من ليلى بسام وحميرة باموق
بروكسل/اسطنبول (رويترز) - يهدد التقدم السريع للجيش السوري نحو مدينة الباب التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية بإطلاق شرارة مواجهة مع تركيا بينما تسعى دمشق لمنع أنقرة من التوغل لمسافة أعمق في منطقة ذات أهمية استراتيجية في شمال سوريا.
وشمال سوريا من أكثر ميادين القتال تعقيدا في الحرب السورية المتعددة الأطراف إذ يحارب الجيش السوري وتركيا وفصائل المعارضة المتحالفة معها وتحالف من الفصائل السورية المدعومة من الولايات المتحدة جميعها تنظيم الدولة الإسلامية هناك في الوقت الحالي.
وفي أقل من أسبوعين وصلت وحدات الجيش السوري لمسافة تبعد ستة كيلومترات من الباب وهي مدينة تستهدفها أيضا حملة للجيش التركي وحلفائه من الجماعات التي تقاتل تحت راية الجيش السوري الحر.
وأبلغ مصدر في التحالف العسكري الذي يقاتل دعما للرئيس بشار الأسد رويترز يوم الأربعاء أن الجيش السوري يستهدف الوصول إلى الباب وإنه "مستعد بالتأكيد للاشتباك مع الجيش السوري الحر" الذي يقاتل إلى جانب الجيش التركي.
بيد أن المصدر وهو غير سوري قال إن الهدف الأساسي هو إحباط الطموحات التركية "وامتلاك ورقة قوية في لعبة ذلك المحور."
وإذا حدث الاشتباك فستكون المرة الأولى التي تواجه فيها القوات الحكومية السورية الجيش التركي على الأرض في شمال سوريا منذ بدأت تركيا عمليتها في أغسطس آب.
وتشن روسيا أقوى حليف للأسد غارات جوية تستهدف الدولة الإسلامية في الباب دعما لكلا الجانبين مما يسلط الضوء على التغيرات الكبرى في المشهد الدبلوماسي.
وتحدث المصدر العسكري غير السوري طالبا عدم نشر اسمه لأنه ليس متحدثا رسميا باسم التحالف المؤيد للأسد.
وأضاف المصدر الموالي للأسد أن الهجوم تقوده قوة النمر الخاصة في الجيش بدعم مخابراتي من مركز قيادة في حلب يشارك في إدارته مستشارون إيرانيون. وتتلقى حملة الجيش "تغطية روسية من الجو حين الطلب".
ويحصل الأسد على دعم في الحرب من مجموعة من الفصائل الشيعية المسلحة المدعومة من إيران ومنها حزب الله إلى جانب سلاح الجو الروسي.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يراقب الحرب من مقره في بريطانيا يوم الأربعاء إن القوات المدعومة من تركيا حققت تقدما جديدا إلى الجنوب الغربي من الباب واصفا ذلك بالمسعى الرامي لوقف مكاسب قوات الحكومة السورية.
وبدأت تركيا حملتها في سوريا التي تعرف باسم "درع الفرات" من أجل تأمين حدودها مع الدولة الإسلامية ووقف تقدم قوات حماية الشعب الكردية السورية القوية. ولم تعد مساعدة المعارضة للإطاحة بالأسد أولوية بالنسبة لأنقرة.
فحملة درع الفرات أقامت منطقة عازلة فعالة تسيطر عليها جماعات معارضة تساندها تركيا مما عرقل خطط وحدات حماية الشعب الكردية للربط المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في شمال شرق وشمال غرب سوريا.
وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب الكردية جماعة إرهابية وتهديدا لاستقرارها.
* إردوغان: "يجب أن ننجز المهمة"
تتلقى وحدات حماية الشعب الكردية والفصائل المسلحة المتحالفة معها دعما جويا من تحالف تقوده الولايات المتحدة لأنها تقاتل أيضا الدولة الإسلامية التي أعلنت مساحات شاسعة من الأرض في سوريا "خلافة" لها تمتد أيضا إلى العراق.
وانتقدت تركيا التحالف لما تراه دعما جويا غير كاف للهجوم البري في حين رحبت بالغارات الجوية التي تشنها روسيا بالتنسيق معها في منطقة الباب هذا الشهر.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الأسبوع الماضي "نبذل جهودنا مع قوات التحالف وروسيا تقدم الدعم الجوي من وقت لآخر أيضا."
وتقع الباب على بعد 40 كيلومترا إلى الشمال الشرقي من حلب حيث هزم الأسد المعارضة المسلحة في ديسمبر كانون الأول في أكبر انتصار له في الحرب.
وكان الأسد قد تعهد باستعادة سوريا بالكامل بيد أن مناطق كبيرة خارجة عن نطاق سيطرته في وقت لا يزال يعتمد فيه بشدة على الدعم العسكري من حلفائه الأجانب.
وتقول تركيا إن التقدم الذي حققته فصائل المعارضة المتحالفة معها في الباب أبطأته جهود لتجنب إيقاع ضحايا مدنيين. بيد أن المرصد ينحي باللائمة على القصف التركي في وقوع خسائر بشرية كبيرة.
وتوقع إردوغان في نوفمبر تشرين الثاني أن تسقط الباب سريعا وقال الأسبوع الماضي إن الدولة الإسلامية تكبدت "خسائر كبيرة في الدماء" هناك.
وأضاف "يجب أن ننجز المهمة في الباب سريعا وألا نذهب لمسافة أبعد. الجهود تسير في هذا الاتجاه."
وكبدت المقاومة الضارية للدولة الإسلامية بما في ذلك الهجمات بسيارات ملغومة القوات التركية خسائر فادحة. فقد قتل خمسة وأصيب تسعة يوم 20 يناير كانون الثاني قرب المدينة. وقتل جندي تركي آخر يوم الأحد.
وقال مسؤول أمني تركي كبير لرويترز إن الحملة لا تسير ببطء ولكن وفق الخطة الموضوعة لها. وأضاف المسؤول "الظروف تتغير كلما توغلنا."
وأضاف "لسنا في عجلة من أمرنا في الباب. هناك ظروف عديدة علينا التفكير فيها مثل الطقس وحقيقة أن هذه تضاريس جديدة على قواتنا. نفضل أن تمضي ببطء لكن بقوة وبحد أدنى من الخسائر."
(إعداد علي خفاجي للنشرة العربية - تحرير محمد اليماني)