هدوء الأسواق وعاصفة الفيدرالي قادمة

"الدعاية من أهم عوامل الاقتصاد، لأنها أرخص طريقة لترويج لشيء عديم القيمة"

سنكلير لويس

منذ مطلع عام 1913 ، وحتى يومنا هذا ، اعتاد الفيدرالي منذ تأسيسه أن يحارب كل معضلة اقتصادية بالفائدة فما إن ارتفع التضخم رفع الفيدرالي الفائدة لكبح الاقتصاد وما إن شعر المستثمرين بأن ما لديهم من ورق هو خدعة انطلت عليهم لبراعة التسويق حتى خفضوا الفائدة وأعطوا قيمة لهذا الورق من خلال خفض قيمة السلع ، ففي عام 1948 تم الاتفاق على أن الذهب بديل للدولار ولكن عام 1974 كان لريتشارد نيكسون رأي مختلف بذلك ووجود أن الفائدة الصادرة من الفيدرالي كفيلة بأن تحمي الدولار بحال تم فصل الذهب عنه ، وهذا حقيقة ما حدث فكل معضلة كانت تمر بها الولايات كانت تعالج من خلال الفائدة وهذا ما كان يقصده رئيس وزراء بريطانيا السابق ونستون تشرتشل عندما قال أن الولايات سوقت الذهاب للجحيم على أنه متعة ، أما عن حقيقة أن الولايات واجهت أكثر من معضلة مجتمعة مع بعضها البعض باستخدام الفائدة فهذا ما سنراه مع سيناريو الذهب خلال الأيام القادمة.

آخر التطورات الفنية

هبط الذهب خلال تداولات صباح يوم الجمعة إلى 1995 بعد بقائه نحو 15 يوماً متداولاً فيه أعلى من 2000$ في ظل ترقب العالم أخبار الفائدة و البطالة و التضخم و التصعيد في أوكرانيا ، وفي الشرق الأوسط.

آخر الأخبار وأثرها على السعر" المشكلة أن الصحافة لا يمكنها أن تخبرك كامل الحقيقة"

توم وليامز في كتابه Master the market

إذا أردنا أن نلخص الأخبار لهذا الأسبوع فهي تتمحور ضمن بندين لا ثالث لهما الأول

·الضغوط المحيطة على الدولار والقادمة من الحرب و التضخم الذي تحدثه الحرب.

·التخوف من تأثر الدولار بشكل مبالغ فيه نتيجة دخول سلعة تحوطية جديدة.

وهذا يأتي من الأخبار التالية:

·ما زال الصراع في الشرق الاسط قائماً ومحصوراً ما بين دول المقاومة ( فلسطين ، إيران ، لبنان) مما يجعل فكرة بقاء الأسعار المرتفعة وارد ، ولكن استمرار الصعود مرهون باستمرار التصعيد وهذا بحال حدث احتكاك مباشر ما بين دول الأقطاب ( روسيا ، أميركا ) لا دول المقاومة.

·الحرب في أوكرانيا ما زالت قائمة ، إلا أن التعتيم الإعلامي كان له أثر أكبر من الحرب.

·ما زالت فكرة الهجوم على تايوان من الصين قائمة وهذا بحال حدث ، فإن أسعار الذهب لن تقل عن 2100$.

·اقتراب فترة الانتخابات في الولايات المتحدة يثير القلق في حال استمرار جو بايدن في الرئاسة وهذا ما يدفع بقاء أسعار الذهب مرتفعة كوننا على يقين بأن سلوكه ميال إلى الحرب مقارنة بترامب والذي ساهم بشكل كبير في تعزيز أسعار الأسهم وليس الذهب (عموماَ اقتراب الانتخابات تعني قلق ومنه ارتفاع أسعار الذهب).

·اقتراب فترة قبول البيتكوين من قبل هيئة الأوراق المالية الأميركية SEC ، وإدراجه ضمن أكبر صندوق تداولي في الاقتصادي العالمي Blackrock ، يجعلنا نقول أن هناك سلعة جديدة ستدخل الساحة يشكل قلق عند الاقتصاديين ذو الفئة العمرية الكبيرة وبكل أسف هم ما زالوا حتى هذه اللحظة على النهج القديم وهذا القلق يدفع أسعار الذهب للارتفاع.

·هذا الأسبوع نحن بانتظار خبر الفائدة الأميركية و من المتوقع بشكل كبير أن يتم تثبيت سعر الفائدة ولا يأتي التخوف من التثبيت بقدر ما يأتي من احتمالية خفض سعر الفائدة في الربع الأول من سنة 2024 لنرى ارتفاعات تم كبتها منذ حوالي ست أشهر علماً أن التوقع سيصدر مساء يوم الأربعاء.

