الصعود في آخر مرحلة وإليك النتيجة

" التداول الجيد هو ليس قرار خارق الذكاء، وإنما إدارة الإخفاق أو الأحداث الغير متوقعة بذكاء  "

 جورج ساروس

ما جعل ساروس يصل إلى هذه الشهرة هي ليست براعته في التحليل، ولا حتى قدرته في توقع الاتجاه فهو بالنهاية كان مضارباً،   وإنما قدرته على تجاوز العقبات في كل مرة يكون فيها هناك حدث غير متوقع، وهذا يعود لما رأينا من تصريحات صرحها عام 1929 في الثلاثاء الأسود عندما انهارت البورصة الأميركية، وخرجت نسبة لا تقل عن 70% من المتداولين من السوق بخسارة كبيرة، ليقول بكل بساطة أنه خرج من السوق عندما رأى أن الهبوط أصبح أكثر من المتوقع وأنه بهذه المرحلة كان يحتاج لتبرير لوجوده ضمن السوق لكنه وجد تبريرات أكثر لانتظار السوق لا للوجود في السوق، ونظراً لعدم وجود تبرير بكل بساطة اكتفى بالمشاهدة وهذا تماماً ما يفتقره فئة من المتداولين.

آخر التطورات الفنية

" المحلل الذي يرى الفئة الكبيرة أنه جيد هو المحلل الذي يستطيع تبرير لماذا تحليله لم يعمل "

 نيكولاس ناسيم اقتصادي فرنسي

في ظل رفع التوقعات حول خفض الفائدة الأميركية، وفي ظل التخوف من استمرار القلق في الشرق الأوسط الذي قد يتمدد في أي لحظة، وفي ظل بدء الصين التعامل الفعلي مع روسيا دون وجود للدولار كوسيط لهذا التعامل وجدنا الذهب يرتفع نحو 2150$ للأونصة الواحدة، مع استمرار ارتفاعه في وقت كتابة المقال، وأضف على ذلك ارتفاع قطاع العملات الرقمة، في ظل فترة يجب أن تقوم بها بتصحيح لكن ما تبين لنا لاحقاُ أن الحكومة الأميركية في ظل الدين الأميركي، والركود التضخمي المتوقع، والحرب التي تنفق عليها، و المناوشات الروسية التي تأتيها من كل حدب وصوب بدأت تفقد السيطرة.

لكن لماذا لم يكن هذا الارتفاع متوقع، ومال الجميع إلى البيع ؟

في تحليلي السابق عن الذهب نوهت أن هناك تصحيح، وأي صعود دون أن يكون هناك تصحيح فهذا يعني بكل بساطة صعود ناتج عن عاطفة وهو غير آمن لذا اعتزال السوق أفضل من المراهنة عليه، ولكن في ظل كل ما سبق من الطبيعي جداً أن ترتفع العاطفة للذهب، خصوصاً أننا نرى الخوف من الدولار في ذروته وفي قمة لم يبلغها منذ عشر سنوات، وما أقصده بأن الارتفاع غير آمن هو أن الشراء بهذه الحالة أو البيع غير مرتكز على سبب اقتصادي، أي احتمالية أن يرد حدث غير متوقع يؤثر على السوق أعلى بالضعف من أن يرد حدث متوقع.

نظرة فنية سريعة على الذهب

بالنظر فنياً على الذهب نلاحظ:

· أن الفوليوم ارتفع عند 2100$ بمقدار ملحوظ ولكنه أقل من مستوى 2030$ وهذا ما يؤكد لنا أن الارتفاع ناتج عن عاطفة ولذا هو غير آمن، وأن قاعنا الجديد هو 2030، وليس 1985$.

· تنتهي القناة السعرية الصاعدة عند مستوى 2275$ ولذا هي مستوى أصبح قريب المنال، وخصوصاً إذا أغلق السعر أعلى قمته التاريخية في نهاية هذا الأسبوع.

الخلاصة:

الصعد نحو 2275$ وارد، لكن لا يوجد أي استناد فني لصعود قوي وإنما عاطفة وموجة إليوت خامسة لا تحوي على عزم كافي لاستقرار الصعود  لذا الصعود غير مستقر، ثم إننا نتوقع تصحيح عنيف نحو  2030$ كأقصى حد، خصوصاً إذا أغلق السعر أسفل 2150$

شرط الصعود: إغلاق السعر أعلى 2150$، في نهاية الأسبوع التداولي.

والأهم من أن الصعود وارد أن هذا الصعود ( الغير آمن ) وضح لنا ما هو القاع الجديد للذهب، وهذا تماماً ما يقصده ساروس بفكرة أنه لم يجد التبرير لدخول السوق ولكن وجد التبرير للانتظار، لذا نحن بانتظار تصحيح حتى نفكر في الشراء.

هل الشراء فات ومتى يكون الشراء أمر صحيح

سواء في العملات الرقمية، أم الذهب، لا يمكن الجزم دوماً بالمطلق أن الشراء قد فات فطالما أن هناك إمكانية لوجود أشخاص تقوم بجني الأرباح فهذا يعني إمكانية تراجع في الأسعار لتتيح لك الشراء، ولكن دوماً ما يكون الشراء من التصحيح أقل أماناً من الشراء بالقرب من قاع، وفي ظل وجود سوق صاعدة لا بد أن ننوه لك بعض النقاط التالي عزيزي القارئ وصديقي المتداول.

