المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 26/12/2018
ما يحدث الآن خارج نطاق توقعات متداولي الأسهم لنهاية عام 2018. فعلى مدار العام، اتسمت أرباح الشركات بالقوة، والاقتصاد بالازدهار، وقدم رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، تخفيضات ضريبية كان من المفترض اسهامها في إنفاق المزيد من المستهلكين والشركات.
ولكننا ندخل الآن الأسبوع الأخير في العام، والصورة قبيحة. خلال الأشهر الثلاث الماضية، سيطر الخوف وعدم اليقين على المستثمرين متسببًا في تصفية عملاقة محت 5 تريليون دولار من قيمة الأسهم العالمية، واكتوى المستثمرون بالنيران في يوم التداول بتاريخ 24/12، أمسية عيد الميلاد، أسوأ أداء للأسهم لذلك اليوم على مدار التاريخ.
ويختلف الاتجاه الهابط هذا عن سابقيه، ففي حالات الهبوط السابقة كان المستثمرون يلجؤون لاستراتيجية شراء الأسهم بالأسعار المنخفضة للتربح منها عند الارتفاع، ولكن الآن لا تبدو تلك الاستراتيجية صالحة. فيحتمل أن تنهي الشركات الكبرى أكثر الأعوام قوة في سوق الثيران مكتسية باللون الأحمر، مثل: آبل، وفيس بوك، وجوجل.
ما واجه عملاقة التواصل الاجتماع، سواء (NASDAQ:فيس بوك) أو (NASDAQ:جوجل) أو (NYSE:تويتر)، كانت رياحًا معاكسة غاية القوة. فتأذت تلك الشركات من خوف المستثمرين المسيطر عليهم جراء الرقابة الحكومية والتنظيمية التي شرعت تتفحص عمل تلك المنصات بسبب استخدام أعداء الولايات المتحدة، مثل روسيا، لتلك المنصات لأغراض التلاعب بالرأي العام، والانتخابات الرئاسية لعام 2016، حسب مزاعم. وأيضًا، ظهرت تقارير عن خروقات للبيانات، رفعت من معدل قلق العامة حول صلاحية وأهلية تلك الشركات على المدى الطويل.
في هذا الصيف، أصبحت شركة (NASDAQ:آبل) أكبر الشركات قيمة في العالم، وهي الشركة المنتجة لهواتف آيفون، وماك، واستمرت في مركزها هذا حتى الخريف، فكمنت الشركة في قلعة حصينة مبتعدة عن مشكلات شركات التواصل الاجتماعي. ولكن، وقعت تحت ضغط خلال الربع الأخير، خلقته البيئة الاقتصادية، فخشى المستثمرون على معدلات نمو مبيعات آيفون بعد انتهاء دورة النمو الخارقة، وبذلك تصبح الأرباح المستقبلية أضعف، لو تباطأ النمو العالمي، وتصاعدت حدة الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة.
وفي فضاء التكنولوجيا، كان صانعو الشرائح الرقمية أكبر مستفيد من محبي الهواتف الذكية، وألعاب الفيديو، وتزايد طلب شركات الذكاء الصناعي، والقائمين على تعدين العملات المشفرة، وأصبحت معدلات الطلب تلك الآن أمرًا من الماضي.
الخاسر الأكبر
(NASDAQ:إن فيديا) أحد الشركات المحببة لقلب وول ستريت، والتي شهدت انعكاسات درامية، وهي أكبر شركة لإنتاج الشرائح الرقمية. ارتفعت قيمتها السوقية من مجرد 14 مليار دولار في 2016، إلى أكثر من 175 مليار دولار في سبتمبر 2018. وتراجع سعر السهم منذ ذلك الحين -يبلغ التراجع الآن 54%- مما يجعلها الأسوأ أداءًا بين الشركات المدرجة على أسهم ستاندرد آند بورز 500.
وفقدت أكبر شركة طاقة في البلاد كافة الأرباح التي تمكنت من تحقيقها، بعد الهبوط الأخير في أسعار النفط، وتراجع برنتبعد تحقيقه سعر 86 دولار للبرميل في أكتوبر. ويعاني السوق الآن من تخمة في المعروض من النفط، وفق الإشارات، في حين يشهد النمو العالمي تباطؤًا يلقي بثقله على السلعة.
ساعدت المخاوف إزاء الركود المستثمرين في تحويل شعورهم تجاه أسهم الطاقة القوية، التي استمرت في توفير تدفق نقدي ممتاز بعد أعوام من التضييق، ومحاولة تعزيز الكفاءة الإنتاجية. تبلغ خسائر (NYSE:إكسون موبيل)، (NYSE:وشيفرون) ما يقرب من 25%.
ليس الجميع خاسرًا. فبينما ارتفع التذبذب، وساءت الأوضاع الاقتصادية، تحول المستثمرون إلى الأسهم التي عادة ما توفر الأمن والعائد. فتمكنت بعض القطاعات من تحمل كافة مساوئ الوضع الحالي، وتجاوزته بطريقة متفوقة على تعامل قطاع الأسهم، تلك القطاعات هي: قطاع الخدمات، والرعاية الصحية، والأسهم التي لا تعتمد على سلع ليست رفاهية.
فتمكنت شركة (NYSE:بروكتر آند جامبل)، التي تنتج سلع استهلاكية أساسية، من تحقيق أرباح تزيد عن 15% على مدار الشهور الستة الماضية، وتمكنت شركة (NYSE:ميرك) من تحقيق أرباح مشابهة، تقدم ميرك خدمات صحية. بينما إس آند بي 500 منخفض ما يزيد عن 20% خلال نفس الفترة.
فشلت محلات بيع التجزئة على أرض الواقع، مثل (NYSE:وول مارت)، أو المواقع الرقمية، مثل شركة (NASDAQ:أمازون)، في المحافظة على ما سجلته من ارتفاعات، رغم قوة إنفاق المستهلكين التي ساعدتهم في النمو والتفوق على التحليلات.
ارتفعت أسهم أمازون بنسبة 70% عند نقطة ما هذا العام، وهبطت بنسبة 34% من ذلك المستوى. ويمكن للشركة أن تنهي عام 2018 بأرباح ثنائية الأرقام ضعيفة.
خلاصة القول
من الصعب إلقاء اللوم على عامل واحد فقط فيما يتعلق بأداء سوق الأسهم السيء. فما حفز الكثير من المستثمرين على اللجوء للهامش والمشاهدة فقط، وأدخل الأسواق في سوق دببة، كان وضع الاقتصاد المتردي.
فلا يمكن تنحية دور: حرب التجارة بين الولايات المتحدة والصين، والفيدرالي المتحول لمعسكر الصقور، وأقاويل البقاء في ذلك المعسكر ورفع معدلات الفائدة مرتين في عام 2019، والرئيس ترامب وحركاته العنيفة، التي يخبر السوق بها عن طريق تويتر، تلك العوامل كافة ساهمت في زيادة الخوف وعدم اليقين عمّا هو آتٍ.