الخلاصة

الحروب ، التضخم ، الركود المتوقع ، أزمة الديون ، و ترقب الانتخابات هي كلها عقبات اعتادت الولايات الأميركية أن تتعامل معها بأداة الفائدة ( عن طريق تغير سعر الفائدة) ولكن بشرط أن تتعامل مع كل معضلة على حدى لا مجتمعة وهذا ما يثير تخوف كبار المحافظ الاستثمارية ومنه ارتفاع دون نقاش أو ضمان بقاء الارتفاع على الأقل، ولكني نظرا ً لأني أكره التشاؤم المفرط في السوق يسعني أن أقول أن ما سنمر به هو فترة تخوف تدفع الدولار الأميركي لأن يكون في مرحلة ضعف.

التحليل الفني للسعر" السوق بيئة احتمالات ولا ينجح فيها من يتهيب للحدث ذو الاحتمال العالي ، وإنما من يدرس كل احتمال وكيف يتصرف معه"

مارك دوجلاس

بالنظر إلى الشارت الزمني للذهب نلاحظ:

·إن أعلى منطقة تداول وفقاً لمؤشرات الفوليوم هي 1985 ، وهي منطقة دخول البنوك.

·السعر بهبوطه السابق يختبر مستوى 2000-2015 والذي تبين لنا أنه هش ، وهذا يعني أنه بحال صعد مرة أخرى من مستوى 1985 فإن مستوى 2015 لن يكون عائق وإنما مستوى 2050 هو العائق.

·وجود نموذج الرأس و الكتفين الاستمراري مع ارتفاع الزخم التداولي ، علماً أن نموذج الرأس و الكتفين الاستمراري هو الذي يكون فيه اتجاه قبة الرأس على توافق مع الاتجاه السابق ، ويشير إلى استمرار الاتجاه بشرط أن يكون هناك زخم، وهذا ما رأيناه حالياً بالنظر على شارت الذهب وهذا ما يجعلنا

نقول أن هناك إمكانية استمرار سعر الصعود.

الخلاصة:

في تحليلنا للأسبوع السابق ضمن مقال طبول الحرب تقرع نوهنا أن الذهب لا بد له من عملية تصحيح تستهدف 1985 – 2000 ونوهنا أيضاً أن الصعود وارد ولكن على السعر أن يصحح قبل الصعود وحالياً نكمل التحليل بأن نخبرك بأن عوامل الصعود واضحة ولكن على الذهب أن ينهي التصحيح باستهداف 1985 وهي التي تشكل منطقة الارتكاز و الانطلاق نحو 2100 شرط أن يختبر السعر 1985 ويغلق أعلاها في صباح يوم الأربعاء.

شرط تحقق التحليل الفني:

اختبار 1985 ، ثم الإغلاق و الافتتاح السعر أعلى 1985 ، حينها نقول أنها منطقة شراء آمنة و أن السعر صاعد نحو 2100$.

بحال عدم تحقق الشرط:

إن فشل الإغلاق أعلى 1985 ، تعني إمكانية استمرار التصحيح نحو 1944 وهي أدنى نظرة سلبية ممكن أن تحصل بأسوأ الأمور

.

على المدى البعيد

ما زالت نظرتي على الذهب على المدى البعيد دون أي تغير ، وهي أن الذهب كأصل لحفظ القيمة أصبح ذو طلب أكبر مما سبق وهذا ما يجعل سعر 2000$ للأونصة الواحدة جيدة للادخار خلال سنة 2024 – 2025.

رأي المستشار

عزيزي القارئ إن التعامل مع الذهب يقتضي بأن تحدد أفضل سعر للشراء ، ثم تقرر آلية الشراء فإذا كانت من خلال رافعة مالية فهنا عليك أخذ التذبذب بعين الاعتبار حتى تحافظ على حسابك ، وإذا كانت من خلال بنوك ، أو شراء فيزيائي حينها تذكر أنك تحفظ قيمة ولا تحقق ربح لذا تذكر أن التعامل مع الذهب له قواعد ، وهذه القواعد تختلف باختلاف وجهتك ، في الختام إن أفضل وجهة هي أن يكن زادك العلم و المعرفة حتى يكون الطريق آمناً ... كل الحب

المستشار عمر جاسم آلصياح

لمزيد من الأخبار، تابعنا على التويتر ...

X: @omarsyyah