الأسواق بانتظار باول، ما هو المتوقع؟

تم النشر 14/07/2021, 13:32

ما زال الدولار مُحتفظ بما جناه من مكاسب أمام أغلب العملات الرئيسية بعد صدور مؤشر أسعار المُستهلكين عن شهر يونيو في الولايات المُتحدة الذي أظهر ارتفاع سنوي بلغ 5.4% في حين كان المٌتوقع ارتفاع ب 4.9% فقط بعد ارتفاع ب 5% في مايو، كما جاء المؤشر استثناء أسعار المواد الغذائية والطاقة على ارتفاع سنوي بلغ 4.5% في حين كان المُتوقع ارتفاع ب 4% بعد ارتفاع ب 3.8% في مايو. 

البيان يرفع من سقف الانتقادات التي من المُمكن أن توجه لرئيس الفدرالي جيروم باول خلال شهادتيه المُنتظرتين اليوم وغداً أمام لجنة الشؤون المالية التابعة لمجلس النواب ولجنة الشؤون البنكية التابعة لمجلس الشيوخ، بينما تترقب الأسواق منه أي جديد للتعرُف أكثر عن تقدير الفدرالي للضغوط التضخُمية المُتزايدة وما يستطيع أن يقوم به لاحتوائها في ظل استمرار احتياج الاقتصاد وسوق العمل للدعم. 

بعدما ظل الفدرالي في الفترة الماضي يصف ارتفاع مُعدلات التضخُم السنوية في غير مُناسبة ب "المرحلية" نظراً حالة الجمود الاقتصادي الاستثنائية التي شهدها العالم بدايةً من فصل الربيع الماضي الذي هبطت خلاله أسعار النفط والمواد الأولية لمُستويات قياسية مُتدنية بسبب تفشي الفيروس وضبابية المشهد حينها. 

أما الوضع الحالي فيُشير إلى تحسُن واضح في الطلب وفي مُعدلات التشغيل بعد تواجُد عدة لقاحات لمواجهة الفيروس وبعد الجهود التي بُذلت بالفعل من جانب الحكومات والبنوك المركزية لتحسين الأداء الاقتصادي وخفض حالة عدم التأكُد التي كانت تضغط على الإنفاق على الاستثمار والإنفاق على الاستهلاك، ما أسهم في تزايد أسعار المواد الأولية والطاقة للمُستويات الحالية مع ارتفاع التوقعات بتزايُد الطلب عليها مع مرور الوقت الأمر الذي يدعم بدوره التضخُم بشكل عام. 

كما جاءت أخر شهادات باول بعد أيام قليلة من اجتماع لجنة السوق الذي انتهى في 16 يونيو الجاري أمام لجنة مُختارة من مجلس النواب ليُعبر من خلالها عن "أن الفدرالي سيتسم بالصبر قبل البدء برفع سعر الفائدة الذي لن يكون بسُرعة كبيرة جداً بناءً فقط على تخوف من ارتفاع مُستقبلي للتضخُم"، كما كرر مرة أخرى أن ارتفاع التضخُم الجاري حالياً بهذه الصورة هو ارتفاع "مرحلي" وأن مُعدلات التضخُم سوف تتراجع لاحقاً لمعدل ال 2% المُستهدف سنوياً من جانب الفدرالي. 

وهو ما طمئن المُتعاملين في أسواق الأسهم من جانب بسبب استمرار وصفه للتضخُم مرة أخرى ب "المرحلي" وتوضيحه أن الفدرالي لن يتسرع في تضييق سياساته المُتسعة بشكل غير مسبوق منذ مارس الماضي لمواجهة الآثار السلبية للفيروس ومن جانب أخر بإظهاره أن الفيدرالي لن يكون مُبادر بمواجهة التضخم بل سيتسم بالصبر. 

