ما هو سر أسواق المال؟

بنجامين جراهام في كتابه المستثمر الذكي وفي كتابه الأقدم سر التحليل اشترك بمبدأ قد يبدو بسيط للوهلة الأولى لكن حينما تطبق هذا المبدأ ترى أنه متضارب ألا وهو أنه من الأهم بكثير أن تفهم الأرقام أكثر من فهمك اتجاه السوق.

ليعلق ورن بافيت بعبارته الشهيرة أنه من الأهم أثناء التداول أن تحد من خسارتك في الأسواق ومن هنا فعلاَ تم اشتقاق قانون ألا تخسر أكثر من %10 مهما كان السبب.

تقادما مع المؤلفين يعلق مارك دوجلاس في كتابه فن التداول في الأسواق: السوق بيئة احتمالية وإن الرياضيات تخبرنا أن هناك 30% من العوامل التي لا نعلم عنها شيء في اتجاه السوق وإلى أين سيذهب السوق لكن ما نستطيع معرفته 100% هو الأرقام التي بحوزتنا.

جميعهم كانوا يقصدون إدارة المخاطر.

لماذا السوق بيئة احتمالية؟

في الاحتمال الرياضي هناك قانون نحتاجه لدرجة عالية في الأسواق، ألا وهو أنه إذا أردت أن يتكرر الحدث الذي أدى إلى نفس النتيجة عليك أن تخلق نفس الظروف بنفس الوتيرة دون أي اختلاف مهما كان هذا الاختلاف بسيطاً وصغيراً.

أي إذا رميت نرد والنتيجة ظهور الرقم 4 وأردت أن تحصل على نفس النتيجة فلا يكفي أن ترمي النرد وإنما عليك خلق جميع الظروف التي أحاطت بهذا النرد بنفس الوتيرة ولا أستبعد تماماً أنه عليك أن تخلق حتى نسبة الرطوبة وهذا عملياً مستحيل أما نظرياً فهي الطريقة الوحيدة لخلق نفس النتيجة.

مارك دوجلاس في كتابه (Trading in the Zone) _وكان هذا أول كتاب لي جعلني أدرك الماهية التي تقوم عليها الأسواق أكثر من مجرد تحليل فني ، يقول دوجلاس السوق بيئة قائمة على تغيرات و احتمالات وهذه التغيرات تعطي احتمال وقوع حدث معين وفقاً لسلوك معين من التجار على سبيل المثال مجموعة كبيرة من البنوك استحوذت على عملة معينة مما أدى إلى تشكل ارتفاع لهذه العملة بعد تشكل ذيل على الشارت ، دوجلاس لم يكتفي هنا وإنما أخذ أكثر الأحداث تكراراُ في الأسواق ليرى أن الأسواق أنماط وكل نمط يظهر نتيجة لتصرف معين من التجار لكن ما هو بالغريب أن هذه الأنماط لا تعطي نفس النتيجة دائماً على الرغم من أن التجار قد يسلكون نفس الأسلوب ومن هنا استخلص دوجلاس أن هناك ما يجري في الأسواق دون أن نعلم ما هو وهذا ما قد يأخذنا إلى القانون الاحتمالي أنه علينا خلق نفس الظروف وهذا صعب جدا إن لم يكن مستحيلاً.

" السوق بيئة احتمالية ، ومهما بلغت من معرفتك في الأسواق فوفقاً للرياضيات فأنت لا تستطيع التحقق أكثر من 70 % من دقة أي صفقة قد تأخذها في الأسواق لأن ما لا تراه في الأسواق أكثر بكثير مما تراه في الأسواق"

إدارة المخاطر أمام التحليل الفني

لنفرض أنه لديك نرد وهذا النرد ذو ست أوجه ، خمس من هذه الأوجه ملونة بالأخضر ، ووجه واحد فقط ملونة بالأحمر وعلى هذا يخبرنا الإحصاء أن احتمال ظهور اللون الأخضر هو 90% لكن مع رمي النرد هذا لا يمنع من ظهور اللون الأحمر.

