يقبع النحاس في مستويات منخفضة لهذا العام، فهل يعود للتعافي؟
تعتمد إجابة هذا السؤال على من تسأل، فبعض الاستراتيجيين يتنبؤون بأن المعدن الخام الصناعي رقم 1، ربما ينتهي به الأمر إلى الارتفاع مجددًا.
تنبع تلك الآراء المختلفة من الدور الرئيس للنحاس في الاقتصاد، وطريقة تداوله.
يُعرف النحاس بالمعدن الأحمر، بسبب لونه، ويستخدم في كل شيء، من: بناء المنازل، إلى الصناعة، إلى الدوائر الإلكترونية، وأدوات الاتصال اللاسلكي، ومولدات الكهرباء، وأجهزة البث، مما يجعله أحد محددات الحالة الصحية للاقتصاد لبلد ما. فيدل الطلب العالي وأسعار النحاس على قوة النشاط الصناعي والنمو في البلاد، والعكس صحيح.
النحاس يخبرنا اتجاه الاقتصاد
حاز النحاس على اسم مستعار هو "الدكتور نحاس" بسبب قدرته على التنبؤ باتجاه الاقتصاد، مما السلعة الوحيدة التي لها رابطة بالحالة الاقتصادية (النفط له نفس الرابطة). ولكن النحاس يمكن أن يكون مخادعًا. على سبيل المثال، يمكن أن ترتفع الأسعار في ظل التباطؤ الاقتصادي، بسبب انخفاض مؤقت في العرض. والعكس، يمكن أن تنخفض العقود الآجلة للنحاس بسبب تكدس في مستودعاته، حتى عندما يكون نشاط البناء شديد الارتفاع، وغيره من النشاطات أيضًا.
وتضطرب الرسائل التي يطلقها النحاس حول الوضع الاقتصادي في خضم تأرجح سوق الفوركس. ويعزى ذلك إلى الدولار، ومركزه خلال تلك التقلبات. ويعتبر النحاس هو السلعة الافتراضية التي يُتداول على أساسها أغلب السلع، ويرفع الدولار العالي من سعر المعادن الخام، مما يجعلها أقل جاذبية للمشترين وفي النهاية يقل الطلب عليها، ويقل سعرها. ويحدث العكس عندما ينخفض الدولار. وارتفع الدولار منذ فبراير الماضي، واصلًا إلى ارتفاعات لم يصلها منذ عام يوم الخميس في مقابل سلة العملات، مما تسبب بضرر للنحاس؛ ويرتفع الدولار على خلفية تعليقات رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول والتي عززت التوقعات رفع معدل الفائدة مرتين هذا العام.
ونضيف إلى ذلك الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، واللتان تفرضان تعريفات على السلع، فلا يمكن أن يسوء الوضع أكثر من هذا للنحاس. فبعدنا وصلت الأسعار إلى أقصى حد لها في يونيو 2014، بلغت العقود الآجلة للنحاس المستويات المنخفضة لعام الأسبوع الماضي، وما زالت تحوم حولها. في أثناء اتجاه إدارة ترامب إلى فرض تعريفات على ما قيمته 200 مليار دولار من الواردات الصينية، من ضمنها منتجات مثل: مكيفات الهواء، والثلاجات التي يدخل النحاس في تكوينها.
حرب التجارة، الأزمات الصينية
توقعت R.J.O’ Brien أن النحاس سيستمر في حمل أعباء التعريفات الأمريكية المفروضة على الصين، فالصين هي المستهلك الأكبر عالميًا لكافة المعادن.
وصرحت شركة الوساطة للعقود الآجلة في مذكرة يوم الخميس: "الاقتراحات الرامية إلى تحويل التعريفات إلى استراتيجية طويلة المدى، دون تعريف الصين لذلك، يحول هذا سوق النحاس إلى سيولة." وأضافوا يوم الخميس أن بكين ترفض بشدة تحمل أي مسؤولية عن المأزق الحالي، مما جعل الأمر يبدو وكأن "العلاقات التجارية تسوء بدلا من أن تتحسن."
في أن النحاس ربما وجد قيمة مؤقتة عندما دخل نموذج التعزيز لانخفاضات العام. وفشل النحاس في التماسك فوق 2.7170 دولار للباوند على بورصة نيويورك، يعني بأن هناك "نطاق حاد من الانخفاض ممتد أمام السلعة،" كما ذكرت شركة الوساطة في مذكرتها.
