الأزمات تتكلم... والفيدرالي يستعد للإجابة

تم النشر 16/06/2025, 11:27

ميشال صليبي.

كبير محلّلي الأسواق المالية في FxPro.

تباين أداء الأسواق المالية العالمية خلال الأسبوع الماضي وسط تقاطع ثلاثي بين مسار السياسة النقدية الأميركية، وتغير توقعات التضخم، وتصاعد خطير في التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط. وقد خيم الحذر على المستثمرين في ظل اقتراب اجتماع الفيدرالي الأميركي، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من انزلاق إقليمي واسع على خلفية تصاعد المواجهة بين إسرائيل وإيران. في هذا السياق، وُضعت الأصول الآمنة والسلع تحت المجهر، وبدأت تحركات ملحوظة في أسعار الذهب والعملات الرئيسية.

مؤشر الدولار الأميركي وعوائد السندات: انتعاش حذر تحت سقف الجغرافيا والسياسة

سجّل مؤشر الدولار الأميركي انتعاشًا طفيفًا خلال الأسبوع الماضي، بعد أن لامس أدنى مستوياته في ثلاثة أشهر، مستفيدًا من بيانات مؤشر أسعار المنتجين (PPI) وثقة المستهلك، التي جاءت أقوى من التوقعات. وقد ساعدت هذه الأرقام في تعويض الأثر السلبي لبيانات التضخم (CPI) التي أظهرت تباطؤًا، مما عمّق قناعة الأسواق بأن خفض الفائدة بات وشيكًا، ربما في سبتمبر المقبل.

أما عوائد السندات الأميركية، فقد شهدت تقلبات ملحوظة، حيث تراجعت في بداية الأسبوع تحت تأثير بيانات التضخم، ثم عادت للارتفاع مع تحسّن المعطيات الاقتصادية. ومع ذلك، فإن الانعكاس المستمر لمنحنى العائد يعكس قلقًا هيكليًا بشأن النمو الاقتصادي على المدى الطويل. وزادت حدة هذا التوجّه مع تنامي المخاطر الجيوسياسية، حيث أدى تصاعد التوتر في الشرق الأوسط إلى ارتفاع الطلب على السندات الأميركية كملاذ آمن، مما حدّ من صعود العوائد وقدّم دعمًا غير مباشر للدولار مقابل العملات المرتبطة بالمخاطر.

في هذا السياق، تتجه كل الأنظار نحو اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) هذا الأربعاء، والذي سيتضمن تحديثًا لـ"النقاط" (dot plot)، وهي أداة تصوّر بياني تُظهر توقعات كل عضو في الفيدرالي بشأن مسار أسعار الفائدة المستقبلية، وتُستخدم كمؤشر على الاتجاه العام للسياسة النقدية. كما يتضمن الاجتماع خطابًا مرتقبًا لرئيس الفيدرالي، جيروم باول، من المتوقع أن يلعب دورًا محوريًا في توجيه توقعات السوق. أي نبرة متشددة قد تعزز من قوة الدولار وتدفع العوائد للصعود، بينما لهجة تيسيرية قد تفتح المجال لهبوط جديد في العملة الأميركية.

الذهب: بين العوائد الحقيقية وتوتر الشرق الأوسط

ارتفع الذهب إلى مستويات قرب 3,450 دولارًا للأونصة، مسجّلًا أعلى مستوى له منذ أبريل، بدعم من عدة عوامل رئيسية. كان أبرزها تراجع العوائد الحقيقية على السندات الأميركية بعد صدور بيانات تضخم دون التوقعات، ما زاد من جاذبية الذهب كملاذ آمن. كما ساهمت التوقعات المتزايدة بخفض الفائدة الأميركية في تغذية الطلب الاستثماري على المعدن الأصفر. لكن العامل الأبرز كان الجغرافيا السياسية، حيث أدى تصاعد التوترات في الشرق الأوسط إلى موجة جديدة من الشراء الدفاعي. ومع ذلك، حدّ من هذا الزخم عمليات جني الأرباح في نهاية الأسبوع، إلى جانب تعافٍ نسبي في الدولار الأميركي.

