طوال الأسبوع الماضي كانت الأنظار جميعها تتركز على تقرير الوظائف الأمريكية، والذي ظهر في آخر أيام تداول الأسبوع ليوم الجمعة، والذي جاء بقراءة أفضل من التوقعات، ما يشير إلى استمرار تعافي أكبر اقتصاد في العالم من جائحة COVID-19 وتخلص المستثمرين من مخاوف متغير دلتا.
أفادت وزارة العمل الأمريكية يوم الجمعة عن زيادة تقدر بنحو 943 ألف في الوظائف غير الزراعية لشهر يوليو/ تموز، وهو أكثر قليلاً من متوسط التوقعات عند 870 ألف وظيفة. كما راجعت الوزارة أرقام الشهرين السابقين بالزيادة بمقدار 119 ألف. وانخفضت البطالة بمقدار 0.5 نقطة مئوية لتصل إلى 5.4٪، أسباب ذلك دخول المزيد من الناس إلى القوى العاملة مع توفر الوظائف.
ظلت الوظائف الأمريكية أقل بمقدار 5.7 مليون عما كانت عليه قبل ظهور الوباء في فبراير/ شباط لعام 2020. ولكن بعد عدة أشهر من الزيادات القوية في بيانات التوظيف والرواتب، فإن الفجوة تضيق بسرعة.
ليتفرغ المراقبين الآن للمشكلة الاقتصادية الأكثر إلحاحًا وهي التضخم، الذي يسجل الاهتمام الأكبر في استطلاعات الرأي للمستهلكين. فقد انخفض مؤشر ثقة المستهلك في جامعة ميشيغان إلى 81.2 في يوليو، وهو أدنى مستوى منذ فبراير، من 85.5 في يونيو/ حزيران، ويرجع ذلك جزئيًا إلى المخاوف بشأن ارتفاع الأسعار.
لتتزايد بذلك الأصوات التي تنادي بتقليص شراء سندات البنك المركزي في أروقة الساسة الأمريكيين، كان آخرهم حاكم الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر في الأسبوع الماضي. حيث قال على قناة سي إن بي سي: "يجب أن نذهب مبكرًا ونمضي بسرعة، من أجل التأكد من أننا في وضع يسمح لنا برفع أسعار الفائدة في عام 2022، إذا كان علينا ذلك".
يبحث العديد من مراقبي السوق عن مناقشة التناقص التدريجي في اجتماع السياسة النقدية الكبير للبنك المركزي في قاعة جاكسون هول بوقت لاحق من هذا الشهر.
لهذا وتلخيصاً لما سبق ستتزايد التكهنات بالمضي قدما في خطة البنك الفيدرالي المرسومة بزيادة أسعار الفائدة العام القادم 2022، وستظل تلك التكهنات في بؤرة الاهتمام العالمي حتى موعد اجتماع جاكسون هول.
ونتيجة لذلك ستزيد قوة الدولار الأمريكي في تلك الفترة، وقد بدأنا بالفعل في تلمس هذا التغير بتداولات يوم الجمعة، عندما ارتفع مؤشر الدولار DXY بنسبة 0.57% (مؤشر الدولار هو الذي يقيس قوة العملة الأمريكية مقابل ست عملات رئيسية منافسة).
وانعكس ذلك بالطبع على باقي الأزواج وهذا ما يوضحه أكثر التحليل الفني لتلك الأزواج وهذا ما سنتابعه في الفقرة القادمة.
مؤشر الدولار الأمريكي (DXY): -
أول تحليلاتنا ستكون لمؤشر الدولار الأمريكي والذي نلاحظ إصراره على اختراق خطوط الميل الهابطة، ليعطي إيحاء بتكوين تركيبة فنية إيجابية على المدى القصير وهو نموذج القاع المزدوج، مثلما هو موضح بالرسم البياني المرفق لفترة زمنية (يومية).
يدعمه في تلك الحركة الصعودية الضغط الإيجابي المتولد من تداولاته أعلى متوسطه المتحرك البسيط لفترة 50 يوماً السابقة، مع توارد الإشارات الإيجابية بمؤشرات القوة النسبية، بعد تكوينها في وقت سابق لما يسمى بالدايفرجنس الإيجابي بعد وصولها لمناطق شديدة التشبع بعمليات البيع، وبصورة مبالغ فيها مقارنة بحركة المؤشر.
