غريب أمر الأسواق العالمية , تبدو مرتاحةً تماماً على الرغم من كل هذا الضجيج الاعلامي والتجاري والحروب الاقتصادية التجارية المعلنة وغير المعلنة . والحق يقال بأنه اما أن تكون الأسواق قويةً للغاية بأساسياتها أو تكون غافلةً عن حقيقة مايجري , وهناك سيناريو آخر أعتقد أنه ممكن الحدوث وهو أن الكثير من المستثمرين وصناديق التحوط يتموضع حالياً بمراكز جديدة بيعاً وشراءً ولكن ببطئ وبشكل تدريجي. لابد أن أندرك أن الكثير من الاقتصاديين الكبار في العالم وصناع السياسات النقدية يدركون أن هذا الزخم لن يستمر وعندما نقول لن يستمر سيكون السؤال متى سيكون الركود أو السقوط . اذا كانت الأسواق العالمية لم تتأثر سلباً بكل مايجري هذا لايعني أن المخاطر قد انتهت , بل على العكس نتيجتها لم تظهر بعد. عندما حدث البريكزت قبل عامين, لم تتأثر الأرقام الاقتصادية البريطانية مباشرةً بل أخذت وقتاً جيداً قبل أن تبدأ باظهار الضعف وهذا ما نعتقد سيحدث بشأن الحرب التجارية التي لن نرى نتائجها حالياً وأقلها عدة أشهر ولذلك فان الأسوء لمؤشرات الأسهم العالمية الرئيسية لم يبدأ بعد !
اكتسب الدولار الأمريكي زخماً قوياً في الأربعة أشهر الماضية , وعاد المؤشر ليصل الى مستويات 95 نقطة وهو الأعلى منذ عام مستفيداً من زخم رفع الفائدة الأمريكية والتوقعات بأربع مرات لرفع الفائدة في العام الجاري , كما أن العوائد الأمريكية لسنتين تقرأ زخماً قوياً أكثر من سندات العشر سنوات, ولذلك قد لا يأتي حديث جيروم باول رئيس الفيدرالي الأمريكي لاحقاً اليوم بجديد , ان كان من ناحية ثقته بالاقتصاد أو توقعاته الايجابية للتضخم . ولكن في الجانب الآخر هناك نييل كاشكاري وهو عضو الفيدرالي الأمريكي ورئيس الاحتياطي الفيدرالي في مينابوليس أوضح يوم أمس بأنه ليس هناك من حاجة للتسرع برفع الفائدة والمخاطرة بآخذ الاقتصاد الى مكان آخر. هذا الجدل بخصوص السياسة النقدية قد ينعكس في اجتماعات الفيدرالي اللاحقة وعندها قد يتأثر الدولار سلباً.
ان أرقام شراء وبيع العملات الرئيسية التي تصدر مع نهاية كل أسبوع عن اللجنة الأمريكية لتداول العقود الآجلة والسلع أشارت الى أن الرهان على بيع الباوند ارتفع أكثر من قبل ( كان عند -29 ألف ووصل الى -40 ألف الأسبوع الفائت ) وهذا يعني أن الأسواق تختلف مع كارني الذي كانت توقعاته أكثر ايجابية , وذا لم يتم حل عقدة البريكزت فقد نرى مزيداً من الضعف للباوند ولن يكون بمقدور كارني رفع الفائدة ولو أننا نعتقد بأن كارني قد يكون مجبراً على رفع الفائدة كبحاً للتضخم البريطاني الذي وصل الى 2.4% على أساس سنوي . بمعنى لنركز على هذه الأرقام أكثر من تركيزنا على السياسة حالياً , اذا لم يتراجع التضخم البريطاني ( ستصدر الأرقام غداً ) سنرى مكاسباً اضافية للباوند الذي يتداول حالياً عند 1.3250$ حيث ارتفع في آخر يومين من مستويات 1.3115$ , ونحن مع بناء مستويات تدريجية على الباوند الذي مازال عند مستويات متدنية تاريخياً .