شهدت العملة الموحدة "اليورو" تراجع بأكثر من 3% مقابل الدولار الأمريكي خلال جلسات هذا الشهر, ونحو أدنى مستوياته في شهرين. حيث كانت هناك بعض العوامل السلبية من مخاطر التجارة العالمية كذلك أحداث البريكست.
بالإضافة إلى تحديات الميزانية الإيطالية وبيانات المؤشرات الصناعية السلبية التي أتت عند أسوأ مستوى في أكثر من عامين, والتي وضعت زوج اليورو مقابل الدولار أمام المزيد من التراجعات قبل يوم واحد من إجتماع البنك المركزي الأوروبي يوم الخميس.
حيث قد وضع البنك المركزي الأوروبي بعناية خطته لإستخراج نفسه من السياسة النقدية المتساهلة مع تركيز المستثمرين الآن على كيفية إعادة إستثمار المؤسسة في العائدات من الديون المستحقة, وأي إشارات متفائلة بشأن التضخم قد تعطي اليورو دفعة قوية بعد الإنخفاض إلى أدنى مستوى خلال شهرين مما يعكس حذر صانعي السياسة.
ومن المتوقع أن تظهر البيانات الإقتصادية على نطاق واسع كما يتوقع البنك المركزي الأوروبي في سبتمبر. كما لا يوجد شيء جديد على خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي على الرغم من أن الوقت ينفد للتوصل إلى إتفاق للحد من الضرر, وكذلك الخبر الرئيسي منذ آخر إجتماع لمجلس الإدارة وهو ميزانية إيطاليا.
إيطاليا ليست بعد قضية سياسة نقدية للبنك المركزي الأوروبي!
لا شك في أن الدراما الإيطالية يرى البعض أنها ستفشل خطط تطبيع سياسة البنك المركزي الأوروبي, وأن هناك القليل من الأدلة على العدوى لبقية منطقة اليورو, ولكن هذا ليس أساسي مع بعض الإشارات والإستجابات من الإدارة الإيطالية بالإضافة لعدم مراهنات الحكومة الحالية على تحدي الإتحاد الأوروبي ومحاولة الإستغناء عن الكتلة الأوروبية وفقاً لتصريحات المسؤولين الإيطاليين.
حيث دفع دراغي اليورو إلى أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر في سبتمبر بعد أن وصف الضغوط التضخمية بأنها "قوية نسبياً", وذلك على الرغم من أن العملة عادت منذ ذلك الحين إلى تحركها في مواجهة المخاوف المالية المتزايدة في إيطاليا.
مع الأخر التحديثات الواردة تمت الموافقة على ميزانية إيطاليا في روما ولكن ليس في بروكسل, وقد طالبت المفوضية الأوروبية بتفسير. حيث إن الإنفاق الإضافي المزمع الذي يبلغ 1.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل مقارنة بالخطط السابقة سيعطي دفعة كبيرة للنمو, ولا شيء سيئ في ظل الإقتصاد الذي يشهده هامش إحتياطي واسع.
لكن هذه الخطط تخون الرغبة في التضحية بالإستدامة المالية على المدى المتوسط من أجل الإنفاق الشعبي, ولكن ربما تكون سيئة التوجيه. فقد قوبلت بالشكوك من جانب الأسواق المالية وصانعي السياسة في البنك المركزي الأوروبي بما في ذلك رئيس البنك المركزي الألماني ينس فايدمان.
أما بالنسبة للبنك المركزي لا تتطلب خطط الميزانية أي رد, وقد لا يتم تطبيقها حتى في ظل مجادلة البعض بأن الإرتفاع في العائدات يبعث على الطمأنينة بمعنى أن مشتريات الأصول لم تحجب مؤشرات السوق بالكامل.
مع ذلك, في حالة تصاعد المواجهة مع بروكسل إلى نزاع أكثر عمقاً, وإرتفاع عوائد السندات إلى مستويات قياسية جديدة فإن تشديد السياسة النقدية في منطقة اليورو قد يجلب بعض الإستجابة من صانعي السياسة.
البيانات الصناعية تضغط على اليورو!
تباطأت المؤشرات الصناعية في منطقة اليورو مع أسوأ أداء في أكثر من عامين في بداية الربع الرابع بسبب معاناة الشركات المصنعة من تزايد المخاوف بشأن التجارة العالمية, وكان رد فعل السوق واضحاً أيضاً حيث إنخفض اليورو إلى أدنى مستوى له في شهرين.
تأتي تلك القراءة السيئة لمؤشر مديري المشتريات المركب والقطاع الصناعي والخدمات قبل يوم واحد من إجتماع صناع السياسة في البنك المركزي الأوروبي لمراجعة المخاطر التي تواجه الإقتصاد, وذلك أيضاً مع تعهدهم بخفض برنامج شراء السندات في ديسمبر.
