في شهر سبتمبر الماضي تكبدت الأسهم الأمريكية لخسائر قوية جداً، جاء ذلك في ظل التراجع المتوقع لها وسط سجلات سلبية بتحقيق معدلات سلبية كثيرة ب وول ستريت في هذا الشهر، كان ذلك مع التحول للتوقعات لاستمرار معدلات الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية في حالة من الارتفاع لفترات أبعد، حيث حدث هناك حالة من القلق وعدم اليقين لدى المستثمرين من الصدمات التي قد يتعرض لها سوق الأسهم في خلال الأيام والشهور القادمة.
تسجيل معدلات سلبية تاريخية
قبل البداية لشهر سبتمبر كانت المخاوف تتزايد بشأن الأداء السيء التاريخي للأسهم الأمريكية في هذا الشهر
ومنذ العام 1945 حقق مؤشر ال العقود الآجلة لمؤشر إس آند بي 500 متوسط عائد شهري قدر ب -0.74 بسبتمبر وهوما أعتبر أسوأ أداء شهري في العام.
وكان كذلك سبتمبر هو الشهر الوحيد والذي شهد انخفاض لمؤشر آس آند بي 500 بشكل دائم أكثر من الارتفاع وعبر معدلات صعود قدرت ب 44 بالمائة.
في آخر خمسة سنوات انخفض مؤشر الأسهم الأمريكي ب 3.4 بالمائة بالمتوسط لينخفض في آخر 3 سنوات وذلك على التوالي.
نجد أن الأسهم الأمريكية استمرت في تسجيل أداء سلبي في شهر سبتمبر، حيث كررت خسائرها الكبيرة في ذلك الشهر لرابع عام على التوالي.
ما هي العوامل التي تسببت في ضغط السوق؟
صرحت مديرة تكنولوجيا المعلومات بالمكتب العائلي ب بي إم أوه أن التراجع لسوق الأسهم الأمريكي جاء بسبب قائمة كبيرة جداً من المخاوف.
كذلك فقد أشارت شيلف أن حالة القلق للمستثمرين يتركز بصورة كبيرة على مدى قدرة الاحتياطي الفيدرالي بتحقيق هبوط سلس للاقتصاد، وسط المخاوف الخاصة بالآفاق الاقتصادية بالولايات المتحدة.
وقد تعرضت الأسهم الأمريكية لحالة من الضغط الهبوطي بالتزامن مع موجات بيعية بسوق سندات الخزانة الأمريكية.
كما ارتفع العائد على السندات الأمريكية لأجل عشرة سنوات عند أعلى مستوى منذ العام 2007 لتصل عند 4.7 بالمائة في خلال الشهر السابق، مع التوقعات باستمرار حالة التشديد للسياسة النقدية من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
كما أن جين ريد وهو خبير استراتيجي بدويتشه بنك رأى أن الارتفاع الأخير بعائد السندات يرجع بشكل جزئي أن المستثمرين يقومون بالتوقع إلى أن معدلات الفائدة سوف تستمر لفترات أطول.
كان بنك الاحتياطي الفيدرالي قد توقع في الاجتماع الأخير بقاء معدل الفائدة مرتفع لفترة أكبر، مع التوقعات بإقرار الزيادة الإضافية بالفائدة قبل ختام العام، وذلك بعد التثبيت في اجتماع شهر سبتمبر عند 5.25 و 5.5 بالمائة.
توقع بنك الفيدرالي مسار أكثر بطء لعمليات تخفيض الفائدة في العام 2024، بالمقارنة بالتوقعات السابقة والتقديرات بالأسواق المالية.
وقد رأى كيفين جوردون وهو كبير استراتيجي بالاستثمار ب تشارلز شواب، أن الأسواق كانت مخطئة فيما يخص التوقعات لسياسات الفيدرالي وذلك طوال جزء كبير من العام، ولكن بدأت بأعتناق فكرة أن البنك المركزي ربما قد يعني بالفعل التوقعات فيما يخص السياسة.
كما أشار روبرت فيبس وهو مدير شركة بيير سترلنغ كابيتال أن مايحرك كل شيء بسوق الأسهم في الوقت الحالي هو معدل الفائدة، وهو ما دفع الفيدرالي الكثير من المستثمرين للثقة به هو أن التباطؤ للتضخم لا يعد سبب كافي لتخفيض الفائدة.