· إن البحث عن فرصة شراء في ظل سوق صاعدة، سواء كاستثمار أم مضاربة هي من المدارس التداولية التي أثبتت فشلها على مدار سنوات، والذي أثبت نجاحه ورأيته نظام يعتمد في البنوك، و المحافظ الاستثمارية الكبرى هو البحث عن فرصة شراء بالقرب من القاع ( لان القاع صعب أن يدرك أو أن نحصل عليه )، والبحث عن إغلاق وليس البيع على المكشوف في ظل السوق الصاعدة.

· يكون الشراء آمن بحالتين فقط الأولى هي أن يكون السعر أسفل المتوسط للسعر الطبيعي بناء على الفوليوم أو بالقرب منه، وهذا يكون من خلال مؤشر VWMA، وأن يكون الشراء بالقرب من تركز سيولة عالية تبدو هذه السيولة لصانع السوق، وهذا يكون من خلال مؤشر anchored volume profile.

وبحال فرط الصعود لا تفكر بالمطلق في البيع على المكشوف، لأن ما يسبب دمار أي مستثمر هو البيع لا الشراء وإنما في حال فرط الصعود قم بالتفكير بإغلاق الصفقة إذا كان لديك مراكز مفتوحة، أو بكل بساطة الانتظار.لماذا أنا ضد البيع على المكشوف

يعود وجود البيع على المكشوف إلى عام 2007، أي بعد صدور ما يقارب 90% من المدارس و الكتب التداولية، وهذا ما يجعلني أقول أن التحليل الفني الذي ينطبق على الشراء لا ينطبق على البيع، وأضف على ذلك أنه تم تصميم البيع على المكشوف لأجل القطيع التداولي وليس من أجل صانع السوق، والأهم من هذا كله إذا كنت جيداً في التاريخ والاقتصاد ستعرف أن أزمة الرهن العقاري كان جزءً من تفاقمها هو وجود البيع على المكشوف.

ارشح لك فيلم The Big short  فإنه يعرض لك القصة كاملة.

كيف أعرف المستويات المهمة في ظل صعود السوق لمناطق جديدة

في ظل هذا الارتفاع القياسي سواء للذهب أم  العملات سيظهر نوع جديد من أنواع التوقعات هو التوقع القائم على الجبر إلى أقرب رقم، على سبيل المثال نحن حالياً عند 2150$ للذهب سيخبرك المحلل حينها أنه من المتوقع استمرار الذهب إلى 2200$، هذه الطريقة أقرب إلى أن تسمى فن الهبد، لأنها علمياً غير صحيحة.

في ظل صعود السوق إلى مستوى سعري جديد لم نزره من قبل فيهمنا أن نعرف معلومتين عن هذه الزيارة:

الأولى: هي القاع الجديد.

الثانية: ما هي أعلى نقطة يمكن أن يزورها السعر.

التحليل الفني دوماً ما يبالغ بتوقع أعلى نقطة، وعلى هذا اقتصادياً يرفض قطعاً في توقع أعلى نقطة، ولهذا نحن نستخدم التحليل المالي، والذي يقوم على مفهوم الانحراف المعياري و التوزع الطبيعي للبيانات.

الموضوع يطول جداً ولكن يمكن اختصاره على أنه طريقة نقوم فيها باستخدام النموذج الطبيعي لتوزع البيانات (pattern Normal distribution) والذي يخبرنا على مدار فترة معينة كيف كانت البيانات تتوزع وأين كانت ترتكز ثم بناء على نقطة من البيانات و الانحراف المعياري نحسب مدى إمكانية أن تبتعد النتيجة الحقيقة عن المتوسط الطبيعي للسعر.

في الجدول السابق على سبيل المثال نقول أن أعلى عامود يوضح أعلى نسبة لتكرار حدث معين عند منطقة، وبالتالي أصغر العواميد ستحسب لي الأطراف أي أقل الأحداث احتمالاً أن تقع.

ينعكس هذا الموضوع بالأداة على التحليل المالي تسمى Regression Trend ، وهو بكل بساطة يحسب أبعد نفطة يمكن أن يصل إليها السعر احتمالياً بالاعتماد على تركز البيانات وفق محور معين.

بالصورة الموضحة أعلاه، يخبرنا التحليل المالي أنه على المدى القريب أعلى سعر بأقل احتمال هو مستوى 2180، وعلى المدى البعيد 2275، مع العلم أن ما هو أهم من ذلك أن محور المؤشر ( منطقة تركز الأسعار بشكل عام ) هي ما بين 1985 – 2030 وهي المركز لا الأطراف.

وهذا ما جعلنا نقول أن الذهب أعلى نقطة واردة له حتى هذه اللحظة هي 2275$، وأقل نقطة هي 1985 وبناء عليها نحدد أفضل سعر للشراء، وأفضل سعر للإغلاق.

ننوه أن المؤشر السابق لا يمتد لمفهوم القنوات السعرية بشيء وهو عبارة عن مؤشر يحسب تلقائياً بمنصات التحليل المدفوعة.

رأي المستشار المالي

في الختام عزيزي القارئ فكرة أن يكون المتداول مبدع بالتحليل هي فكرة أقرب بالمستحيلة خصوصاً أنك فعلياً تتعامل مع أرقام، وعواطف وكلاهما يحملان الحوادث الغير متوقعة، وإن الإبداع بالتداول، والاستثمار هو إبداع بإدارة الموقف لا أكثر ومن يخبرك غير ذلك هو إما يحاول أن يبيع لك شيء أو أنه يمتلك ما لا نملك.

المستشار المالي عمر جاسم آل صياح

للمزيد استفسر منا عبر التويتر...X: @omarsyyah