باول لم ينجر لمُحاولات جذبه لمُشاحنات بين الديمُقراطيين والجمهوريين عن المُتسبب في التضخُم خلال هذه الشهادة، بعدما اتهم الجمهوريين على لسان مُمثل لوزيانا ستيف سكاليس خطة جو بايدن لمواجهة الفيروس بقيمة 1.9 تريليون دولار لمواجهة الآثار السلبية للفيروس التي وضعت محل تنفيذ في النصف الأول من شهر مارس الماضي بالتسبب في رفع التضخُم بهذه الصورة مُعللاً ذلك بضخها كم كبير من النقود داخل القطاع الأسري في ظل استمرار ضعف الإمدادات والإنتاج ما أدى لرفع الأسعار المعروض من منتجات. 

إلا أنه بالفعل مع ارتفاع التضخُم بهذه الصورة أصبح من الصعب إدراج إدارة بايدن في الوقت الحالي مزيد من الخطط التوسعية التي من شأنها أن تصُب في النهاية دعم الطلب وزيادة الضغوط التضخُمية للأسعار. 

لذلك نُريد التعرف اليوم وغداً بإذن الله من جيروم باول على مدى تمسُكه بهذه اللغة وتسامح الفدرالي مع ارتفاع التضخُم ومدى تقديره لاحتياج سوق العمل لدعم الفدرالي وقبوله في نفس الوقت بمُعدلات تضخُم أعلى كما نُريد أن نرى حجم الانتقادات التي من المُمكن أن توجه للفدرالي الذي أسهم بسياساته الاستثنائية في دعم الاقتصاد وأسواق الأسهم والأصول منذ بداية الأزمة إلى الآن كما أسهم أيضاً في نفس الوقت في رفع مُعدلات التضخم كما أقر رئيس الفدرالي مُسبقاً أمام هاتين اللجنتين. 

في حين لايزال يشهد مُحافظين الفدرالي انقسام بشأن مُستقبل الدعم الكمي والحاجة لتقليصه للبدء في مواجهة التضخُم، فقد جاء مؤخراً عن جيم بالارد مُحافظ الاحتياطي الفدرالي عن ولاية سانت لويز والمُصوت الاحتياطي للجنة السوق حالياً في حديث لصحيفة وول ستريت أنه يعتقد أن على الفدرالي القيام قريباً بتقليل الدعم الكمي مع تواصل تحسُن الأداء الاقتصادي وتوقع لجنة السوق لنموه هذا العام ب 7%. 

كما سبق وجاء عنه بعد اجتماع لجنة السوق الأخيرة قوله بأنه من الممكن أن يؤدي تواصل ارتفاع التضخم خلال العام القادم لدفع الفدرالي للبدء برفع سعر الفائدة العام القادم دون الانتظار ل 2023 للبدء في الرفع". 

وأيضاً مُحافظ الاحتياطي الفدرالي عن ولاية دلاس روبرت كابلان الذي صرح بأن الاقتصاد من المُمكن أن يواصل تقدمه بسرعه أكبر من المُتوقع نحو تحقيق أهداف الفدرالي ليبدأ في تقليل معدل دعمه الكمي في وقت أسرع من المُتوقع، كما جاء عن رافيل بوستيك محافظ الاحتياطي الفدرالي عن ولاية أتلانتا أن الفدرالي قد يٌقرر في الأشهر القليلة القادمة تقليل مُعدل دعمه الكمي، كلاهما كانا أكثر اهتماما بالتضخُم واحتوائه بتقليل الدعم الكمي مع تعافي الاقتصاد، إلا أنهما ليسا من الأعضاء المُصوتين داخل لجنة السوق حالياً. 

أما على الجانب الأخر الذي بدى أكثر تساهلاً في مواجهة التضخم وأكثر حرصاً على دعم الاقتصاد وسوق العمل، فقد جاء عن مُحافظ الاحتياطي الفدرالي عن ولاية نيويورك والعضو المصوت داخل لجنة السوق جون واليام "أن المناقشات بشأن رفع سعر الفائدة مازالت بعيدة في المُستقبل" كما صرح في بداية هذا الأسبوع بأن الاقتصاد لم يحقق تقدمًا كبيراً يتوافق مع المُستهدف من جانب الفدرالي بشأن سوق العمل الذي قال عنه مُحافظ الاحتياطي الفيدرالي عن ولاية ريتشموند توماس باركين أنه لم يتعاف بالقدر الكافي الذي يسمح للاحتياطي الفيدرالي بتشديد السياسة النقدية. 

