"عندما تعتقد أن كل صعود في السعر هو فرصة ، أنت هنا تماماً لا بد أن تفكر في مجال آخر"
مورجان هوسل في كتابه psychology of money ، يقول أحد أكثر النظريات غرابة للوهلة الأولى في أسواق المال ، ألا وهي أن سبب كل فقاعة اقتصادية هو دخول أشخاص جديدة إلى السوق لا تعي المعنى الحقيقي للسوق وإنما تعي الربح فقط مما تسبب خوف للمستثمر القديم و صانع السوق فيخرج صانع السوق بعد أن تشبع السوق بالقطيع.
تكررت ذات الفكرة مع كيوساكي في كتابه ما لا يستثمر به الأغنياء عندما قال أن بعض الاستثمارات حكر على الأغنياء من خلال فرض ميزانية معينة ودخل معين وشروط ذات صلة، وهذا ليس لأنهم أغنياء وإنما لأنهم أكثر منطقية وهدوء في اتخاذ قراراهم الاستثماري وأكثر حذراً قبل البيع على المكشوف مما يجعل السوق الذي يستثمرون به أكثر استقراراً وهذا لأن السوق يعكس ما يحويه من متداولين أي أن السوق يعكس المشاركين فيه وهذا على رأي الدكتور والتر بيترز في كتابه السوق عارياً.
قد تجد ذلك فعلاً في تدني تراتبية الأسواق من الأسواق الأكثرها استقراراً إلى الأكثرها عنفاً وفوضوية ، فمثلاً المحافظ الاستثمارية الخاصة بالقطاعات الصناعية أقل عنفاً وفوضوية من محافظ القطاع التكنولوجي ، وكذلك الأسهم الأميركية فئة A أقل عنفاً من فئة الأسهم الصغيرة ، وكذلك الأسهم أقل عنفاً من الفوركس والعملات ، وكذلك الفوركس أقل عنفاً من العملات الرقمية.
ولهذا دوماً ما يقال أن ليس كل صعود يكون في السوق هو عبارة عن فرصة، ففكرة أن السوق بكل صعود وهبوط له هي فرصة لك هذا ما أقنعك به الإعلام لا ما دفعك إليه الاقتصاد.
آخر التطورات الفنية
في ظل أسبوع مليء بلقاءات الفيدرالي ، وفي ظل تربع الذهب عرش القمم السعرية ، يبقى السؤال الأكثر جدلاً لهذا الشهر ، إذا لم يكن لهذا العام هو هل يحمل الذهب المزيد من الصعود ، ولماذا أساساً يصعد الذهب في كون السياسية تشددية بحتة ( أي سياسية ميالة إلى رفع الفائدة و الآمال بخفض الفائدة بدأت تنحسر)، هذا ما سنجيبك عليه في مقال اليوم .
آخر الأخبار وأثرها على السعر
" الإعلام ليس مرآة تعكس الواقع كما يبدو بل هو مرآة تشكله"
كارل ماكس
بعد صدور بيانات التضخم في الأسبوع الماضي وأتت بانخفاض تم قياسه على مؤشر USIRYY بقدر 0.1% ، ارتفع سعر الذهب بقوة نحو 2414 من 2300 ، وهذا يعود لعودة الآمال بخفض الفائدة واقتصادياً وعلى رأي عراب الاقتصاد كارل ماكس عندما يبالغ السوق في ردة فعله حول خبر اقتصادي فحينها نعلم تماماً أن للإعلام دور كبير في تشكيل هذا الخبر ورد فعله أيضاً.
عندما يقع السوق تحت رحمة الإعلام الذي يبالغ في تضخيم الخبر وتغيير مجرى السوق لا بد حينها من العودة إلى أدنى مبادئ الاقتصاد حتى نرى الصورة بشكل واضح وذلك من خلال رؤية موضوعية وليس من خلال منظار الإعلام.
أولاً: على الرغم من انخفاض نسب التضخم إلا أنها مازالت بعيدة عن الهدف الذي وضعه الفيدرالي لبدء خفض الفائدة عنده.
حيث في لقاء جيروم السابق وضح أنه لن يتم خفض الفائدة حتى يحقق الفيدرالي هدفه من خفض التضخم نحو 2% ، علماً أن مؤشر التضخم حالياً وفقاً USCPI هو 2.6% وبالنسبة USIR هو 3.4% ، وهذا ما يجعل الفيدرالي بعيد عن هدفه في خفض الفائدة ، أي لن نرى نية حقيقة لخفض الفائدة حتى تصل نسب التضخم إلى 2%.
ثانياً : النمو الاقتصادي GDP ، يحقق ارتفاعاً ملحوظاً بمقارنته مع السنوات الثلاث الماضية ، وهذا ما يجعل السياسة التشدديه التي صرح عنها باول في لقاءه السابق عندما قال أن السياسة التشددية تعمل بكفاءة ، وهذا صحيح خصوصاً أن النمو الحقيقي هو 0.2 وذلك بعد إزالة بيانات التضخم ، وهو نسبة جيدة خصوصاً في ظل وقوع الولايات في عدة حروب.
ثالثاً: الفيدرالي مُصر على وضع رد فعل السياسة النقدية المتبعة تحت رحمة المؤسسات المالية لا تحت رحمة القطيع ، وهذا من خلال تثبيته لسعر الفائدة وخفضه لسعر الخصم على مدار الفترة الماضية ، أي بعبارة أخرى إن سعر الخصم هو سعر الفائدة الذي يحدده الفيدرالي لاقتراض البنوك منه ، وسعر الفائدة الصادر لك هو سعر اقتراض الأفراد من البنوك ، فعندما يلجأ الفيدرالي لتثبيت الفائدة ، وخفض سعر الخصم فهو يحصر الحركات المالية بيد من هم أقل عنفواناً على المال ، أي بكل بساطة يتبع حلاً دبلوماسياً بطيئاً للحفاظ على الاقتصاد وابعاده وتيرة ركود محتملة.
