يعد شهر سبتمبر من الأشهر المزدحمة بإصدارات الديون في الولايات المتحدة، بسبب كثافة إصدار الشركات للسندات المحمومة بهدف تمويل الأصول عالية المخاطر، والاقتراض لتمويل عمليات الاستحواذ وإعادة شراء الأسهم، مكافئة للمساهمين، ولهذا، فإن التضخم المرتفع والانتعاش الاقتصادي الواسع سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض بنهاية العام الجاري.
تشير المعطيات الراهنة لإدارات الائتمان في الشركات الأمريكية إلى أن الشهر الحالي سيشهد ضخ أكثر من 45 مليار دولار في شكل سندات، وهذا يعادل تقريباً وتيرة الإصدار الجامحة خلال الجائحة في ذات الشهر من العام الماضي، ولكننا نعتقد أن الحجم قد يكون أكبر من ذلك، فقد يرتفع إصدار السندات عالية المخاطر وقروض الشركات إلى 60 مليار دولار، وهو مستوى تم اختراقه لأول مرة في يناير الماضي، وبطبيعة الحال، فإن هذا الرقم لا يرقى إلى مستوى 200 مليار دولار تم جمعها في سبتمبر من العام الماضي.
رغم القلق المستثمرين بشأن ارتفاع التضخم، إلا أنهم على قناعة برؤية الاحتياطي الفيدرالي التي تقول إن الضغوط التضخمية مؤقتة، فيما تظهر المؤشرات وجود ضغوط على سلاسل التوريد الخاصة بالشركات، وهذه الضغوط ستكون دليلاً بارزاً على ارتفاع الأسعار في البيانات الرسمية، ولأن بعض الشركات تدرك أن تكاليف التمويل قد ترتفع مرة أخرى، فإن هذا الأمر يدفعها للتعجيل بجمع الأموال.
خلال نصف قرن، نمت ديون الشركات الأمريكية 30 ضعفا ووصلت إلى 11.2 تريليون دولار، ومع هبوط العائدات بشكل مطرد في العقود الأخيرة، زادت حصة الدين المملوك للمستثمرين الأجانب، وتسارعت بعد الأزمة المالية عام 2008، حيث يمتلك الأجانب قرابة 27 في المائة من جميع سندات الشركات الأمريكية، ما يجعلهم أكبر قاعدة مستثمرين منفردة في السوق، وبالنسبة للمستثمرين الأجانب، فإن سوق سندات الشركات الأمريكية محبطة للغاية، إذ لا يوجد شيء مثير للاهتمام على مستوى العائد، إلا أن عائداتها تظل أعلى بشكل ملحوظ مما هو معروض في أماكن أخرى، فعلى أساس نسبي لا تزال الولايات المتحدة جذابة، ولا يزال دخول المستثمرين الأجانب أمراً مهماً فهناك الكثير من الأموال لتشغيلها.
مع ذلك، يشعر بعض المستثمرين في الوقت الراهن بالقلق من أن يؤدي فرط الطلب على سوق سندات الشركات الأمريكية إلى تراجع معايير الإقراض، مما يسمح لبعض الشركات التي تنطوي أعمالها على مخاطر كبيرة بالحصول على ائتمان سهل، حيث يفضل مستثمرو الديون أن تكون الشركات أكثر تحفظاً، لأن هذا الأمر يبقي أموالهم في مأمن.