كل هذا الكلام الذي قلناه سابقاً بشأن الاقتصاديات الناشئة وقدرة دونالب ترامب على اضعاف الدولار الأمريكي وفرض تعريفات الحرب التجارية لم يفلح كل هذا في اقناع المستثمرين بشراء المعدن الثمين على الرغم من التراجعات القاسية في عملات الأسواق الناشئة الرئيسية (الصين والهند ورسيا وأخيراً تركيا) بينما تبقى كلمة السر واحدةً بلا تغيير : قوة الدولار الأمريكي والعوائد الأمريكية المرتفعة. والحقيقة أن المستويات الحالية للذهب حيث وصل اليوم الى1187$ للأونصة ( أدنى مستوياته منذ كانون الثاني 2017 ) تفتح مزيداً من التراجعات القاسية بناء على معايير فنية حيث لاتوجد مستويات دعم مهمة قبل 1130$ وهي المستويات التي وصلها منذ ديسمبر/ كانون الأول 2016. خمسة أشهر متواصلة من المكاسب على مؤشر الدولار الأمريكي كانت كافية لأن يخسر الذهب مستويات 1360$ بما يعادل تقريباً 13% خسائر بينما وصل مؤشر الدولار الأمريكي اليوم الى 97 نقطة , الأعلى منذ حزيران 2017. لانريد أن نعقد التحليلات ,هي قوة الدولار الأمريكي بلا منازع , والعوائد الأمريكية التي ترتفع تدريجياً أقنعت الكثيرين بجدواها . عادةً ما يكون ارتفاع التضخم في الصين والهند سبباً مهماً لشراء الذهب ولكن لا معدلات التضخم ارتفعت بقوة كبيرة في الصين (2.1% حالياً) ولا الهند ألغت الضرائب والرسوم على واردات الذهب بينما يبدو أن تراجع عملات الآسواق الناشئة ( اليوان الصيني , الروبية الهندية والروبل الروسي) دفع الكثيرين لشراء الدولار بدلاً من شراء الذهب التقليدي , هذا بالضبط مايحدث حالياً .
لانريد أن نطيل ,هذه المستويات الفنية حالياً قد تفتح مزيداً من التراجعات الى مستويات أدنى عند 1154$ ومن ثم 1130$ للأونصة حيث لانرى حالياً سبباً قد يعيق الدولار الأمريكي عن تحقيق مزيد من المكاسب مع الملاحظة أن مؤشر الدولار الأمريكي فنياً تشبع بالشراء على مؤشرRSI .عندما حقق الذهب مكاسب جيدة خلال العام الفائت 2017 وارتفع بنسبة 12% تقريباً كانت بسبب تراجع الدولارالأمريكي وليست مخاوف جيوسياسية كما يحلو للبعض أن يعتقد .ولكن في نفس الوقت شكلت المستويات الحالية للذهب دعم قوية ارتفع من عندها الذهب ولم نراها مجدداً الى اليوم . هذا السلوك السعري قد يتكرر مجدداً ولكن علينا الانتباه لمستويات المخاطر والانكشاف . وكما قلتها من قبل , يبقى الذهب أداة استثمارية عادية كبقية الأدوات الأخرى (سندات , عملات ,أسهم) وليس كما يظن البعض أن شراءه قد يعني عدم الخسارة.