دفعت القراءات الأعلى من المتوقع لأسعار المستهلكين — وكذلك بعض أسعار المنتجين — خلال اليومين الماضيين ارتباك الأسواق بشان مقدار خفض الفائدة بالاجتماع القادم للاحتياطي الفيدرالي.
بعد استبعاد هذا الاحتمال تقريبًا خلال الأيام الماضية، ارتفعت توقعات السوق بخفض قدره 50 نقطة أساس إلى حوالي 44%. وجاء هذا التغيير نتيجة تقرير من صحيفة وول ستريت جورنال الخميس، أفاد بأن صانعي السياسة النقدية في الاحتياطي الفيدرالي لم يحسموا أمرهم بشأن خفض ربع نقطة مئوية أو نصف نقطة مئوية.
شيئًا لا يود الفيدرالي المخاطرة به
النقاش حول حجم الخفض الأول في هذه الدورة جذب انتباه الأسواق لأسابيع. بينما عززت بيانات التضخم وسوق العمل المستقرة الحجة لخفض تدريجي، إلا أن التكهنات بخطوة أكبر لم تتلاشى تمامًا، مما يمهد لأيام متقلبة قبل اجتماع 18 سبتمبر.
تراجعت عوائد السندات لأجل عامين، التي تتأثر بشدة بتغيرات السياسة النقدية، بمقدار خمس نقاط أساس لتصل إلى 3.59%، بينما انخفضت عوائد السندات لأجل 10 سنوات بمقدار ثلاث نقاط لتصل إلى 3.65%. كما انخفض الدولار، مما دعم العملات الرئيسية.
ومع ذلك، قد لا يتجه الفيدرالي إلى يخفض بأكثر من 25 نقطة أساس إلا في حال ظهور ظروف ركودية أو أزمة مالية. فبالنسبة لأولئك الذين يطالبون بخفض 50 نقطة أساس، ينبغي عليهم إعادة النظر في مقدار التقلب الذي سيحدث في أسواق المال، حيث إن هذا ليس شيئًا يود الفيدرالي المخاطرة به.
على الرغم من أن تقرير الوظائف الأخير أظهر علامات على تباطؤ في سوق العمل، فإن البيانات عمومًا لم تكشف عن الركو الكبير الذي يعتقد البعض أنه سيكون ضروريًا لدفع الفيدرالي لخفض أعمق. بيد أن الخطر يكمن في أن التدهور الكبير في سوق العمل قد يشير إلى ركود.
إشارة تشاؤمية
أظهر تقرير مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) الصادر يوم الأربعاء أنه على أساس "أساسي"، الذي يستبعد التكاليف الأكثر تقلبًا للغذاء والغاز، ارتفعت الأسعار في أغسطس بنسبة 0.3% مقارنة بالشهر السابق، وهو أعلى من توقعات الخبراء بزيادة 0.2%.
وفي هذا السياق، قد تتسبب هذه الأخبار غير المرحب بها عن التضخم في تشتيت الانتباه قليلاً عن تركيز الفيدرالي المتجدد على سوق العمل وتجعل من المرجح أن يتبنى المسؤولون نهجًا أكثر تحفظًا في التخفيف، بدءًا بخفض 25 نقطة أساس الأسبوع المقبل.
وبالتالي، فإن خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس قد يُعطي إشارة أكثر تشاؤمًا حول صحة الاقتصاد الأمريكي مما يرغب الفيدرالي في إيصاله، إذ قد يبدو وكأنه تصرف بدافع الذعر، وكأن الفيدرالي بعيد تمامًا عن السيطرة في هذه المرحلة.
بالعودة إلى البيانات التاريخية المتعلقة بدورة خفض للفائدة من الاحتياطي الفيدرالي منذ عام 1990. فمن بين خمس دورات خفض للفائدة خلال تلك الفترة، في كلتا الحالتين التي بدأ فيها الفيدرالي الدورة بخفض بمقدار 50 نقطة أساس (في عامي 2001 و2007)، تلا ذلك ركود اقتصادي.
على الرغم من قلة البيانات المتاحة، هناك ما يقال عن ربط خفض الفائدة الأول بمقدار 25 نقطة أساس بتعديل اتجاه السياسة النقدية، وربط 50 نقطة أساس بالإشارة إلى أن الفيدرالي متأخر جدًا لتجنب الركود. حيث إن رئيس الفيدرالي باول وبقية أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة يدركون هذا الأمر جيدًا، وبالتالي أول خفض لهم سيكون بالتأكيد بمقدار 25 نقطة أساس.
حتى صباح الأربعاء، كانت الأسواق تتوقع خفضًا إجماليًا بمقدار 100 نقطة أساس من الاحتياطي الفيدرالي هذا العام. وستقدم المزيد من الدلائل حول تفكير الفيدرالي في 18 سبتمبر عندما يصدر الاحتياطي الفيدرالي ملخصه للتوقعات الاقتصادية، بما في ذلك "مخطط النقاط" الذي يحدد توقعات صانعي السياسة بشأن مستقبل أسعار الفائدة.
وإذا كان إجمالي الخفض المتوقع من الفيدرالي هذا العام أقل من توقعات السوق، فهذا ليس بالضرورة أمرًا سيئًا بالنسبة للأسهم. فإذا تم استبعاد تلك التخفيضات لأن النمو كان أقوى من المتوقع وحقق الناتج المحلي الإجمالي نموًا قويًا في الربع الثالث، ولم تكن مؤشرات سوق العمل سيئة للغاية، واستمر ارتفاع إنفاق المستهلكين، فسيكون للأسهم مجال أكبر للنمو مع استمرار نمو الأرباح.