من منظور فني, الذهب يتحرك داخل قناة صاعدة واضحة على المدى القصير، ويواجه مقاومة قوية عند مستوى 3,500 دولار، وهو مستوى نفسي وتاريخي يمثل القمة المُسجلة في أبريل. في حال تم اختراقه بإغلاق يومي، فقد يمتد الزخم نحو مستويات 3,525 – 3,550 دولارًا. في المقابل، يشكّل مستوى 3,400 دولار دعمًا ديناميكيًا هامًا، ويليه 3,360 دولار عند الحد السفلي للقناة الصاعدة.

GOLD

النفط: ارتداد محفوف بالمخاطر

تعافت أسعار النفط بشكل قوي خلال الأسبوع الماضي، إذ حقق خام غرب تكساس (WTI) مكاسب أسبوعية تقارب +13%، ليغلق يوم الجمعة عند حوالي 77.62 دولارًا للبرميل، بينما ارتفع خام برنت بأكثر من +12.5% إلى حوالي 74.23 دولارًا. ويُعزى هذا الصعود الحاد إلى مزيج من التراجع الأكبر من المتوقع في مخزونات النفط الأميركية، والتفاؤل بموسم قيادة قوي خلال الصيف، إضافة إلى التوترات الجيوسياسية التي رفعت مخاوف الإمدادات في الشرق الأوسط، وأعادت "علاوة المخاطر" إلى قلب تسعير النفط العالمي. هذا الأسبوع، ستراقب الأسواق عن كثب تطورات الملف الجيوسياسي، إلى جانب تقرير وكالة الطاقة الدولية (IEA) يوم الأربعاء وبيانات المخزونات الأميركية، والتي ستكون محورية في تحديد اتجاهات الأسعار على المدى القصير.

زوج اليورو/الدولار: بين سياسة المركزيين والأزمات الإقليمية

استقر زوج اليورو/الدولار بالقرب من أعلى مستوياته منذ عام 2021، مستفيدًا من تراجع الدولار بفعل ضعف بيانات التضخم الأميركية، ومن لهجة البنك المركزي الأوروبي التي بدت أكثر تحفظًا تجاه خفض الفائدة، في إشارة إلى أن دورة التيسير النقدي الأوروبية قد تكون قصيرة الأمد. ومع ذلك، فإن تصاعد التوترات الجيوسياسية أضفى قوة إضافية للدولار في نهاية الأسبوع، بصفته ملاذًا آمنًا، ما حدّ من قدرة اليورو على توسيع مكاسبه. وتترقب الأسواق هذا الأسبوع إشارات الفيدرالي، والتي ستحدد ما إذا كان الزوج سيواصل الصعود نحو 1.1700، أم يتراجع دون 1.1500 في حال صدور لهجة متشددة.

فنيا, الزوج يتحرك ضمن قناة صاعدة منذ بداية مايو، ويحوم حاليًا حول منطقة مقاومة فنية عند 1.1570 – 1.1600. اختراق هذه المنطقة قد يفتح المجال نحو 1.1660 ثم 1.1700. أما الدعم الأقرب فيقع عند 1.1500، يليه دعم فني قوي عند 1.1435 والذي يتوافق مع الحد السفلي للقناة المذكورة.

 EURUSD

الدولار/الين الياباني: ضغط مزدوج من الفيدرالي والتوترات

تراجع زوج الدولار/الين الياباني (USD/JPY) إلى مستويات قرب 144.30 بنهاية الأسبوع، متأثرًا بتراجع العوائد الأميركية وموجة شراء للين كملاذ آمن في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن الفارق في السياسة النقدية لا يزال يميل لصالح الدولار، فإن حالة الحذر قبل اجتماعي الفيدرالي وبنك اليابان هذا الأسبوع ضغطت على الزوج بشكل واضح.

من منظور فني يتداول الزوج حاليًا دون المقاومة الفنية المحورية عند 144.75 – 145.00، والتي تمثل الحد العلوي للنطاق العرضي الذي هيمن على الحركة في يونيو. فشل السعر في اختراق هذا الحاجز يبقي الميل التصحيحي الهابط قائمًا، مع إمكانية التوجه نحو 143.50 ثم 142.75 وعلى الجانب الآخر، فإن أي عودة فوق 145.00 قد تعيد الزخم الصاعد وتفتح المجال نحو 146.20.

أحدث التعليقات

قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2025 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.