لطالما كانت الأسواق الناشئة موضوعاً شيقاً , ولكن السؤال المهم هل هناك فعلاً من متداولين أفراد في عملات الأسواق الناشئة أم أنه سيبقى حكراً على المؤسسات وشركات ادارة الثروات والأصول ؟ يسعدني أن أسمع اجوبتكم وتعليقاتكم .
دعونا فقط نلقي الضوء على عدة تفاصيل قد تكون مفيدة . الأسواق الناشئة استدانت مليارات الدولارات لدعم نموها وتحقيق اصلاحات صندوق النقد الدولي ( الأرجنتين , تركيا , الفيلبين , الهند وغيرها ) , طبعاً هذه الاستدانة على شكل سندات بعوائد مرتفعة قياساً بالأسواق المتقدمة. المشكلة أن عوائد الدولار الأمريكي كانت متدنية خلال العشر سنوات الأخيرة ( تكلفة الاقراض متدنية ) والآن الفائدة الأمريكية ترتفع مما سيرفع من أعباء هذه الديون , بمعنى آخر ستكون دفعات الدول لسداد ديونها أعلى. هذا جانب , الجانب الآخر هو ألا تحقق هذه الدول مستويات النمو المتوقع وبالتالي سيضاف الى ديونها انكماش وقد تصبح عاجزة عن السداد وهنا سندخل في قضية افلاس وهي بالتأكيد كارثية لأي دولة في العالم .
من ناحية أخرى , سيكون تراجع عملات الأسواق الناشئة حتمياً لسببين ’ أولها قوة الدولار الأمريكي وارتفاع عوائد سنداته , وثانيها أن مستويات الثقة ستبدأ بالتراجع في الأسواق الناشئة وبالتالي ستخرج المليارات من الدولارات لتستهدف عوائد أعلى واستثمارات أكثر استقراراً لأن الاقتصاديات الناشئة أصلاً ارتفعت بناء على وجود فرصة قابلة لأن تحقق عوائد مجزية للمستثمرين على الصعيد العالمي. يجب أن ندرك نقطةً هامة للغاية ,هذه التراجعات القاسية لعملات الدول الناشئة سيكون لها تأثير ايجابي اذا عرفت كيف تستغلها وتحولها الى صادرات أقوى ونمو تجاري جيد واستقرار الاستهلاك الداخلي . ولكن الأسواق أحياناً لاتقرأ هكذا معايير وهنا التراجع سيحدث.
فنياً ’ يبدو البيزو المكسيكي قابلاً للمزيد من التراجع , ولكن أعتقد أنه بات قريباً من عملية تصحيح . قوة الدولار الأمريكي مقابل البيزو المكسيكي ارتفعت في الأسبوعين الأخيرين كما يبين التشارت , لنتابع تطورات ملف اتفاقية النافتا. أما الروبل الروسي , فأعتقد أن أداءه فنياً يبدو مقنعاً أكثر مستفيداً من ارتفاع أسعار النفط بشكل رئيسي. لا أقتنع بالكثير من الحجج والمعايير الاقتصادية الاعلامية والتي تظهر أن هذا الاقتصاد يتداعى ,وطالما أن سعر النفط باق عند المستويات الحالية فمن غير المتوقع أن يتراجع الروبل الروسي بقوة. لا ننسى نقطةً مهمة أن مؤشر الدولار الأمريكي خسر قرابة 10% خلال العام الفائت 2017 وبالتالي هذه القوة الحالية قد تستمر لبعض الوقت بشكل عام .