أما على الجانب الآخر فقد تأثرت الأسهم الأمريكية بشكل سلبي وبهدوء الطفرة لأسهم التكنولوجيا وللذكاء الاصطناعي ب الوول ستريت،
ونجد أن الأسهم الكبرى وهي آبل (NASDAQ:AAPL) و مايكروسوفت (NASDAQ:MSFT) وميتا وأمازون (NASDAQ:AMZN) وتسلا (NASDAQ:TSLA) وألفابت وإنفيديا تتداول بعيد عن القمة التي سجلت في شهر يوليو الماضي،
حالة عدم اليقين تسيطر على النفوس
تختلف التوقعات الخاصة بالمحللين فيما يخص أداء سوق الأسهم الأمريكي في خلال ماتبقى من العام الحالي، مع الرؤى المختلفة تجاه التطورات الاقتصادية والخاصة بالسياسات النقدية.
وقد صرح ليز يونج رئيس وحدة الاستراتيجية للاستثمار ب صوفي أنه بينما أن مؤشر إس آند بي 500 ليس في مناطق تصحيح، لكنه تراجع ب 10 بالمائة من الذروة التي سجلت في يوم 31 يوليو، وهذا الأمر يعني أن السوق قد يكون لديه مساحات أكبر للانخفاض، وقد ذكر يونج أن هناك خطر كبير على الجانب السلبي وأنه قد يكون على المدى القريب.
وقد كان هناك توقع من جريج بوتل وهو رئيس الاستراتيجية للأسهم والمشتقات الأمريكية ببنك بي إن بي باربيا، بأن ينهي مؤشر ال إس آند بي 500 العام 2023 عند مستويات 3400 نقطة، حيث أنه بذلك قد يقل بنسبة 11 بالمائة عن ختام العام السابق ويمثل انخفاض ب 27% من الذروة التي كانت قد سجلت في شهر يوليو.
أما على الجانب الموازي فقد يثير الارتفاع لأسعار النفط المخاوف للمستثمرين تجاه الآفاق ل وول ستريت في خلال الشهور القادمة.
كان خام نايمكس قد تخطى حاجز الـ 95 دولار في خلال الأسبوع السابق، وذلك لأول مرة منذ شهر نوفمبر من العام 2022 مع التراجع لإنتاج الخام والنقص في المخزونات.
كما يثير الارتفاع لأسعار النفط المخاوف لدى المستثمرين فإن الزيادة في الأسعار سوف ترفع من التكاليف الخاصة بالإنتاج للشركات، وتجبر المستهلكين بإنفاق الكثير من الأموال على التدفئة والبنزين، وهو الأمر الذي قد يقلص من الإنفاق الاستهلاكي كما أنه قد يضر بأرباح الشركات وأسواق الأسهم.
كما أن بعض من المستثمرين يخشون من التداعيات بارتفاع أسعار النفط على السياسات النقدية الأمريكية، مع المخاوف بتسارع التضخم،
وقد رفع بنك أوف أمريكا (NYSE:BAC) جلوبال من التقديرات الخاصة بمؤشر إس آند بي 500 ب 7 بالمائة، بالمقارنة بالتقديرات السابقة عند حلول ختام العام الحالي ليصل عند 4600 نقاط.
هل هناك أنهيار قادم للأسهم الأمريكية؟
لاشك أن الأسهم الأمريكية تمر بمرحلة هبوط وصعود بأستمرار، ولاشك أن التصحيح للأسهم هو عملية صحية جداً للسوق، ولكن يجب علينا التنويه هنا أن لارتفاع أسعار الفائدة تأثير سلبي على الأسهم حيث أن هناك علاقة عكسية نوعاً ما بين الارتفاع في سعر الفائدة والأسهم، فلو ارتفع سعر الفائدة فإن الأفراد سوف يرون عائد أكبر على مدخراتهم من تعاملهم مع أصول أخرى حتى ولو كانت محدودة المخاطرة كشهادات الأيداع أو السندات، وهذا بطبيعة الحال سوف يضعف من الشهية بمخاطرة الأفراد على أن يستثمروا في الأسهم، الأمر الذي يؤدي لتراجع الطلب على الأسهم في نهاية المطاف ومن ثم هبوط في أسعارها، ولكن يجب التنويه ايضاً أن الارتفاع في سعر الفائدة في الوقت الحالي هو أمر مؤقت، حيث أنه بطبيعة الحال سوف يتم خفض سعر الفائدة حتى ولو أخذ الأمر وقتاً أطول مما هو متوقع، وهو ما يبشر بارتفاع أسعار الأسهم في المستقبل.