مقدمة:
يبدو أن أزمة الليرة التركية بدأت تضيّق الخناق على الشعب التركي، تضخم غير محتمل وسريع الارتفاع بحيث أن بعض السلع ارتفعت بما يقارب الضعف، عدا عن ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي عالميا إلى مستويات قياسية وتركيا تعتمد على الغاز بشكل كبير في وسائل النقل، هذا الضغط المعيشي برأيي الشخصي أسبابه التالي :
أولا: جشع التجار الصغار أكثر من الكبار
إن أي ارتفاع للدولار أمام الليرة التركية يجعلهم يزيدون أسعار منتجاتهم حتى ولو لم تكن مرتبطة بالدولار كبائعي الخضار والفواكه مثلا وغيرهم آخرين، والمشكلة أن تلك الزيادة تفوق ارتفاعات الدولار أمام الليرة بشكل نسبي كبير، فمثلا ارتفع الدولار بنسبة 0.05 ترتفع الأسعار بنسبة 0.1 حتى باعة تجار التجزئة من مطاعم و حلويات وسلع استهلاكية، وأي زيادة حجتهم ارتفاع الدولار، وكما نوهنا هذه الزيادة تفوق بشكل كبير ارتفاع الدولار مقابل الليرة التركية انظر إلى الرسم التالي:
الرسم السابق يوضح نسبة ارتفاع الدولار أمام اللير التركية و هي تقريبا 15.8 % أما فعليا فالكثير من السلع ارتفعت بنسبة أكبر تتراوح بين 25 إلى 150 % و قد نعول بعض هذه الارتفاعات بسبب زيادة أسعار السيارات و الذي أيضا ارتفع بسبب جنوني لا يتناسب مع ارتفاع ضريبة استيراد السيارات فمثلا ارتفعت نسبة ضريبة السيارات ذات الفئة الصغير من 60 % إلى 80 % بينما فعليا تضاعفت قيمة السيارات أي بنسبة 100 % نتيجة هذا القرار، أي ببساطة أن التضخم الحاصل في تركيا الآن أغلبه تضخم مصطنع وليس حقيقي.
ثانيا: عقلية الشعب التركي
هناك بعض الدول التي يتمتع شعبها بحب الدولار بشكل جنوني و التحوط به بشكل كبير ومفاجئ وذلك يُخل بموازين العرض و الطلب لذلك أي تخوف سياسي أو اقتصادي أو عسكري و أي مشكلة مهما كانت صغيرة و أي تذبذب بارتفاع الدولار يجعل هذا الشعب يبيع ما لديه من عملته المحلية و شراء الدولار مباشرة دون التفكير بأبعاد هذا التأثير على الدولة و العملة نفسها و للأسف الشعب التركي من ضمن هذه الدول، لدرجة أن من يملك 500 ليرة فقط يشتري دولار بها والتي لا تعادل سوى 55 دولار فقط، لكن الشعب مجتمعا يقود ارتفاعات خيالية للدولار أمام العملة نفسها، والتي تدعهم لتخيل أرقام خيالية نتيجة الإشاعات والتي قد تكون تآمرية فمثلا الحديث المتداول الآن أن الدولار سيبلغ قريبا 10 ليرات تركيا، هذه الاشاعة وحدها تدفع بطلب كبير على الدولار وبالتالي ارتفاع الدولار تلقائيا لأسباب وهمية، وقد يحتاج الشعب توعية أكبر وجهدا أكثر مما يقوم به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزارة المالية وذلك لمواجهة الإشاعات التي تؤدي بالليرة التركية إلى التراجعات القاسية التي نشهدها .
ثالثا أسباب أخرى:
طبعا لن أتطرق إلى الأسباب الرئيسية الأخرى مثل تأثير تبعات كورونا وآثارها و انخفاض السياحة بشكل كبير والذي تعتمد عليه بشكل كبير جدا، وأيضا التغيير الدائم في معدلات الفائدة في تركيا و بعض تدخلات الحكومة المفاجئة في السياسة النقدية والتي من المفترض أن يتم توجيهها داخليا لوزارة المالية والبنك المركزي إذا اضطر الأمر وليس بشكل علني لأن ذلك يزيد من تخوّف المستثمرين الكبار والذي يجعلهم يتحوطون بالدولار.
التحليل الفني لليرة التركية:
الرسم أعلاه يوضح مدى قوة 8.8 والتي ارتد منها السعر عدة مرات إلى أسفل وتحول هذا الرقم من مقاومة إلى دعم وإلى الآن نلاحظ ثبات قوي أعلى هذا السعر ولكن يبدو واضحا أن مؤشرات الزخم والتشبع الشرائي أصبح واضحا ونتوقع مبدئيا حسب هذه المؤشرات أن يحاول السعر اختبار 8.8 قبل الانطلاق إلى المستهدف 9 ليرات مقابل الدولار، ويجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن أي كسر وثبات أسفل 8.8 سنرى بوادر إيجابية لتحسن الليرة التركية وهذا التحسن سيكون عميق جدا والسبب في رأيي سيكون من تحركات صانع السوق لأن الغالبية سيظن أن 8.8 هي منطقة الشراء المثلى، حتى أنا أرى ذلك مبدئيا لكني سأغير رأيي عندما أرى عودة الأسعار أسفل 8.8 مرة أخرى .
إذا نظرنا إلى الصورة بشكل أكبر قليلا فسنلاحظ أن السعر يتداول داخل مثلث واضح بالرسم أعلاه و عليه (قد) يحدث اختراق كاذب لهذا المثلث عند سعر 9 و يهبط بشكل سريع عندها تأكد أن الاختراق كاذب و عليك شراء الليرة التركية بشكل مريح و آمن.
تابع البث المباشر يوميا على اليوتيوب (ابحث عن قناة محمود إدلبي) واشترك وفعل جرس التنبيه
حساب سويسكوت بنك تويتر @Swissquote_ar
ملاحظة:
هذا المحتوى مجرد آراء وتحليلات المؤلف واجتهاد شخصي وليست توصيات مباشرة، فإن أصبنا ادعوا لنا. وإن أخطئنا فاعذرونا. القرار النهائي يعود للمستثمر والمضارب في تحديده الاتجاه ومعرفة المخاطر الناتجة عن تداولاته والتي قد تؤدي إلى خسارة كبيرة أو كلية في رأس المال.