وهنا يخبرك دوجلاس أن الطريقة الوحيدة لضمان ظهور اللون الأخضر هي أن تلقي النرد أكبر عدد ممكن من المرات وبالتالي فإن النتيجة النهائية هي لصالحك إذا كنت تراهن على الأخضر وكذلك الأسواق تعمل لصالحك إذا كنت تركز على إدارة المخاطر وجزء من التحليل الفني.

الاحتمالات وكيف تجعلها لصالحك في الأسواق؟

أما في الأسواق فلنفرض أنك في كل مرة تحلل فيها السوق ( علمياً ) فإنه لديك نسبة قدرها 60% من أن تكون محقاً ولتفادي ألا تكون محقاً في هذه المرة عليك أن تركز على حصيلة من الصفقات لا على صفقة واحدة وهذا ممكن من خلال تطبيق القوانين التالية:

1. اعتمد على أن كل صفقة إذا كانت ناجحة تتيح لك ربحاً و تتيح لك تجربة ثلاث صفقات أخرى وهذا ممكن إذا كان الهدف يبعد عن نقطة الدخول ثلاثة أضعاف بعده عن وقف الخسارة.

2. لا تركز على نتيجة صفقة واحدة ولا تجعل حجم العقد بالصفقة يتحدد بناء على آخر صفقة ، دوجلاس في كتابه يقول أن المتداول الذكي هو الذي لا يحدد حجم العقد بناء على لآخر صفقة وإنما بناء على القانون.

3. اعتمد القانون المالي التالي في تحديد مستوى الأمان:

حجم العقد الكلي للحساب

علماً أن R هي نسبة الأمان التي تريدها في الحساب فإذا كانت 80% تقسم حينها على 8 وإذا كانت 20 تقسم حينها على 2

علماً أن هذا القانون لا يصلح إلا للأرصدة التي لا تقل عن 10.000

4. لا تدخل أكثر من ثلاث أزوج متماثلة من حيث الاتجاه أي إذا كنت على سبيل المثال تريد دخول اليورودولار فلا تدخل أكثر من زوجين آخرين يحتويان على الدولار سواء كعملة مقابلة أم رئيسية فهذا يقلل من أحتما أن تكون مخطئ.

5. في السوق لا تركز على الربح ، ركز على أن تستثمر لأبعد لحظة ممكنة.

إن كان لا بد من الخسارة الحتمية فعليك بالتفكير.

إن كان وقد ظهر اللون الأحمر فلا تكفر بالهيدج إلا بحالة واحدة فقط أن رصيدك يحتمل أن ينعكس السعر أربع مرات على التوالي من نقطة الدخول ، وإن أردت النصيحة المثلى فعند تراجع الحساب لا تقوم بالتعامل مع الأمر فنياً وإنما عليك أن تركز على الأمر من حيث التعديل على مستوى المخاطرة و الأمان.

مثال: لنفرض أنك اشتريت لوت ذهب ، واشتريت 2 لوت يورودولار ولكن الدولار لسبب ما كان أقوى بكثير وبدأ حسابك بالتراجع حينها عليك الاستحواذ على نفس النسبة من الدولار التي أنت تركتها وهذا لا يأتي من الهيدج وإنما عند شراء زوج مختلف تماماً عن السابق مثلا دولار/ين بنص الكمية السابقة وتزداد بالتدريج حتى تتعدل كمية الحساب.

إذا كان الحساب لا يراعي قاعدة الهيدج، الإغلاق هو خير خيار.

رأي المستشار المالي

في الختام عزيزي المتداول إن إدارة المخاطر أصعب بكثير صراحة من مجرد قانون يحدد حجم العقد و حجم المخاطرة ، و ما أراه شخصياً أن إدارة المخاطر هي الأساس في الربح لا التحليل الفني وهي سر السوق وسر الثروة وسر الاستمرار ، فإذا كنت تواجه صعوبة في تحليل المخاطر الخاصة بك لا تتداول وإنما توقف لكي تحترف إدارة المخاطر أو لا تتردد بالتواصل معنا.

المستشار عمر جاسم آلصياح

X: @omarsyyah