العمليات الإرهابية لطالما كان لها تأثير على معنويات المستثمر خصوصا إذا كان لها تبعات اقتصادية، ولكن تفجيرات باريس يوم الجمعة الماضي أعادة الى الذاكرة بأن الوقع محدود على الأسواق المالية والرعب لا يستمر طويلا.
تداولات يوم أمس كانت متقلبة، وكان من الصعب توقع اللون الذي ستغلق عليه المؤشرات الأوروبية حتى آخر لحظة حيث أغلقت معظمها على تراجعات طفيفة، اما الامريكية وعلى الرغم من البداية الضعيفة استطاعت أن تحلق حيث ارتفع مؤشر الداو جونز 1.38% في نهاية التداولات.
لابد من التذكير كيف تفاعلت الأسواق مع احداث مشابهة لتفجيرات باريس:
الهجوم على صحيفة شارلي ابدو 7 يناير 2015: جرى الهجوم يوم الأربعاء في وضح النهار وأسفر عن مقتل 12 شخصا أما تفاعل مؤشر الكاك الفرنسي جاء بشكل محدود جدا وفي اليوم التالي بدأ مسيرة الارتفاع التي استمرت لأربعة أشهر.
تفجيرات لندن 7 يوليو 2005: هي سلسلة من أربع عمليات انتحارية متزامنة مستهدفة المواطنين اثناء ساعة الذروة، ثلاثة منهم حدثت في قطارات لندن تحت الأرض، والانفجار الرابع حدث في حافلة نقل عام. تراجع حينها مؤشر الفوتسي 100 4% ولكن قلص 2.65% من التراجعات في نهاية الجلسة وفي اليوم التالي عوض كل الخسائر. أما الاسترليني فتراجع ليومين ولكن بنسبة لم تتجاوز 1%.
أحداث 11 سبتمبر 2001: تعتبر أسوء هجوم إرهابي، سقط نتيجة لهذه الأحداث 2973 ضحية، إضافة لآلاف الجرحى. أغلقت حينها الأسواق الى 17 من سبتمبر، وهي أطول فترة تغلق فيها منذ عام 1933. في أول يوم تداول تراجع فيها مؤشر الداوجونز 660 نقطة أو 6.9% واستمرت هذه التراجعات الى 21 من سبتمبر واحتاج السوق حوالي 25 يوم تداول لتعويض هذا الخسائر.
جميع هذا الاحداث هي خير دليل على أن الاحداث الإرهابية يكون وقعها مؤقت وليس على المدى الطويل.
أما اليورو فقد تراجع بشكل ملحوظ، وصل اليوم لأدنى مستوياته في 7 أشهر عند 1.0654 وكون فرنسا ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو أي تهديد جديد عليها قد يؤثر سلبا على معنويات المستثمرين ويضرب قطاعات عديدة أهمها السياحة، وبما أن اقتصاديات منطقة اليورو تعاني من ضعف في النمو، فالسؤال الأبرز ما الذي سيقوم به البنك المركزي الأوروبي في الثالث من ديسمبر.
أشار السيد دراغي مؤخرا الى أنه سيتخذ التدابير المطلوبة لإنعاش الاقتصاد الاوروبي ومن الواضح أن المتداولين احتسبوا ذلك في الضغط على العملة الموحدة، ولكن ليس بالكامل لأنه من الصعب توقع حجم التحفيز الذي سيقوم به، لذلك علينا ترقب كل كلمة يقولها هذا الرجل في خطاباته. أما الضغوط على اليورو قد تستمر والمحاولة للوصول الى مستويات 1.0450 غير مستبعدة ولكن تحتاج الى حافز قوي لكسرها.