يوماً بعد يوم , يصبح التداول في الأسواق العالمية أكثر تعقيداً وأكثر بطئاً منذ سنوات طويلة . والحقيقة هذا ليس بالأمر السهل لأنه تحدي حقيقي لكل من المتداولين والبنوك على حد سواء , فكل البنوك الكبيرة والصغيرة مع الوسطاء في الأسواق العالمية ترتفع أرباحهم على إيقاع ارتفاع أو انخفاض قيم التداول ولذلك لن يكون بمقدور جميع الوسطاء الصغار الاستمرار أمام التحديات الكبيرة.
لنأخذ الذهب كمثال , يتداول حالياً عند 1283$ للأونصة الواحدة , ما بين اليوم وأمس , لم بتغير نطاق الذهب لأكثر من خمسة دولارات , هذا الكلام ينطبق على اليورو مثلاً الذي يتداول حالياً عند 1.1182$ مقابل الدولار الأمريكي حيث كان هامش تداولات هذا الزوج في مستوى لا يتجاور أربعين نقطة بين أعلى مستوى وأدناه. هكذا بيئة تداول تحتم علينا كمتداولين مزيداً من الصبر , ومزيداً من تجنب الانكشاف الكبير على المخاطر.
على مؤشر النصف ساعة يبدو الذهب ضعيفاً اليوم . مؤشر RSI يشير الى إمكانية التراجع الى 1277$ للأونصة ,هذا ليس بمستوى بعيد ولكنه أيضاً لا يخيف من الناحية الشاملة لبناء مراكز للذهب . طالما أن نطاق التداولات بقي ضعيفاً وطالما أننا لم نصل الى مستوى 1250$ للأونصة , هذا يعني ( فنياً على الأقل ) أن الذهب باق في الاتجاه الصاعد حالياً. هذا يتفق مع وجهة نظرنا الأساسية لبناء مراكز للذهب منذ أن كان عند 1220$ للأونصة قبل أشهر عديدة. لابد أن نأخذ بعين الاعتبار عدة معايير هامة :
أولاً , من غير المتوقع أن ترتفع معدلات التضخم الأمريكية والأوربية الى مستويات 2% قريباً, تقف حالياً قريبةً من 1.8%. هذا عامل مهم لأن شراء الذهب لطالما كان أداة جيدة للتحوط من التضخم بفعل عمليات التيسير النقدية في العشر سنوات الأخيرة مع المعدلات المنخفضة تاريخياً للفائدة. التغييرات في بنية الاقتصاد الرأسمالي العالمي ستجعل من ارتفاع التضخم عملية أكثر تعقيداً وبالتالي سيخرج هكذا عامل من اللعبة في الاقتصاديات المتقدمة. الباب الوحيد سيفتح من الصين التي تقف فيها معدلات التضخم عند 2.5% حالياً واذا ما استمر الوضع على هذا النحو من الالتزام الحكومي والحرب التجارية سترتفع هكذا أرقام , سيكون شراء الذهب خياراً مهماً من الصين . الرسم البياني يوضح هكذا ارتباط بين التضخم الصيني وأسعار الذهب .
ثانياً , قوة الدولار الأمريكي التي وصلت الى أعلى مستوياتها في عامين تقريباً هي ليست فجائية أو عرضية, بمعنى لم تأتي من عبث. يتداول مؤشر الدولار الأمريكي عند 97.60 نقطة حالياً, ولم يتراجع بشكل كبير يخرج عن المألوف. من غير المتوقع أن يتم التصحيح القاسي على الدولار الأمريكي الا في حالتين :
أولاً , تراجع عوائد السندات الأمريكية لعشر سنوات الى مستويات أدنى من 1.85% وهي حالياً عند 2.31% , بمعنى المخاطر المرتفعة لشراء الأدوات الأكثر أماناً.
ثانياً , التغيير الكلي في نظرة الفيدرالي الأمريكي للاقتصاد والتي على أساسها قد يعيد الاعتبار لعملية تسعير الفائدة في البنك المركزي والتي عندها غالباً ستكون لمستويات أدنى , حالياً عند 2.5% . هكذا سيناريو لن يحدث قبل الربع الرابع أو حتى الأول من العام القادم .
كنوع من تجنب المخاطر العالية , والرهان على أنه لا أحد يمكنه توقع التصحيح القاسي لمؤشرات الأسهم أو بداية تراجع قاسي للمعايير الاقتصادية , يجب تجنب الانكشاف الكبير حتى على الذهب نفسه خاصة في هكذا بيئة معقدة وبطيئة للتداولات.
تابعونا على حساباتنا في تويتر وتيليجرام للمزيد من التوصيات والنصائح المباشرة اضافةً الى التحديثات اليومية .