وفي تمام الساعة 6.35 صباحًا يوم الجمعة، شهدت عقود النحاس لشهر سبتمبر على COMEX انخفاض/ارتفاع 0.22% عند 2.722 دولار للرطل. وحدث أمس، الخميس، أن انخفضت تلك العقود 1.3%، لتصل بذلك لمستويات انخفاض لم تصلها منذ عام، وتسجل نقطة دنيا عند سعر 2.674 دولار للرطل. وانخفضت عقود شهر سبتمبر للأسبوع بنسبة 2%، لتحقق بذلك الأسبوع السادس من الخسائر، كما تظهر التسجيلات التاريخية.
وتدلنا المؤشرات التقنية لـ COMEX، تدعو إلى أن النحاس عليه إشارات "بيع قوية."
وفي المستوى الحالي، يظهر نموذج فيبوناتشي أن الدعم اليومي عند 2.658 دولار، والآخر عند 2.618 دولار. ونرى المقاومة عند 2.763 دولار، ومن ثم عند 2.788 دولار، وأخيرًا 2.828 دولار. ويوجد محور عند 2.723 دولار.
بعيدًا عن التحليل التقني، ذكر ر.جي أوبريان أن السبب الأساسي وراء ضعف المعادن هو: ارتفاع 12% على أساس سنوي في إنتاج الصين للنحاس في شهر يونيو.
هل يسير النحاس على منشطات قريبًا؟
تقتنع مجموعة (NYSE:سيتي جروب)جروب أن انخفاضات النحاس تعني أن الأسعار يمكنها أن تفاجئنا وترتفع للأعلى، وتصحب تلك التوقعات أسئلة عن وقت حدوث هذا، بدلا من الأسئلة حول إمكانية الحدوث من عدمها. ولكن أضافت شركة وول ستريت أنه إذا قامت حرب تجارية شاملة، سينهار النحاس "قبل أن يصعد مجددًا."
أعدوا أنفسكم إلى عقد كامل من نحاس يتحرك على منشطات، كما يخبرنا محللو سيتي جروب، من ضمنهم ماكس لايتون، وتراسي لياو، في مذكرة صدرت في 17 يوليو. وأضافوا بأن هناك فرصة شراء طويلة المدى للمعدن الآن في ظل الأسعار المنخفضة.
ويذكر المحللون أسعار 3 شهور على بورصة لندن للمعادن، ويتنبؤون بأن بوصول السعر إلى متوسط 8,000 دولار للطن المربع في 2022، وبحلول 2028 يصل سعر الطن المربع إلى 9,000 دولار، وتبنى تلك الأسعار على سيناريو أساسي، في مقابل استقرار السعر يوم الثلاثاء عند 6,152 دولار للطن المربع.
وأضافت مذكرة سيتي: "ننظر إلى ما هو أبعد من قدرات الحرب التجارية، فما نعتبره هو التحليل الأساسي لسوق النحاس والذي يدلنا على أن الأسعار الحالية والتي بلغت 6,200 دولار للطن، بعيدًا كل البعد عن الارتفاع الكافي لتفعيل تصفية السوق،" كما رفعت المجموعة التنبؤات لعام 2023 من 7,000 دولار إلى 7,500 دولار للطن. "يستعد النحاس ليتفوق أداءًا على أغلب السلع الأخرى، على مدار العقد القادم، ويعزى ذلك الارتفاع إلى فقر النمو في التعدين."
وليست سيتي جروب هي المجموعة الوحيدة التي ترى أن النحاس سينتعش.
فما نراه من ركود عام في تطوير المشاريع بدأ يلقي ظلاله على السوق، وسنرى العرض يهبط إلى ما هو أدنى من تنبؤات المحافظين بالطلب،" يذكر دانيل هاينز، رئيس استراتيجي السلعة في المجموعة البنكية استراليا آند نيوزيلاند المحدودة، وجاءت تلك التصريحات في أحد مقابلة تليفزيونية على بلومبرغ. "مازالت متخذَا موقفًا إيجابي تجاه النحاس على المدى الطويل، وحتى على المدى القصير بدأنا نرى بعض القيمة، كما أن المخاوف من تأثيرات حرب التجارة نالها شيء كبير من المغالاة."