رابعاً: نسبة أن يمر الاقتصاد الأميركي بركود تضخمي ، ترتفع نحو 50% خصوصاً بعد أن صرح جيروم في لقائه السابق بعبارة قد تبدو إعلامية أكثر من اقتصادية بنظر فئة كبيرة من خبراء الاقتصاد ألا وهي: ( لا أعلم من أين يتوقع الفئة الأكبر أن هناك ركود تضخمي، حيث عندما حدث ذلك في الماضي كانت معدلات البطالة عند 10% ، وهي الآن عند 3% ) ، ولكن السيناريو السابق الذي ارتفعت فيه معدلات البطالة بشكل سريع جداً دون قدرة الفيدرالي على كبحه مثل عام 2019 عندما ارتفعت نحو 10% في ظل الجائحة ، وعندما ارتفعت من 3.5% إلى 10% في ظل أزمة الرهن العقاري يشكل درساً قاسياً جداً للفيدرالي بأنه سيفكر كثيراً قبل خفض الفائدة أو تغيير سياسته بسرعة اجمالاً وهذا بدر صراحة من باول عندما قال ( .سنأخذ الكثير من الوقت قبل التحلي بالثقة الكافية لاتخاذ قرار خفض الفائدة).
الخلاصة
مع ارتفاع التضخم والنمو، ومؤشرات لبقاء البطالة بمستويات متدنية، والعمل من قبل الفيدرالي على سياسات أخرى في كبح التضخم مثل سعر الخصم ، والسندات ، يجعل فكرة خفض الفائدة مستبعدة حتى نرى انخفاض التضخم بشكل عيني على عدة مؤشرات ، وهذا ما يجعل انخفاض التضخم في كل مرة يرفع من سعر الذهب بشكل عنيف ، ويجعلنا نقول أن الذهب على المدى السعري البعيد يستهدف مستويات لا تقل عن 3000$ خصوصاً مع بدء اقتراب فترة الانتخابات في ظل فترة عانت فيها الولايات ضغط مالي من حربين.
التحليل الفني للسعر
"لا قيمة لرجل الاقتصاد دون الاحصائيات"
الطيب صالح
1. بالنظر إلى الفوليوم السعري نلاحظ أن منطقة الفوليوم الأكبر هي عند 2290 ولكن لكونها أعلى من متوسط القيمة الحقيقية فهي منطقة دخول القطيع التداولي ، وإن المنطقة الثانية التي تدنو متوسط القيمة الحقيقية هي 2160$.
2. السعر بانتظار تشكل موجة إليوت الرابعة.
3. بالنظر إلى متوسط القيمة الحقيقية احصائياً ، وبالنظر إلى الانحراف المعياري نلاحظ أن منطقة الشراء الأمنة هي أدنى 2200$ ، وأن السعر احصائياً ضمن الأطراف.
4. على المدى البعيد يحمل الذهب المزيد من الصعود نحو 2500 إلى 2750 ، وهذا احصائياً بناء على أن الذهب حقق خلال السنوات الماضية متوسط صعود قدره 7.5% ، بانحراف نحو 14% ، أي فكرة أن يحقق 30% صعود خلال سنة واحدة في ظل ظروف محفزة مرتفعة لتصل إلى 94%.
5. الذهب بناء على ما يسمى قياس جودة الأصل باستخدام العائد و العشوائية يرتفع ليحقق فوارق ملحوظة احصائياً بكونه يشكل أصل أقرب إلى الأمان من الماضي وهذا نظراً لانحسار قوة الدولار خلال الأعوام الماضية وازدياد الكوارث خلال السنوات الخمس الماضية ، وهذا ما يجعل مستقبل الذهب
على مدار سنة 2025، لا تقل عن 2700$.
الخلاصة:
نتوقع عملية تصحيح سعري للذهب على المدار الزمني القريب نحو 2300$ قد تستمر بأسوأ الأمور نحو 2212$ والتي تشكل مناطق شراء مثالية ، ومنطقة استهداف نحو 2500$
رأي شخصي
في النهاية عزيزي المستثمر إن الوقوع بفخ أن السوق مليء بالفرص وأن كل صعود قد يكون صالح لك هي فكرة أرادها الإعلام لك ، حيث أن المنطق الاستثماري يفرض عليك عدة عوامل ، وعدة شروط وقد تبدو هذه الشروط مزعجة جداً لكن هذه الشروط تماماَ هي التي تمنع عنك أثر القطيع وعشوائية السعر خصوصاً أن السوق وعلى رأي بنجامين غراهام يبدأ بالعشوائية عندما يبدأ التسويق يسلط الأضواء عليه .
لتدرك ما أنا أتحدث عنه لاحظ ما هي منطقة دخول صانع السوق في الذهب هي 2160 ، ولم يدخل أعلاها أبداً ولهذا حددت أن سعر الشراء يجب أن يكون متدني حتى لا تنخرط مع القطيع التداولي ، في الختام تذكر أن السوق لا يحوي عدد لا نهائي من الفرص ، وأن ليس كل الفرص قد تكون مناسبة لك
المستشار المالي: عمر جاسم آل صياح
لا تتردد بالتواصل معنا للحصول على أهم التوصيات