كان من المحتمل أن يتحول يوم أمس إلى يوم سيء جدا بالنسبة لأسواق المال، فانخفضت عقود داو الاجلة 500 نقطة قبل الافتتاح. ولكن تعافت الأسهم بنهاية جلسة التداول في نيويورك من كافة الخسائر، وأنهت اليوم باللون الأخضر. فتحركت العملات الرئيسية على نفس النغمة. وكانت القصة الأكبر على الساحة والمتحكمة بالتحركات المذعورة هي فرض الصين سلسة من التعريفات مقدرة بـ 50 مليار دولار. ونرى بأن هذا أضعاف مضاعفة من الرقم الذي هددت به الصين في مارس، والذي كان 3 مليار دولار. ولكن لم يدم تأثير تلك الأخبار لفترة طويلة، لأن المستثمرين تحولوا من التساؤل حول مدى الضرر التي ستحدثه تلك التعريفات، إلى هل سيكون لها أي أثر على الإطلاق.
وبدلا من أن يزداد الطين بلة، كتب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على تويتر يوم الأربعاء، أن الولايات المتحدة ليست في حرب تجارية مع الصين. ويدعونا هذا لاعتبار الاجراءات الأخيرة التي فرضتها الولايات المتحدة هي حركة أخرى يتخذها الرئيس ترامب ليضغط على الصين ويرغمهم على الحضور لطاولة المفاوضات. وصرحت الصين بأنه ما إن تفرض الولايات المتحدة التعريفات على أرض الواقع، ستقابلها الصين بالرسوم الضريبية، إذن لم يحن وقت الصراع بعد. عُرف عن الرئيس ترامب إطلاقه تهديدات لا يلبث أن يتراجع عن تنفيذيها في غضون الأيام أو الأسابيع التالية لها.فعليه، يأمل المستثمرون أن يخفف ترامب حدة تلك التعريفات أو يتراجع عنها تماما. نضع في الاعتبار خطط الولايات المتحدة الرامية لعقد جلسة استماع عامة للأعمال الشهر القادم، وما بين ليلة وضحاها ربما تنتقل الصين والولايات المتحدة إلى منطقة أكثر هدوءا من المفاوضات، وتتحول عن السياسات الانتقامية الحالية. وفي حال حدث ذلك سيعتبر مؤشر إيجابي لأسواق الأسهم ذات المخاطرة.
وبنظرة للأمام، ننتظر صدور تقرير الرواتب غير الزراعية يوم الجمعة، وهو أحد أهم الأحداث المرتقبة. لم يهبط تقرير رواتب القطاع الخاص بنفس مقدار ما توقعنا له في مارس، وبينما ضعف نشاط قطاع الخدمات، زاد مكون التوظيف في التقرير. ويصحب هذا أيضا انخفاض في معدلات شكاوى البطالة، يرجح تصاعد في معدل المخاطرة لتقرير الوظائف للأسبوع الجاري.
ويتعين على .اليورو أن ينتظر لحين صدور تقرير سوق العمل في الولايات المتحدة، ليستطيع اختراق مستوى التعزيز القوي في مواجهة الدولار. ومكث زوج العملة للأيام الـ 5 الماضية محبوس عند نطاق 90 نقطة. وأمد تقدير مؤشر أسعار المستهلك يد العون للعملة، لكنه فشل في جعلها تتجاوز قمة يوم الثلاثاء، جاء تقدير مؤشر أسعار المستهلك لشهر مارس أعلى من المتوقع. وأصبح حدوث اختراق وشيك، فاتجاه حركة اليورو/دولار أمريكي معتمد على شهية السوق للمخاطرة والدولار. بينما يصدر اليوم الخميس مجموعة تقارير منها: تقرير طلبيات المصانع الألمانية، ومراجعات لمؤشرات مديري المشتريات لمنطقة اليورو، وأسعار المنتجين في منطقة اليورو، ومبيعات التجزئة، ورغم تعدد تلك التقارير فتأثيرها يجب أن يكون محدود.
في المملكة المتحدة يستعد الجنيه الاسترليني للتحرك مع ما سيصدر اليوم من أرقام مديري المبيعات الخدمات والمركب. وما نعلمه حتى اللحظة هو بقاء النشاط الصناعي مستقرا، لكن تراجع نشاط البناء في مارس. إذ تشير المرتفعات والمنخفضات التي عاناها الاسترليني خلال الأيام الأربع الماضية، رغبته في أخذ اتجاه صاعد، لكنه يحتاج إلى بيانات قوية. ووفقا للتوقعات المنتشرة على نطاق واسع، فبنك إنجلترا هو البنك الثاني الأكبر المنتظر منه أن يرفع معدلات الفائدة، لكن المستثمرين يحتاجون إلى أدلة مقنعة حول قوة صقور بنك إنجلترا قبل شراء العملة.
وارتفع تداول عملات السلع الثلاثة يوم الأربعاء، وكان الدولار النيوزيلاندي الرابح الأكبر. تلقت العملة دعما من تعليقات وزارة الخزانة حول وجوب استمرار الاستهلاك في دعم النمو، ولكن جاء الزخم الفعلي من تعافي سوق الأسهم الأمريكية في نهاية جلسة تداول نيويورك. وفي استراليا، قضت موافقات البناء المنخفضة على مبيعات التجزئة المرتفعة جدا. وتواجه استراليا خطورة كبيرة من تباطؤ النمو في الصين، فإذا لم تدخل التعريفات حيز التنفيذ، سيصبح التعزيز الذي ناله الزوج دولار استرالي/دولار أمريكي فوق مستوى 0.7650 قاعدة. صدرت بيانات من استراليا مساء الأربعاء على شكل تقرير لمديري المشتريات للخدمات، والميزان التجاري. ومدد زوج دولار أمريكي/دولار كندي خسائره مع تراجع أسعار النفط. ووفق تصريحات مستشار الرئيس الأمريكي ترامب للاقتصاد لاري كودلو بأن إعلان نتائج إيجابية من محادثات اتفاقية التجارة الحرة لشمال أمريكيا أصبحت وشيكة "وستقع أسواق الأسهم في حبها." ويعني هذا أمرا واحد فقط، وهو أن الولايات المتحدة وكندا قريبتين من إبرام الاتفاقية.