شهد الذهب والنفط والليرة حالة من التقلب خلال الأيام القليلة الماضية بعد حفنة من الأحداث والتصريحات والبيانات المؤثرة، والتي تباينت تأثيراتها ما بين الضغط والتحفيز.
جاء التأثير الأكبر للبيانات الأمريكية وتصريحات مسؤولي الفيدرالي بشأن توقعات التضخم و الموعد المرتقب لتغيير السياسة النقدية، وهو ما انعكس على أداء الذهب والليرة تزامنا مع تقلبات الدولار.
بينما انعكست تسارع وتيرة معدلات الإصابة بفيروس كورونا على تجدد المخاوف بشأن العودة للإغلاق وتحديدًا في الصين ثاني أكبر مستوردي النفط لتشهد أسعار النفط تغيرات عنيفة. وزادت بيانات المخزونات الأمريكية من تفاقم خسائر أسعار النفط خلال القليلة الماضية، تزامنا مع توقعات بارتفاع المعروض خلال الفترة المقبلة تزامنا مع تراجع معدلات الطلب. فيما تراجع الذهب بقوة على خلفية بيانات التوظيف الأمريكية الأقوى من المتوقع.
الذهب
يتأرجح الذهب في الجلسات الأخيرة بين مستويات 1800 دولار و 1830 دولار للأوقية، بينما تخلى عن مكاسبه الصباحية الطفيفة يوم الخميس بعد ظهور بيانات طلبات الإعانة الأمريكية.
وفي المقابل نزلت العقود الآجلة تسليم أكتوبر وديسمبر بنحو 0.6 دولار و 0.4 دولارا على التوالي لتسجل 1811.6 دولار و 1814.1 دولار.
توقعات
قالت مارجريت يانج، الخبيرة الإستراتيجية في ديلي فوركس، أنه لكي يخترق الذهب مستوى 1,835 دولارًا (مستوى المقاومة)، يمكن أن تكون بعض المحفزات أكثر فقرًا من المتوقع في جداول الرواتب غير الزراعية."
وأضافت يانج: "يمكن أن يؤدي الانتشار السريع لمتغير دلتا في الولايات المتحدة والذي قد يؤدي إلى الإغلاق والتباعد الاجتماعي."
وقال جيفري هالي، كبير محللي السوق لدى مؤسسة أواندا لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ: "يبدو أن الذهب، مثل أسواق العملات، في وضع الانتظار والترقب". وأضاف هالي:" لا تزال حركة سعر الذهب متماسكة ولكنها إيجابية من الناحية الهيكلية، وأعتقد أن هذا يشير إلى مزيد من المكاسب في المستقبل".
"أرقام الوظائف جاءت إيجابية لمؤشر الدولار الأمريكي، بما دفع عوائد سندات الخزانة للأعلى وأضر بالذهب،" وفق تصريحات لدانيل بافيلونيس لكيتكو نيوز.
ويرى بافيلونيس: "مؤشر الدولار انطلق لـ 95. بالنسبة للذهب ربما يعود لـ 1,673 دولار للأوقية. وسيمضي الذهب وقت أطول في المسار الهابط. في الوقت الراهن، ربما نرى مزيد من تسييل المراكز." "يرينا تقرير الوظائف بأن الأجور ارتفعت، فيما تراجع معدل البطالة، بما يعني أن هناك مزيد من الأشخاص يبحثون عن عمل. وما إن تزول حزم التحفيز الضخمة في سبتمبر المقبل، سيزيد الإقبال على العمل."
تصريحات
قال عضو الاحتياطي الفيدرالي، جيمس بولارد، أن التضخم أمريكي قوي وخارج عن السيطرة ما لم يتخذ الاحتياطي الفيدرالي أي إجراءات لتشديد السياسة النقدية في الوقت الراهن.
ويجب على اللجنة، أن تعلن في أقرب وقت ممكن، ربما في سبتمبر المقبل، ويرى بولارد أنه لا حاجة لتحفيز اقتصاد ينمو بسرعة 7% سنويًا. يقول بولارد إنه سيدفع الفيدرالي لاتخاذ قرار بشأن التشديد النقدي في أقرب وقت ممكن، حتى يتمكن الفيدرالي من محاربة التضخم القوي خلال 2022.
يتوقع بولارد وصول التضخم في 2022 لما بين 2.5% إلى 3.00%.
فيما يقول كلاريدا: "أعتقد بأن الظروف ستكون مهيئة لرفع معدل الفائدة بنهاية 2022."
وأضاف كلاريدا: "بداية تطبيع السياسة النقدية في 2023، تحت أي من هذه الظروف، سيتسق إطار عملنا المرن حول متوسط التضخم."
الوصول للتوظيف الكامل سيتم في 2022، وسيتراجع التضخم شديد الارتفاع بعض الشيء.