ولهذا لا يتبقى للمؤشر سوى عقبة واحدة باختراق خط عنق نموذج القاع المزدوج المتكون عند 93.44، ليؤكد لنا بعدها عزمه على مواصلة هذا الارتفاع وتولد اتجاه إيجابي جديد، حيث يستهدف بعدها مستوى المقاومة 97.30 كمستهدف سعري لهذا النموذج الفني المتكون.
زوج الدولار مقابل الين الياباني (USDJPY): -
لبيان الحركة الإيجابية للزوج فضلنا أن نعود فترة كبيرة إلى الوراء، حيث نرى الزوج وقد اخترق قناة سعرية هابطة في وقت سابق، وصولاً للمقاومة 111.64 وارتد منه ليعيد اختبار سقف تلك القناة السعرية المخترق تأكيداً لصحة هذا السيناريو، مثلما هو موضح بالرسم البياني المرفق لفترة زمنية (يومية)، ليرتد بعدها مندفعاً في محاولة للتخلص من الضغط السلبي للمتوسط المتحرك البسيط لفترة 50 يوماً السابقة، مصحوباً بتوارد الإشارات الإيجابية بمؤشرات القوة النسبية.
ولهذا فتوقعاتنا على المدى القريب استهداف الزوج لمستوى المقاومة المهم 111.64 استعداداً لمهاجمته، وفي حالة ان استطاع الزوج اختراق تلك المقاومة بسهوله سيستهدف بعدها أولى مستويات المقاومة عند 114.55، وعلى المدى المتوسط سيستهدف مستوى المقاومة المحوري 118.60.
هذا السيناريو يظل قائماً طيلة ثبات مستوى الدعم 108.70.
وأخيراً وليس آخراً سنختتم تلك الجولة بالزوج الملكي أو زوج الجنيه الإسترليني/ الدولار(GBPUSD): -
وسبب اختيارنا لهذا الزوج في النهاية تحديداً لأننا نجده أفضل الفرص المتاحة الآن لسببين: -
- أول تلك الأسباب قوة الإشارات ووضوح الرسم البياني.
- وثانيها أنه الزوج الوحيد الذي لم تنعكس عليه قوة الدولار بالشكل المطلوب حتى تلك اللحظة.
بالنظر إلى الرسم البياني المرفق لفترة زمنية (يومية) نجد بأن الزوج وقد خرج من نطاق قناة سعريه فرعية صاعدة في وقت سابق، وقد حاول الزوج الصعود لإعادة اختبار الخط السفلي من تلك القناة، ولكن لأنها ذات درجة انحدار كبيرة نسبياً ولأنه واجه الكثير من العقبات أمامه لهذا نرجح فشل تلك المهمة في إعادة الاختبار واكتفاء الزوج بهذا الصعود الأخير.
حيث واجه أمامه عقبة ملامسة مقاومة المتوسط المتحرك البسيط لفترة 50 يوماً السابقة، وذلك بالتزامن مع وصول مؤشرات القوة النسبية لمناطق شديدة التشبع بعمليات الشراء، بشكل مبالغ فيه مقارنة بحركة السعر، ليكون بذلك دايفرجنس سلبي قوي وواضح وتأكيداً له نلاحظ بدء توارد الإشارات السلبية منها.
ولهذا فطريق الزوج في توقعاتنا نحو الجنوب طيلة ثبات مستوى المقاومة 1.3872، ليستهدف مبدأياً القاع الأخير عند مستوى 1.3644، وهنا نتوقف قليلاً لنشرح أهمية هذا المستوى.
إن سمحتم لي فلقد حددت موجة صاعدة منذ بداية القناة السعرية لنهايتها وقمت بتوضيح مستويات فيبوناتشي التصحيحية لهذه الموجة، نظراً لأنها الأقرب إلى الصحة في الوقت الحالي وعلى مدى زمني قصير، لنجد بأن الدعم السابق ذكره عند منطقة التصحيح 38.2% من تلك المتتالية التصحيحية.
وفي حالة كسر الزوج لهذا الدعم سيستهدف بعدها مستوى الدعم المحوري 1.3274 الذي يمثل نسبة 61.8% من نفس المتتالية التصحيحية، ويتزامن مع المستهدف السعري لخروج الزوج من تلك القناة السعرية الفرعية الصاعدة، كما أنه عندها ينهي نموذج توافقي قيد التكون وهو نموذج جارتلي الإيجابي.