مع ذلك, يشير مسح مؤشر مديري المشتريات المركب في منطقة اليورو إلى أن مخاطر الإتجاه الهبوطي للإقتصاد قد تتحقق, وقد يثير هذا الشكوك بين المستثمرين بشأن توقيت زيادة سعر الفائدة الأولى من البنك المركزي الأوروبي.
حيث توقع البنك المركزي الأوروبي توسع بنسبة 0.4٪ للربع الثالث والرابع, وتباطأ النمو إلى 0.4٪ في الربع الأول من 0.7٪ في الربع الرابع في عام 2017 كما ظل عند هذا المستوى في الفصل الثاني من عام 2018.
كما تشير الإستطلاعات الرئيسية الأخرى التي صدرت في أكتوبر إلى تباطؤ في النمو, وجاءت أحدث الأرقام الخاصة بعنصر التقييم الحالي لمسح ZEW وثقة المستهلك في منطقة اليورو أدنى من متوسطاتهم للربع الثالث.
بشكل عام, أي من تلك النتائج للربع الثالث لن يؤدي إلا إلى القليل لتغيير خطط السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي, وحتى التباطؤ إلى 0.3٪ لن يكون سبباً كبيراً للقلق نظراً لضعف الركود في الإقتصاد. بينما سيكون التراجع إلى 0.2٪ أكثر إثارة للقلق بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي لأنه سيؤدي ببطئ إلى إعاقة التقدم المحرز في السنوات الأخيرة.
حيث إذا أستمر التباطؤ قد يبدأ صانعي السياسة في إعادة التفكير في توقيت رفع الفائدة لأول مرة, وقد أشار البنك المركزي الأوروبي أنه يتوقع أن تأتي الزيادة في سبتمبر 2019 حيث هذا هو السيناريو الأساسي.
أيضاً ستكون إستجابة السياسة من خلال توجيهات مستقبلية على أسعار الفائدة, ومن غير المرجح تغيير خطط شراء الأصول التي من المؤكد تقريباً أنها ستنهي عمليات التيسير الكمي في ديسمبر. هذا على الرغم من بعض التحديات القائمة بما يخص ميزانية إيطاليا والبريكست, ومن المستبعد إعادة إطلاقها ما لم تنزلق منطقة اليورو إلى الركود أو تواجه صدمة هائلة للنمو.
هل تعود القوة للعملة الموحدة الأوروبية؟
بعد أن كان اليورو العملة الأكثر صدارة وإستخداماً للمعاملات العالمية قبل خمس سنوات مع أزمة الديون الأوروبية. يبدو أنها بدأت تستعيد تلك الأفضلية وفقاً لبيانات سويفت التي صدرت يوم أمس, وهذا يأتي مع تراجع حصة التعاملات التي تتم بالدولار الأمريكي في التجارة الدولية.
هذا على أثر إضطرابات الحرب التجارية المشتعلة من إدارة الرئيس ترامب بمواجهة أغلب الإقتصادات العالمية, وذلك أتى بثمارها نحو العملة الموحدة حيث أن 4 نقاط مئوية فقط تفصل الآن ما بين الدولار وحصة سوق اليورو.
النظرة الفنية
في ظل التحديات والتراجع على زوج اليورو مقابل الدولار الأمريكي لم يصحح الزوج سوى نسبة 38.2% من مستويات فوبوناتشي من تراجعاته من قمة عام 2018 في منتصف فبراير إلى أقل مستوى في منتصف أغسطس.
كما تشير المتوسطات المتحركة على هذا الزوج نحو الإتجاه الهبوطي على المدى القصير, وتحدد المقاومة 1.1600 نحو الإتجاه الصعودي على المدى المتوسط للفترة القادمة. يواجه حالياً الزوج مناطق دعم عند 1.1360, والتي بإختراقها قد يستهدف مستوى 1.1301 أدنى سعر في 15 أغسطس, ومع أي أغلاق يومي ما دونها يضع الزوج تحت الضغط للمزيد من التراجع نحو.
بينما إذا ما كانت البيانات الواردة من البنك المركزي الأوروبي إيجابية على غرار تصريحات رئيس البنك ماريو دراجي في سبتمبر. فقد يعزز من إيجابية اليورو للصعود لإختبار 1.1538 متوسط متحرك 21 يوم, ومن ثم مستوى 1.1588 متوسط متحرك 50 يوم, وأي إغلاق يومي أعلى مستوى 1.1600 قد يعزز من الزوج لإستهداف 1.1815 قمة سبتمبر الماضي.
تويتر: Abdelhamid_TnT@