وقالت ميشيل بومان، عضو مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، إن سوق العمل سيستغرق وقتًا للتعافي من آثار كوفيد-19.
وأضافت بومان أن هناك حاجة إلى المزيد من العمل حتى يعود الاقتصاد إلى المسار الصحيح. ورددت بومان من قبل رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو ماري دالي.
النفط
وبعد تراجعات عنيفة يوم الأربعاء نجح النفط في تسجيل مكاسب محدودة خلال تعاملات الخميس، بينما لا تزال المخاوف بشأن سرعة التعافي تلوح في الأفق. ونزل النفط خلال الجلسات الماضية إلى أدنى مستوياته في قرابة الشهرين بعد بيانات ارتفاع المخزون وبوادر الاتجاه الى فرض حظر في الصين.
وزاد الخام الأمريكي يوم الخميس بنسبة 0.5% صعودا إلى مستويات 68.5 دولار للبرميل بعد النزول في وقت مبكر من التعاملات إلى مستويات 67.6 دولار، بينما سجلت العقود الآجلة تسليم ديسمبر مستويات 67.13 دولار.
وارتفع خام برنت القياسي بالنسبة ذاتها إلى مستويات 71.75 دولار بعد النزول أدنى مستويات الـ70 دولار، بينما سجلت العقود الآجلة تسليم ديسمبر مستويات 69.65 دولار.
تقول شركة الخدمات المالية "إيه إن زد" أن التباطؤ الموسمي لنشاط الاقتصاد في ظل زيادة الإصابات بمتغير "دلتا" يواصل الضغط على الثقة. وتتوقع إيه إن زد تعرض الطلب على الخام للضغط في ظل تفشي سلالة "دلتا" في نحو نصف المقاطعات الصينية، إذ يتزامن ذلك مع ذروة موسم السفر.
وأعلنت بكين يوم الأربعاء تشديد القيود على سفر مواطنيها إلى الخارج في مواجهة تزايد الإصابات بفيروس كورونا في الصين. وقالت سلطات الهجرة إنها وبشكل مؤقت "لن تقوم بإصدار جوازات سفر عادية ووثائق دخول-خروج أخرى" لدواع غير ضرورية.
الليرة التركية
وسجلت الليرة التركية ثلاث تراجعات متتالية أمام الدولار الأمريكي بعد موجة ارتفاعات استمرت على مدار 4 جلسات بدءا من جلسة 28 يوليو وحتى 2 أغسطس الجاري. وبعدما زادت الليرة إلى أعلى مستوياتها منذ منتصف مايو مقابل الدولار خلال جلسة 2 أغسطس بعد الارتفاع إلى مستويات 8.344 ليرة /دولار، نزلت الليرة من جديد خلال تعاملات الخميس إلى مستويات 8.537 دولار
أظهرت بيانات رسمية يوم الثلاثاء الماضي أن التضخم السنوي التركي بلغ 18.95٪ في يوليو، أعلى من توقعات الاستطلاع البالغة 18.5٪ وأقل بقليل من مستوى سعر الفائدة الرئيسي الحالي للبنك المركزي البالغ 19٪. وقال قال الخبير الاقتصادي في جيه بي مورجان ياركين سيبيشي في مذكرة بحثية إنه "في حين تحول جيه بي مورجان، بعد قراءة يوليو، الذي كان قد حدد في السابق في ثلاث تخفيضات بمقدار 50 نقطة أساس في أكتوبر ونوفمبر وديسمبر على التوالي.
فإن البنك قد عدل توقعات للتنبؤ بتخفيضين بمقدار 50 نقطة أساس في الشهرين الأخيرين من العام". في حين قال بنك جولدمان ساكس (NYSE:GS) إنه استمر في الاعتقاد بأن البنك المركزي لن يكون لديه مجال لخفض أسعار الفائدة قبل الربع الرابع، وأن المخاطر تتعلق بتخفيضات لاحقة وأصغر مما توقع.
كما خفضت شركة سكوب رايتينج توقعاتها لخفض أسعار الفائدة، قائلة إن التضخم المرتفع بعناد من المرجح أن يحد من الانتقال إلى 17٪، بدلاً من 16٪، بحلول نهاية العام. وقال دينيس شين، مدير التصنيف السيادي والقطاع العام في سكوب: "من الواضح أن تخفيضات أسعار الفائدة غير مطروحة على الطاولة في تركيا حتى الخريف، إن لم يكن الشتاء على أقرب تقدير".
وتراجعت الليرة التركية بقوة يوم الجمعة بعد البيانات الأمريكية الداعمة لتشديد السياسة النقدية والتي رفعت مؤشر الدولار.
تحليل مؤشر الدولار: الرسم البياني لليوم: هل تستمر قوة مؤشر الدولار؟