قصة قصيرة: (طبرمق خراسان)
زار أحد الدجالين في عهد بن سينا دمشق. وكان معه قليل من برادة الذهب الممزوجة بالفحم الدقيق وغراء السمك وبعض العقاقير الأخرى. عجن الدجال هذه كلها ثم جعلها على هيئة حبات صغار وجففها. ثم لبس لباس الدراويش وباع الحبات إلى أحد الأقرباذين (الصيادلة) باسم “طبرمق خراسان”. ثم خلع عنه لباس الدراويش ولبس بزة أنيقة، وظهر بزي الأثرياء واستأجر خادما. سار الرجل بعد ذلك نحو المسجد، حيث اختلط هناك بالرجال البارزين وادعى أنه قادر أن يصبح ذا ثروة كبيرة في يوم واحد. وعزا هذا الأمر إلى براعته واكتشافه لسر في صنع الذهب.
ولما سمع الوزير بهذا الرجل، أرسل بطلبه، وذهب وإياه إلى بلاط السلطان. وعندما سأله السلطان عما إذا كان بإمكانه تحضير الذهب، أجاب الدجال بالإيجاب. ثم وضع شرطا أن يحصل على جميع المواد التي يطلبها لغرض الصنعة. وهكذا طالب ببعض العقاقير والمواد الكيماوية وضمنها “طبرمق خراسان”. ولما كان السلطان شديد الرغبة في مشاهدة التجربة بنفسه، أمر رجاله بشراء ما طلبه الدجال بالسرعة المستطاعة. وبعد فترة وجيزة عاد الرجال ومعهم جميع ما طلبه الدجال باستثناء طبرمق خراسان. وطلب السلطان إلى الدجال أن يقوم بتجربته إلا أن الأخير أصر على ضرورة إحضار “الطبرمق” باعتباره عنصرا أساسيا في الصنعة.
هكذا طاف رجال السلطان الأسواق، واستقصوا جميع الأقرباذين. أخيرا اهتدوا إلى أحدهم، الذي قدم لهم طبرمق خراسان، وأخبرهم أنه اشتراه من درويش. ومزج الدجال جميع المواد التي طلبها وأمر أن توضع في بودقة وتسخن تسخينا شديدا. ولما اطمأن أن الذهب قد انصهر أمر بتبريد البوتقة ثم قلبها. تدحرجت جراء ذلك منها كرة ذهب صغيرة. طلب السلطان من الدجال إعادة التجربة، فامتثل لأمره لكن طبرمق خراسان لم يعد موجودا بالأسواق
نهاية الطبرمق المزعوم
أخبر الدجال السلطان بأنه يعرف مقاطعة مملوءة بطبرمق خراسان. كان من البديهي أن يحاول السلطان الحصول على تلك المقاطعة التي تحتوي على المادة الرئيسية في تحضير الذهب. طلب السلطان إلى الدجال نفسه الذهاب إلى تلك المقاطعة، وبعد تردد ظاهري قبل هذا الرجل الرحيل بعد أن هيأ له السلطان جميع أسباب السفر من مركب ومأكل وملبس ومأوى علاوة على مبلغ كبير من المال. ورحل الدجال دون عودة)”.
العبرة من القصة:
يتوجه الإعلام وخاصة الاقتصادي والمالي إلى نشر ما يناسبه من أخبار وبيانات وتحليلات ويضع للمتداولين خطة قد تعكس الواقع لكنها لا تعكس حركة الأسواق وإن حدث وعكست حركة الأسواق فعلا فذلك أحيانا يحدث ليوم أو ساعات ليزرع ذلك الوهم في نفوس المتداولين ويقنعهم ثم يتحرك السوق بشكل معاكس لكل ما قرأته فتشعر أنه تم ايقاعك بالفخ، ومن الطبيعي ألا تتكرر تلك الأحداث دائما فترى الأسواق تتحرك مع الأخبار والتصريحات وتستمر بنفس الاتجاه بالفعل، وأحيانا تكون فقط لصنع مصيدة وغالبا ما نقع بها.
ما نحاول أن نقول وسبق أيضا أن ذكرناه يوم البارحة في مقالنا السابق
دليلك الشامل عن الذهب والليرة التركية و الداوجونز والأسواق
أن حركة السعر هي الأساس ولا تقتنع بما تسمعه إلا بعد أن تراه فعلا!؟
أحد الأمثلة على حركة السعر حدثت الأسبوع قبل الماضي مع البترول حيث تم الاتفاق على زيادة الانتاج من قبل أوبك والاغلاقات الحكومية التي بدأت مع تفشي عدوى كورونا أو احتمالية وجود تلك الاغلاقات وبالتالي تحرك البترول للأسفل بالفعل لمدة يوم واحد فقط ومن ثم عاد إلى فوق النقطة التي هبط منها وكأن شيئا لم يكن، وأحد الأمثلة أيضا يوم البارحة و اليوم، فبعد سلسلة من الأخبار السلبية والحرائق التي اجتاحت تركيا وإشاعات عن انهيار الليرة، حدث العكس تماما.
التحليل الفني لليرة التركية:
وصلت الليرة التركية إلى الهدف النهائي الذي ذكرناه منذ أكثر من شهر 8.3 ويوم البارحة أيضا في مقالنا السابق، تمثل هذه النقطة نقطة دعم هام والتي من الممكن وبشكل مرجح أن ترتد الأسعار مرة أخرى إلى مستويات 8.5 وإن كسر 8.3 سيؤدي بحركة السعر إلى الحاجز النفسي 8 وننبه أن هذه أهم منطقة لليرة التركية، إذا تم كسرها والاستقرار أدناها فغالبا سنرى مستويات 7.2 تقريبا.
