الغاز الطبيعي متألق في سوق الطاقة، ما السبب، وإلى متى؟

قد يشعر المضاربون على ارتفاع الغاز الطبيعي بالرغبة في اطلاق الاحتفالات بالنصر. ولماذا لا يشعرون بذلك؟

ارتفعت أسعار الوقود المستخدم في توليد الطاقة بنسبة كبيرة بلغت 35٪ منذ بداية شهر أغسطس، وإذا استمرت في المحافظة على المكاسب، فمع إغلاق الغد ستنهي الأسبوع الثالث على التوالي من تحقيق المكاسب.

الرسم البياني الأسبوعي للغاز

تشير توقعات الطقس، من (ناتغازوذر) و(بيسبوك للتوقعات الجوية) و(مجموعة إي بي دبليو للتحليلات) إلى طقس حار بشكل غير عادي على المدى القريب، وهو ما قد يدفع الأمريكيين إلى زيادة في استخدام أجهزة تكييف الهواء، مما يرفع من الحاجة إلى الطاقة الكهربائية، وبالطبع، اللجوء إلى الغاز لإنتاجها.

ثمانية أسابيع من الارتفاعات الطفيفية المخزونات

من المقرر أن تصدر البيانات الأسبوعية الرسمية لمخزونات الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة في موعدها المعتاد اليوم عند الساعة 10:30 صباحاً بالتوقيت الأمريكي الشرقي (2:30 بعد الظهر بتوقيت جرينتش). ويتوقع المحللون أن تكمل بيانات اليوم سلسلة من ثمانية أسابيع متتالية من الارتفاعات لكن دون الوصول إلى حجم زيادة من ثلاث خانات، مما يشير إلى أن الغاز المستخرج من الأرض، يتم استغلال أغلبه، وتخزين جزء أقل منه.

يقول المحلل دان مايرز من (جيلبير ومشاركوه): "بينما يترقب السوق بيانات المخزون، لأنها ستعكس درجات الحرارة الساخنة التي شهدناها الأسبوع الماضي، فإن هنالك سبب آخر لترقبها وهو أنها ستشمل كذلك المؤشرات الأولى حول ما إذا كانت الأسعار المرتفعة التي شهدها السوق هذا الشهر قد أثرت على نسبة توليد الطاقة الكهربائية من الغاز، مقارنة مع الطاقة التي يتم إنتاجها باستخدام الفحم".

وكتب مايرز هذه التعليقات في رسالة بريد إلكتروني أرسلها يوم أمس الأربعاء لعملاء الشركة التي تعمل في مجال استشارات ومخاطر الغاز، ومقرها هيوستن بولاية تكساس. وتلقى موقع Investing.com نسخة من البريد الإلكتروني.

وأضاف مايرز: "من المرجح أن يؤدي حجم هذه الزيادة إلى تحريك السوق بطريقة أو بأخرى لأنه يساعد في تحديد ما إذا كان بإمكان أساسيات السوق الحفاظ على الارتفاع الحالي، أو ما إذا كان الاتجاه السعري ارتفع بشكل كبير وسريع جدا".

وكان عقد الغاز الطبيعي لشهر سبتمبر في نقطة (هنري هب) في بورصة نيويورك التجارية (نايمكس) قد وصل إلى 2.426 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية بعد ظهر يوم الخميس بالتوقيت الآسيوي، مقارنة بـ 1.853 دولار الذي هو أدنى سعر له هذا الشهر. ومنذ بداية الأسبوع، ارتفع العقد بنسبة 2.97٪، ليشيف إلى مكاسب الأسبوعين السابقين التي كانت 5.3٪ و24.4٪. وكان السعر الذي وصل له عقد سبتمبر يوم الثلاثاء عند 2.465 دولار، هو أعلى مستوى في ثمانية أشهر.

وأظهر مسح للمحللين أطلع عليه موقع Investing.com أنهم يتوقعون أن ترتفع المخزونات الأمريكية بواقع 43 بليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي خلال الأسبوع المنتهي في 14 أغسطس، وهو مستوى قريب من الطبيعي، حيث أدى استخدام تكييف الهواء أثناء الطقس الحار إلى تعويض التراجع الكبير في الطلب على الغاز، والذي تسبب به وباء كورونا.

وكانت المخزونات قد ارتفعت بمقدار 56 بليون قدم مكعب خلال نفس الأسبوع من العام الماضي، أما المتوسط المتحرك لـ 5 سنوات ( بين 2015 و 2019) فيبلغ 44 مليار قدم مكعب للأسبوع المذكور.

أما في الأسبوع السابق والمنتهي في 7 أغسطس، ارتفعت مخزونات الغاز بمقدار 58 بليون قدم مكعب.

وإذا صحت توقعات المحللين، فإن الزيادة في المخزون خلال الأسبوع المنتهي في 14 أغسطس، سترفع من مجموع المخزونات إلى 3.375 تريليون قدم مكعب. وإذا ما تحقق ذلك، فإن هذا الرقم سيكون أعلى بنحو 15.1٪ من المتوسط المتحرك لـ 5 سنوات، و21.4٪ أعلى من مخزون ذات الأسبوع من العام الماضي.

طقس أكثر سخونة من المعتاد

لقد كان الطقس أكثر سخونة من المعتاد الأسبوع الماضي، مع وصول عدد الأيام التي تحتاج إلى تبريد (DU:TABR) الهواء (CDD) إلى 102 يوم، مقارنة بمتوسط أخر 30 عاماً والبالغ 85 يوم لهذه الفترة. ويستخدم مقياس عدد الأيام التي تحتاج إلى تبريد الهواء (CDD) لتقدير الطلب على التبريد داخل المنازل ومباني الشركات، وبقيس المؤشر عدد درجات الحرارة التي يظهرها كل يوم تصل فيه درجة الحرارة إلى ما فوق 65 درجة فهرنهايت (18 درجة مئوية).

