المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 16/11/2020
يمثل الارتفاع الذي حققته أسعار النفط والذهب في الساعات الأولى من تداولات هذا الأسبوع، جزءاً جديداً من حركات الكر والفر لـ "التداولات الآمنة" المرتبطة بوباء كورونا، في مقابل "تداولات إجراءات الإغلاق"، وهو ما قد ينتج عنه الكثير من التقلبات في أسعار النفط والذهب في الأسابيع القليلة المقبلة، حيث أصبح هنالك مواجهة بين الآمال بشأن اللقاحات والعلاجات، وأوامر السلطات بالبقاء في المنزل.
فلقد ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 1٪ خلال الجلسة الآسيوية لليوم الإثنين، بعد أن ساعدت الآمال في أن يكون هنالك تحرك من طرف مجموعة أوبك+، عن طريق الإبقاء على قيود الإنتاج المعمول بها حالياً لفترة أطول، في أطفاء أثر المخاوف بشأن ضعف الطلب على الوقود نتيجة ارتفاع الإصابات بفايروس كورونا، وإجراءات الحكومات الضارة بالاقتصاد، وارتفاع الإنتاج الليبي.
أما بالنسبة للذهب، فلقد ارتفعت أسعار كل من العقود الآجلة والسبائك الملموسة (العقود الفورية) بعد أن قام المستثمرون بالتحوط ضد تراجع النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة وبلدان أخرى، حيث تم فرض معايير أمان أكثر صرامة بسبب ارتفاع عدد الإصابات.
النفط يرتفع على خلفية البيانات الآسيوية المبشرة
من جهة أخرى، ساعدت البيانات التي صدرت خلال الجلسة الآسيوية لليوم الاثنين، في كل من الصين واليابان، وأظهرت تعافي ثاني وثالث أكبر اقتصادين في العالم، في دعم أسعار النفط. وحصل السائل الأسود على المزيد من الدعم من البيانات التي تفيد بأن المصافي (SE:2030) الصينية قد قامت بتكرير أكبر كمية من النفط الخام على الإطلاق على أساس المعدل اليومي، في أكتوبر.
يقول جيفري هالي، محلل شركة (أواندا) المقيم في سيدني: "إن استمرار تفوق البيانات الاقتصادية الآسيوية يشير إلى أن تعافي استهلاك النفط في المنطقة سيستمر".
"على الرغم من أن التراجع في البيانات الاقتصادية الأمريكية هو أمر متوقع الحدوث، إلا أنه في ظل بقاء آسيا على المسار الصحيح، فإن الضغوط الهبوطية على النفط قد تراجعت"
وبالعودة إلى الأسواق، فعند الساعة 5:46 صباحاً بتوقيت غرينيتش (12:46 بعد منتصف الليل بالتوقيت الأمريكي الشرقي)، ارتفعت العقود الآجلة لخام {{8849|غرب تكساس الوسيط}}، العقد الرئيسي بين أنواع النفط الأمريكية، بـ 53 سنتاً، أو ما يعادل 1.3٪، لتتداول عند 40.66 دولار للبرميل.
أما العقود الآجلة لنفط {{8833|برنت}}، والتي تُعتبر المعيار العالمي في أسعار النفط، ويتم تداولها في لندن، فلقد تقدمت بنسبة 1٪ لتتداول عند 43.20 دولار للبرميل.
وتحققت مكاسب النفط جنباً إلى جنب مع ارتفاع العقود الآجلة لمؤشر {{8873|داو جونز}} في وول ستريت، والذي أفتتح الأسبوع بأكثر من 1٪ من المكاسب، مما يشير إلى أداء قوي عندما تفتتح بورصة نيويورك أبوابها بعد ساعات قليلة من الآن.
وكان كل من خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت قد ارتفعا بأكثر من 8٪ الأسبوع الماضي بعد أن أدى إفراط المستثمرين في التفاؤل بشأن إعلان فايزر (NYSE:PFE) حول النتائج المثيرة التي أظهرتها الاختبارات على لقاحها المخصص لمواجهة فايروس كورونا، إلى ارتفاع أسعار الأصول الخطرة بشكل كبير يوم الاثنين.
ولكن مع تقدم الأسبوع، أصبح من الواضح أن الأمور ليست بهذه السهولة. فظروف التخزين الضرورية للقاح صعبة للغاية، وبحاجة إلى تكنولوجيا متطورة، وغير متوفرة في الأغلبية الساحقة من المنشآت الطبية. وبالإضافة إلى ذلك، هنالك المصاعب المتوقعة في التفاصيل اللوجستية أثناء انتاج وتوزيع أكثر من بليون جرعة لقاح. وهذه الأمور تسببت في تقليل هذه المكاسب في الجزء التالي من الأسبوع.
