يبدو أن العام القادم سيكون حافلاً بالكثير من المعطيات الاقتصادية على رأسها سيكون التباعد والاختلاف في السياسات النقدية بين البنوك المركزية الرئيسية حول العالم من جهة الفيدرالي الأمريكي الذي يتجه تدريجياً الى جعل سياسته النقدية أكثر استقراراً ورفع الفائدة ولو أننا نعتقد بصعوبته حالياً والجهة الأخرى بنك اليابان والبنك المركزي الأوربي الذين سيبقيان على سياسات التيسير الكمية والضغط على الين واليورو على الأقل في المدى المتوسط. كما أنه من المهم مراقبة أداء الدولار الاسترالي الذي يبدو في وضع لايحسد عليه حالياً متأثراً بتراجع السلع وقوة الدولار الأمريكي وكذلك التدخل الواضح لمحافظ البنك المركزي الاسترالي من أجل مستويات أدنى.
اننا لانعتقد بأن الفيدرالي الأمريكي سيرفع أسعار الفائدة قبل الربع الرابع هذا ان حدث فمجرد ربط السياسة النقدية الحالية بالبيانات يعني بأن الفيدرالي الأمريكي لم يغير عملياً بتوجهاته وبالتالي هناك فرصة جيدة للأسهم الأمريكية أن ترتفع في العام القادم لكن قبل هذا الارتفاع هناك عملية تصحيح قوية قد تكون مع بدايات العام الجديد وهي قد تتراوح بين 5% الى 7% . ستستفاد المؤشرات الأمريكية من مستويات السيولة الرخيصة أولاً وكذلك من التدفقات النقدية بمليارات الدولارات من مختلف الدول والصناديق الاستثمارية التي يدعمها نمو مستمر للاقتصاد الأمريكي حتى لو كان متواضعاً, كما أن الكثير من الاقتصاديات الناشئة قد تواجه تحديات حقيقية في العام القادم وعلى رأسها روسيا الصين تركيا وبالتالي سيكون الخيار الأنسب حالياً هو الاقتصاد الأمريكي مع مراقبة نمو الاقتصاد في الربعين الأول والثاني من العام القادم لأنها ستكون المعيار الحقيقي برفع أسعار الفائدة.
أما في بريطانيا, فاننا نرى بأن أداء الاقتصاد البريطاني سيكون ايجابياً ومن الأفضل بين الاقتصاديات المتقدمة لكن مؤشر فوتسي 100 البريطاني سيتعرض لعمليات بيع قوية حيث من الممكن أن تدفع به مجدداً الى مستويات 5000 نقطة قبل أن يعاود الارتفاع مجدداً. من المهم الاشارة الى أن الجنيه الاسترليني سيتعرض لضغوط هائلة خاصة مع ترقب الانتخابات العامة في الشهر الخامس من العام القادم وبالتالي لاننصح بعمليات شراء طويلة الأجل. الأسهم الأوربية ستكون جيدة للشراء للمدى الطويل فمع عمليات التيسير الكمية للبنك المركزي الأوربي المتوقعة ستكون عملية الشراء مجدية خاصةً في اسبانيا وألمانيا.
نقطة هامة لابد من الاشارة اليها وهي أن قوة الدولار الأمريكي قد تستمر لكن من الواجب الحذر لأن هذه القوة قد تكون هشة خاصةً اذا مااستمر الفيدرالي الأمريكي باتباع سياسة أسعار الفائدة المتدنية الحالية عندها قد تنعكس الصورة خاصةً اذا لم ترتفع العوائد على سندات الخزينة الأمريكية والتي تبلغ حالياً 2.15% على سندات العشر سنوات.
من المهم الانتقاء في عمليات الاستثمار اضافةً الى تنويعها هناك فرص حقيقية وواعدة في أسواق الأسهم الناشئة "دبي، مصر والسعودية في العالم العربي الهند والصين واندونيسيا في آسيا, كما أننا نرى من الأفضل عدم الرهان على الذهب حالياً كنوع من الاستثمار الآمن خاصةً بعد أن فقد 14% تقريباً من قيمته خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة حيث أن شراء الذهب كوسيلة تحوط تبدو غير مجدية حالياً خاصة مع تراجع مستويات التضخم في مختلف الاقتصاديات الرئيسية وبالتالي لا يجب تخصيص أكثر من 7% للذهب من قيمة الاستثمار الكلية.