ما الذي يؤثر على سعر الذهب؟؟
سترى العديد من التقارير والمقالات والأخبار التي تربط سعر الذهب بعدة عوامل فتارة ترى مقال عن أن قوة الدولار تضغط على سعر الذهب وتارة أخرى ترى أن عوائد السندات هي من أثرت على سعر الذهب وستقرأ أيضا أن مخاوف كورونا تؤثر على سعر الذهب وأن التفاؤل في صعود أسواق الأسهم يؤثر على سعر الذهب، فهنا تحتار ولا تعرف ماذا يثرثر عليه بالضبط؟
للحقيقة أن أي خبر تقرأه هو فقط لجذب انتباهك نحو شيء قد يكون صحيح أو لا كما حدث في قصتنا أعلاه.
و بالنهاية السعر هو سيد الموقف، فيتحرك الذهب مع عوائد السندات أحيانا أو يخالفها و مع الدولار أو يخالفه ومع المخاوف كونه ملاذا آمنا أو يخالفها ولا يمكن أن يكون هناك ترابط تام بين الذهب أو أي شيء آخر فالذهب لا يملك صاحبا ولا يمكن التنبؤ بتحركاته بشكل كبير و خصوصا في المدى القصير و المتوسط و يعتبر من أصعب الأصول المالية تحليلا لأنه يتأثر بعدة عوامل و الكثير من الأحيان يتأثر بنفسه فقط دون النظر إلى أي شيء آخر , و ما تسمعه من الكثير من الأخبار ما هو إلا جذب انتباهك إلى اتجاه أو إلى وجهة معينة هبوطا أو ارتفاعا وبالنهاية تجده يتحرك بالعكس .
قم بتبسيط تحليل عن الذهب، ان كان تحليلا فنيا أو أساسيا، إذا توافق التحليل الفني مع الأساسي مع حركة السعر فأنت في الاتجاه الصحيح، ولا تقم بتحليل الأسواق فنيا فقط أو تحلها أساسيا واقتصاديا فقط وأضف إلى ذلك حركة السعر الفعلية فهنا ستخرج بأفضل صفقة يمكنك الاعتماد عليها.
التحليل الفني للذهب:
ذكرنا في مقالنا السابق أن منطقة الدعم الحالية هي تقريبا منطقة 1813 وقلنا إنه من المحتمل أن يصل لمستويات 1803 ومع ذلك فإن الحركة هي حركة تصحيح طبيعية لتحركات صعوده يوم الخميس الماضي.
صعد الذهب ووصل لمنطقة 1820 البارحة وعاد مرة أخرى ليتداول قريبا من 1810 في وقت كتابة المقال ولكي يتم تأكيد معاودة صعوده فإنه يحتاج إلى الاستقرار أعلى 1812.5 في الوقت الحالي، راقب هذا السعر ولو استقر أعلاه فاعلم أننا سنعاود الصعود مرة أخرى لمستويات 1833. وننصح بالشراء بقوة ووضع وقف خسارة لا يتجاوز 1808.
أما عن الحركة الحالية، هناك احتمال أن يزور 1794 منطقة الدعم الحديدي نظرا لوجود ضغط سلبي على مؤشر الماكد وضعف في الزخم، لكننا نستبعد ذلك نوعا ما ونرى أن 1800 قد يكون أقصى هبوط له اليوم.
مخاوف كورونا:
سأذكركم بهذا المقال يوما ما وذلك عندما تهبط الأسواق بشكل كبير من مخاوف متحور دلتا الجديد، وذلك بسبب أن اللقاحات الحالية غير فعالة بشكل كبير ضد هذه السلالات الجديدة وعودة سرعة انتشار العدوى بقوة في أغلب دول العالم و أهمها الصين التي وصلت إلى مرحلة لم تسجيل فيها ولا أي حالة لمدة أسابيع فما حدث في 2020 أنه تماسكت الأسواق بقوة قبل انهيارها مع بداية أحداث كورونا، و هذا ما يحدث الآن، ما زلنا نرى تماسكا غير طبيعي، وطبعا مدعوما هذا التماسك مع كمية التسهيلات الهائلة التي تقدمها الحكومات و البنوك، لكن إلى أي مدى ستصمد ؟ هذا بالإضافة إلى عدم ابداء قلق من قبل الفدرالي الأميركي حيال هذا الموضوع على الرغم من بداية تخوف مركز الأمراض والأوبئة في الولايات المتحدة. برأيي الشخصي هذا التماسك مؤقت ومن المحتمل جدا أن يحدث بالأسواق كما حدث مع بداية أزمة كورونا في 2020.
الباب مفتوح للنقاش:
أي شخص يرغب بإدراج أي رأي أو نقاش، نرحب دائما بالنقاشات البنّاءة والمبنية على أساس علمي واحترام، كما ننوه أنه استغرقنا أكثر من ساعة في كتابة هذا المقال وتنقيحه، فلا تبخل بكلمات شكر تستغرق معك ثواني ضمن التعليقات أسفل المقال.
تابعونا على حساباتنا في تويتر وتيلغرام للمزيد من التحليلات اليومية وآخر الفرص الاستثمارية.
وتابع البث المباشر يوميا على اليوتيوب (ابحث عن قناة محمود إدلبي) واشترك وفعل جرس التنبيه
حساب سويسكوت بنك تويتر @Swissquote_ar
ملاحظة:
هذا المحتوى مجرد آراء وتحليلات المؤلف واجتهاد شخصي وليست توصيات مباشرة، فإن أصبنا ادعوا لنا. وإن أخطئنا فاعذرونا. القرار النهائي يعود للمستثمر والمضارب في تحديده الاتجاه ومعرفة المخاطر الناتجة عن تداولاته والتي قد تؤدي إلى خسارة كبيرة أو كلية في رأس المال.