ونعود إلى المحلل مايرز الذي يقول إن التغيير الأخير على توقعات الطقس في فترة الـ 6 إلى 10 أيام القادمة، أدى إلى رفع توقعات الطلب على الطاقة الكهربائية للأسبوع المقبل، مع استمرار الطقس الحار في مناطق الغرب الأوسط وشمال شرق الولايات المتحدة.

أما موقع (Naturalgasintel.com)، نقل عن المحللين في (أي بي دبليو) قولهم إنهم يرون المكاسب الأخيرة في بورصة نايمكس باعتبارها مكاسب "دائمة" من منظور موسمي قائم على أساسيات الطب على الغاز. وأشار المحللون إلى أن المتوسط المتحرك لـ 7 أيام للإنتاج انخفض بمقدار 0.4 بليون قدم مكعب في اليوم خلال الأسبوع الماضي، في حين أن المتوسط المتحرك لـ 7 أيام للطلب على الغاز الطبيعي المسال ارتفع بمقدار 0.5 بليون قدم مكعب يومياً في ذات الفترة.

ونقل الموقع المذكور عن تقرير لـ (أي دبليو بي) نصاً يقول: "في حين أن الأساسيات الرئيسية لن تشتد بسبب الـ 0.9 بليون قدم مكعب في اليوم، ولمدة أسبوع واحد، إلا أنه طالما استمرت صادرات الغاز الطبيعي المسال في الارتفاع بينما ينخفض الإنتاج، فمن المرجح أن تبقى أسعار الغاز الطبيعي في مسار تصاعدي".

ولكن مسار التخزين الحالي الذي يسير نحو 4 تريليون قدم مكعب مع نهاية أكتوبر، قد يعمل على الحد من صعود الأسعار، وأي محفز هبوطي، مثل التراجع المحتمل في الطلب الذي يمكن أن تتسبب به العواصف الاستوائية "قد يؤدي إلى تصحيح على المدى القصير".

أما مجموعة (موبيوس ريسك) فلقد قالت أن المكاسب قد امتدت، مع تسجيل عقد نايمكس لشهر نوفمبر لـ 18 إرتفاع يومي منذ أوائل يوليو و17 إرتفاع يومي لعقود آلية إنتقال الملكية اليومي (TTF) لذات الشهر. وخلال ذات الفترة، كان هناك 11 تراجع يومي في سعر عقد نوفمبر، و14 تراجع يومي لآلية (TTF).

وفي منشور على موقع naturalgasintel.com يقول موبيوس: "منذ بداية الفترة (7 يوليو) وحتى نهايتها (18 أغسطس)، إرتفع عقد نايمكس لشهر نوفمبر بمقدار 51 سنتاً، وارتفع عقد آلية (TTF) لذات الشهر بمقدار 38 سنتاً".

الفوائد للغاز الطبيعي المسال أيضا

وبرأي موبيوس فإن العلاقة بين أسواق الغاز الطبيعي المحلية، وأسواق نقط التعبئة في أوروبا كانت تزداد قوة أيضاً، لا سيما على جبهة الغاز الطبيعي المسال.

بالإضافة إلى ذلك، ومع كون فارق السعر مع آسيا لتسليم ذات الشهر أقل من 2 دولار، يمكن قول الشيء نفسه عن العلاقة بين نقطة (Henry Hub) في نيويورك ونقطة (JKM) في آسيا. يلفت موبيوس الانتباه إلى حقيقة أن هذه لم تكن ديناميكية جديدة، حيث أدى الانخفاض الأكثر أهمية في أسواق وجهة JKM إلى انهيار في Henry Hub في وقت سابق هذا الصيف.

ووافق مايرز هذا الرأي قائلاً: "الولايات المتحدة ليست الدولة الوحيدة التي تشهد ارتفاعًا في درجات الحرارة، وهو ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، حيث شهدت العقود الرئيسية للغاز الطبيعي المسال في آسيا وأوروبا أيضاً انتعاشاً كبيراً منذ سقوطها إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق في أواخر مايو وأوائل يونيو".

"من المثير أن أسعار الغاز في مؤشر اليابان وكوريا (JKM) قد إرتفعت لتتجاوز حاجز الـ 4 دولارات هذا الأسبوع ، بينما شهد مركز التجارة الهولندي إرتفاعاً إلى ما فوق 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية".

وبرأي مايرز، فإنه في السوق الأوروبي، تسببت شحنات الغاز الطبيعي المسال القادمة من الولايات المتحدة، وكذلك التحول القوي من الفحم إلى الغاز في إنتاج الطاقة الكهربائية، بتوفير التوازن في الأسواق في الأسابيع الأخيرة.

وقال:"خلال الصيف، يتباطأ ملء المخزونات الأوروبية بشكل حاد، وعلى الرغم من أن المخزونات لا تزال في الجزء العلوي من نطاق تداولها في أخر 5 سنوات، إلا أنها الآن تتماشى تقريباً مع مستويات 2019. ومع انتعاش الأسعار على مستوى العالم، فإن تعزيز توقعات الطلب في سوق الغاز الطبيعي المسال، هو بمثابة نعمة لأسعار Henry Hub".

من المرجح أن يتم إصدار تقرير السحنات الملغاة في الولايات المتحدة لشهر أكتوبر في وقت لاحق من هذا الأسبوع، ومن المتوقع أن يظهر التقرير انخفاضاً إضافياً في عمليات الإلغاء للفترة من 15 إلى 26 سبتمبر، حيث يبدو أن تدفقات صادرات الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة ستعود إلى طبيعتها في أواخر الخريف والشتاء.