المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 25/3/2019
يفكر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مليًّا في فرض تعريفات عقابية على واردات الولايات المتحدة من السيارات الأوروبية، ويهدد هذا بهبوط سوق أسهم شركات صناعة السيارات الأوروبية، وليس تهديد ترامب هو العامل الوحيد، فهناك عوامل أخرى مثل: التباطؤ في الاقتصادين الصيني والأوروبي، والسباق المكلف الذي تخوضه الشركات القديمة لتطوير سيارات تعمل بالطاقة الكهربية، ومركبات قيادة بدون قائد.
أجرى وزير التجارة الأمريكي، ويلبر روس، تحقيقًا حول ما إذا كانت السيارات المستوردة من أوروبا تضر بالأمن القومي الأمريكي أم لا، ويمتلك ترامب وقتًا للنظر في نتائج هذا التحقيق حتى منتصف شهر مايو. قدم روس تقريره الشهر الماضي. ويحصل ترامب على 15 يوم إضافية، قبل تطبيق أي إجراءات وقائية.
وتراجع مؤشر السيارات الأوروبي، SXAP، نسبة 22% على مدار العام الماضي، نظرًا لوقوعه تحت الضغوط المؤثرة على صناعة المركبات حول العالم. وتمكن المؤشر من جني 11% منذ بداية العام الجاري، على أمل تحقيق ترامب لإنجاز في مفاوضاته مع الصين.
"لم تسقط قضية التعريفات كليةً من الحسابات،" وفق ما يقوله جيورجو فينتاني، الشريك ومدير المحفظة الاستثمارية في Canara Capital Partners، في مقابلة بتاريخ 19 مارس. فيقول عن قرار التعريفات "هذا القرار سياسي، وغير متوقع."
هبطت أسهم (DE:فولكس فاجن) نسبة 7.7% على مدار العام الماضي، وهبطت أسهم (MI:بي إم دبليو) 16% على مدار نفس الفترة.
الرسم البياني الأسبوعي لتحركات سهم بيجو على مدار الاثني عشرة شهر الماضية
على الجانب الآخر، ارتفعت أسهم (PA:بيجو)، مُصنِع سيتروين، نسبة 18% بنهاية عام 2018.
يقول فينتاني: "إن السوق يخبرك ألا حاجة بك للعودة مسرعًا لتلك الأسهم." ويتابع: "يرغب أغلب الناس في تحوط المخاطر،" ولكنه الآن ليس لديه أي مراكز على أسهم شركات تصنيع السيارات. "فأنا أنتظر رؤية ما إذا كانت الأحوال ستتحسن أم لا."
تعد الولايات المتحدة الوجهة الأولى لاستيراد السيارات المصنعة في الاتحاد الأوروبي، ووفق جمعية مصنعي السيارات الأوروبيين، تستورد الولايات المتحدة "29% من قيمة التصدير الإجمالية للاتحاد الأوروبي." وبالمعطيات السابقة، ستتعرض الصناعة لضربة قوية في حال فرضت الولايات المتحدة تعريفات عليها. ويعد دعم الصناعة في الولايات المتحدة أحد أهم الموضوعات التي ترتكز عليها رئاسة ترامب. فخلال العام الماضي، استوردت الولايات المتحدة ربع حاجاتها من السيارات من الاتحاد الأوروبي، وفق الأرقام الرسمية.
وما يؤلم ترامب في هذا الموضوع، ويهيمن على تغريداته بهذا الصدد، هو خلل التوازن التجاري بين صناعة السيارات الأمريكية، والألمانية. فأرسلت ألمانيا في 2018 ما قيمته 18.65 مليار دولار من السيارات للولايات المتحدة، واشترت ألمانيا ما قيمته 5.8 مليار دولار من السيارات الأمريكية، لتكون الفجوة بذلك 12.81 مليار دولار، وفق بيانات جمعية مصنعي السيارات الأوروبيين.
ويتأثر صانعو السيارات الألمان من التعريفات العقابية المحتملة التي يمكن للولايات المتحدة فرضها. وتتعرض شركات: بي إم دبليو، (DE:ودايملر)، ومرسيدس لأقصى أذى سيقع من تلك التعريفات، وذلك وفق مشتريات السوق الأمريكي منهم، والمنشورة على موقهم الإلكتروني.
فاشترت الولايات المتحدة 14.3% من منتجات بي إم دبليو خلال العام الماضي، من أصل مبيعات الشركة على مستوى العالم. ومن شركة مرسيدس كانت الولايات المتحدة هي الممثلة لـ 13.7% من مبيعات الشركة على مستوى العالم. وفولكس فاجن، أكبر صانع سيارات، كانت مشتريات الولايات المتحدة الإجمالية من الشركة 5.6%.
ولو فرض ترامب تعريفات استيراد إضافية بنسبة 25% على السيارات الألمانية، يمكن أن تقل الصادرات بنسبة 50% تقريبًا على المدى الطويل، وفق المركز البحثي الألماني Ifo. فسوف تكون تلك التعريفات قادرة على تقليل إجمالي السيارات المصدرة من ألمانيا بنسبة 7.7%، أو 18.4 مليار يورو (20.9 مليار دولار) وفق ما ذكره تقرير المركز البحثي في فبراير.
وفي الوقت الراهن، لا تبيع الشركات الفرنسية (PA:رينو) وبيجو سيارات للولايات المتحدة، ولكن لهذا أن يتغير في المستقبل. فتخطط مجموعة بيجو لتحفيز مبيعاتها خارج أوروبا بنسبة 50% بحلول 2021. وقال الرئيس التنفيذي للشركة، كارلوس تافاريس، في فبراير الماضي أن الشركة تفكر في إعادة إدخال العلامة التجارية بيجو للولايات المتحدة مجددًا، ولكنها تنتظر نتائج المفاوضات، قبل الشروع في تنفيذ الخطة.
وتضيف احتمالية فرض الولايات المتحدة لعقوبات لحدة القوى التي تعاكس صعود شركات صناعة السيارات الأوروبية. والعامل الأهم وراء تراجع أداء الأسهم هو التباطؤ الاقتصادي الذي ضرب أوروبا. ففي وقت سابق من الشهر الجاري، خفض البنك المركزي الأوروبي توقعاته للنمو الاقتصادي في منطقة اليورو من 1.7% إلى 1.1% للعام الجاري.
وآخر ما أصدرت الشركات من إشارات تنبيه كان تحذير بي إم دبليو هذا الأسبوع من توقعها هبوط الربح قبل دفع الضرائب بنسبة 10% على أقل تقدير لهذا العام، وتسير الشركة على برنامج كفاءة مقداره 12 مليار يورو حتى تتجنب أي تأثيرات للأزمات التجارية وحتى تتحول لتصنيع السيارات الكهربية.
وبما إن صناعة السيارات هي من القطاعات الدورية، فيقول فينتاني إنه بتحول مسار الاقتصاد للصعود، سوف يستفيد الجميع. وربما تغري المستويات السعرية الحالية للأسهم مستثمري القيمة "ويدخلون مراكزهم على اعتقاد ان الشركات يمكنها النجاة من تأثيرات ما سيحدث،" وتابع أنه في القطاعات الدورية، يفضل سوق أسهم التكنولوجيا الأمريكي عن سوق السيارات الأوروبي.