كما سبق وجاء أيضاً عن لوريتا ميستر مُحافظة الاحتياطي الفيدرالي عن ولاية كليفلاند وهي عضو مصوت بديل في حال غياب أحدهم "أنها تُريد إحراز تقدُم أكبر داخل سوق العمل خلال الأشهر القادمة قبل تقييم ما إذا كان الاقتصاد قد حقق التقدُم المطلوب للبدء بتقليل الدعم الكمي". 

كما جاء عن ماري دالي مُحافظة الفدرالي عن ولاية سان فرانسيسكو "أن الانسحاب المبكر للتحفيز سيكون مخاطرة كبيرة في ظل استمرار انتشار سلالات جديدة من الفيروس". 

جدير بالذكر أن أعضاء لجنة السوق قاموا عقب اجتماعهما السابق في 15 و16 يونيو الماضي برفع مُتوسط توقعاتهم بشأن سعر الفائدة ليصل ل 0.5% خلال 2023، بعدما كانت تُشير توقعاتهم بعد اجتماع مارس الماضي لعدم الرفع قبل نهاية 2023 وهو ما يعني بالتأكيد أن اللجنة ستقوم بتخفيض دعمها الكمي البالغ مُعدله الشهري حالياً 120 مليار دولار في وقت أقرب مما كانت تنتظر الأسواق، كما يعني أيضاً إدراكهم بتزايُد صعود التضخم مع مرور الوقت بفضل التطعيم ضد الفيروس والجهود المبذولة من جانب الفدرالي والحكومة أيضاً. 

العقود المُستقبلية لمؤشرات الأسهم الأمريكية اتجهت بالفعل للتراجُع خلال الجلسة الأسيوية وقبل شهادة جيروم باول وبعد صدور بيان مؤشر أسعار المُستهلكين الذي فاق التوقعات، ليزيد من الضغوط التي من المُمكن أن يواجهها رئيس الفدرالي خلال شهادتيه هذا الأسبوع لتحفيز الفدرالي على القيام بدور أكبر لاحتواء التضخُم، بينما تقل مع هذا الارتفاع للتضخُم فُرص تمرير مزيد من الخطط الحكومية التحفيزية التي من شأنها أن تدعم أيضاً القوى التضخُمية للأسعار. 

العقد المُستقبلي لمؤشر ستاندارد أند بورز 500 يتم تداوله حالياً بالقرب من 4361 بعد تسجيله مُستوى قياسي جديد عند 4393، كما تراجع داوجونز المُستقبلي ليهبط إلى الآن ل 34821 بعد بلوغه في بداية تداولات الأسبوع 35042.1، كما انخفض الناسداك 100 المُستقبلي ليصل إلى الآن ل 14875 بعد تسجيله لمُستوى قياسي جديد صباح اليوم عند 15009.4. 

بينما ارتفع العائد على إذن الخزانة الأمريكي لمُدة 10 أعوام الذي عادةً ما يجتذب أعيُن المُتعاملين في الأسواق ليتواجُد حالياً بالقرب من 1.40%، ما أعطى للدولار جاذبية أكبر أمام كافة العملات الرئيسية، إلا أنه لايزال يشهد تذبذب فوق مُستوى ال 1800 دولار للأونصة لكن بالقرب منه أمام الذهب الذي يجد الدعم أيضاً نظراً لكونه خيار طبيعي وجذاب للمُستثمرين للتحوط ضد التضخُم والمُحافظة على قيمة ما لديهم من ثروة. 

للاطلاع على المزيد يُمكنك مُشاهدة الفيديو مع رسوم بيانية توضيحية لحركة الأسعار 

أحدث التعليقات

جاري تحميل المقال التالي...
قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2025 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.