarsyyah