هي ليست فقط حرب تجارية , هي فرص استثمارية وسياسة براجماتية للاستفادة من العوائد المرتفعة في أي دولة في العالم . وعندما تكون هذ الدولة أو ذاك مستقرةً سياسياً واقتصادياً ويحقق اقتصادها نمواً جيداً عندها ستجذب الكثير من المستثمرين ,هذا ببساطة مايحدث للدولار الأمريكي وكذلك لسندات الخزينة الأمريكية . ان هذه العوائد على سندات الخزينة الأمريكية ذات العشر سنوات كانت قد وصلت قبل عدة أسابيع الى 3.10% هي الأعلى منذ عام 2011 ,هذا الارتفاع مرتبط بعدة عوامل .
أولاً , سياسة الفيدرالي الأمريكي لرفع الفائدة باستمرار وزخم ( حالياً عند 2% ) .
ثانياً , الثقة الممتازة بأداء الاقتصاد الأمريكي الذي ينعكس في شراء العملة الأمريكية وفي البيانات الاقتصادية المستمرة كمبيعات التجزئة, الصناعة , قطاع الاسكان , أسعار المستهلكين والمنتجين ومستويات الانفاق وسوق العمل الأمريكي .
ثالثاً , الأداء التاريخي القوي للأسهم الأمريكية التي عززت من فرص الرهان على الأصول عالية المخاطر والابتعاد عن شراء الأصول الأكثر أماناً في هكذا وقت حيث لا أحد يعير اهتماماً لتفاصيل الحرب التجارية أو اللغط السياسي لادارة ترامب .
الى الآن تبدو القصة جيدة , ولكن ماذا لو تغير الواقع ويبدو أنه لن يطول !
تراجعت العوائد مجدداً على سندات الخزينة الأمريكية لعشر سنوات مجدداً الى 2.87% , هذا قد يبدو عادياً بموجب جني أرباح ولكن لننظر للموضوع من زاوية أخرى غير زاوية الربح والخسارة أو منطق العوائد المرتفعة والمنخفضة . عندما تتراجع العوائد في سندات الدول المتقدمة ذات التصنيف الائتماني الممتاز هذا يعني أن المستثمرين بدأوا يعودون للسندات مجدداً متحوطين من أخطار قد تكون قادمة . اذا ما اخذنا بعين الاعتبار المخاطر التجارية والتي حقيقةً لم تقرأ الأسواق تأثيرها الكلي بعد , اضافة الى بداية هذا القلق في أسواق الأسهم العالمية الكبرى , وسياسات البنوك المركزية الأخرى (غير الفيدرالي) الخجولة عندها يمكن القول بأن العوائد على هذه السندات قد لا ترتفع كثيراً. من ناحية أخرى, تشكل قوة الدولار الأمريكي انعكاساً منطقياً لقوة الاقتصاد وارتفاع العوائد وهذا بالضبط ما ضغط على الذهب (حالياً عند 1244.30$ للأونصة) لأن تراجع العوائد الأمريكية غالباً ما يكون متماشياً مع ارتفاع الذهب . لكن لننتبه جميعاً أن العوائد الأمريكية على سندات الخزينة لسنتين ارتفعت بقوة ( حالياً عند 2.6% ) ولم تحقق تراجعاً كما حدث لسندات العشر سنوات ! هذا يعني بالضبط الثقة قد تكون مؤقتة ولفترة قصيرة , وهذا بالضبط ماضغط على الذهب حالياً. عندما تسمعون بمصطلح ركود هذا لايعني انه سيحدث الآن , ويمكن القول أن هذا الزخم الأمريكي لن ينتهي حالياً ولا حتى قبل ستة الى تسعة أشهر على أقل تقدير . قد يكون من المجدي عدم الرهان على ازواج فيها دولار أمريكي , اليورو خاصةً يبدو منطقياً أكثر حيث نعتقد أن قوة اليورو ماتزال في بدايتها ولكن ضعف اليورو حالياً ( اذا جاز القول ) جيد في خضم الحرب التجارية مع ترامب بالنسبة للأوربيين .