أسعار الذهب مختلطة الأداء
في بورصة كومكس التجارية في نيويورك، ارتفع عقد {{8830|ديسمبر}} الآجل بـ 1.20 دولار، أو ما نسبته 0.1٪، لتتداول عند 1,887.40 دولار للأونصة. وكانت هذه العقود قد سقطت بنسبة 3.4٪ الأسبوع الماضي، لتسجل أكبر انخفاض أسبوعي لها منذ سبتمبر.
كما نجح الذهب {{68|الفوري}}، الذي يعكس أسعار السبائك المادية الملموسة، في المحافظة على المكاسب خلال جلسة اليوم الإثنين، وإن كان ذلك بارتفاع هامشي للغاية. فلقد تقدمت الأسعار بـ 43 سنتاً فقط، أو ما يعادل 0.02٪، ليتداول عند 1,889.91 دولار للأونصة.
وكان المعدن الثمين قد سقط بأكثر من 100 دولار للأونصة في ساعات معدودة يوم الإثنين الماضي، ضمن "زلزال فايزر"، ليكون يوم الاثنين هو اليوم الأسوأ للمعدن الثمين منذ أغسطس. ولكن منذ ذلك الحين، استعاد الملاذ الآمن بعضاً من خسائره، بعد أن عادت الأسواق إلى النظر إليه على أنه أداة للتحوط ضد ارتفاع عدد حالات الإصابة بفايروس كورونا.
وقد يكون فرض إغلاق كبير في الولايات المتحدة، على غرار ما حصل بين شهري مارس ومايو، أمراً لا مفر منه إذا قرر عدد كاف من حكام الولايات إغلاق المناطق الخاضعة لسيطرتهم للحد من انتشار الفيروس، حتى إذا رفضت إدارة الرئيس ترامب الشروع في مثل هذه الخطوة الصعبة جداً على الاقتصاد.
وعلى صعيد إحصاءات الوباء في الولايات المتحدة، سجلت الإصابات بالفايروس مستويات قياسية جديدة، وتجاوزت 184 ألف حالة يوم الجمعة. ووفقاً لجامعة جونز هوبكنز، وصل عدد الإصابات في البلاد إلى 10.8 مليون إصابة، بينما وصل عدد الوفيات المرتبطة بالفايروس إلى 246 ألف وفاة.
إن إمكانية فرض إغلاق ثاني على المستوى الوطني قد أصبحت أمراً حقيقياً تماماً، بعد أن قال مستشار فريق عمل الوباء للرئيس المنتخب جو بايدن، الدكتور مايكل أوسترهولم، أن إغلاق الشركات لمدة أربعة إلى ستة أسابيع يمكن أن يساعد في كسر الوباء.
وليست الولايات المتحدة وحدها هي التي تواجه قيوداً تدمر الاقتصاد. ففي أوروبا، أعلنت شركة فينشي الفرنسية المشغلة للطرق السريعة في البلاد، أن حركة المرور انخفضت بنسبة 48٪ في أول أسبوع كامل من شهر نوفمبر، وذلك في نتيجة متوقعة لإجراءات الصحة العامة الأخيرة التي اتخذتها الحكومة. ومن المقرر أن تبقى الإجراءات المفروضة على ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا سارية المفعول حتى 1 ديسمبر على الأقل. وبينما أصبحت إنجلترا في حالة شبه اغلاق في الوقت الحالي، حذرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل يوم الجمعة من أن القيود التي فرضتها حكومتها مؤخراً على النشاطات الاجتماعية قد تستمر إلى ما بعد نهاية العالم الحالي.
كل هذا قد يعني تقلبات غير متكافئة في أسعار النفط والذهب.
بعد الاختراق الصعودي للخام الأمريكي، ووصوله إلى أعلى مستوياته في 10 أسابيع فوق حاجز الـ 43 دولار يوم الأربعاء، عاد إلى التصحيح والهبوط حيث تراجع بنحو 3 دولارات.
وفي حالة الذهب، يمكن أن يصبح التأرجح بين مستوى 1,850 ومستوى 1,900 دولار للأونصة عنصراً شبه دائم في المستقبل المنظور ما لم يتم إقرار حزمة تحفيز اقتصادية أمريكية جديدة في وقت مبكر من العام الجديد، كرد فعل على ما يفعله الوباء بالاقتصاد الأكبر في العالم. مثل هذه الحزمة ستكون بمثابة العلاج الشافي للذهب.
أما إيلي تيسفاي، كبير محللي السوق في (أر جاي أو فيوشرز)، فيقول: "هنالك خوف من موجة ثانية مع عمليات الإغلاق والقيود، ويجب على السوق العمل على أساس (بعض) التحفيز للاقتصاد الأمريكي. لذلك، على السوق في مرحلة ما أن يتوقع تلك السيولة وأن يأخذ في اعتباره التضخم المحتمل".