تعمل الجهات الحكومية والقطاع الخاص على قدم وساق من أجل النظر بآليات التمويل المُتاحة الخاصة بدعم مبادرة السعودية الخضراء. حيث تم إطلاق الحزمة الأولى لتنمية الاقتصاد الأخضر وهي عبارة عن استثمارات تزيد عن 700 مليار ريال وتم تحديد عدة أهداف لحماية البيئة ومواجهة تحديات المناخ. يتناول هذا المقال خيارات التمويل المتاحة للجهات المعنية بتنفيذ تلك المبادرات الخضراء. فبخلاف الاستثمار المباشر من القطاع الخاص والتمويل الذاتي من الجهات الحكومية، فهناك خيارات تمويلية أخرى. منها الخيارات التقليدية المُعتادة وهي القروض وأدوات الدين المقومة بالعملة المحلية والتي لا تنص شروط التمويل بها بالالتزام بـ”مبادئ القروض الخضراء” المعروفة عالميا باسم (Green Loan Principles).
الاستدانة الخارجية
إضافة الى ذلك هناك خيار الاستدانة الخارجية.ومن أجل الحصول على التمويل الأخضر، فعلى جهات الإصدار تطوير الأنظمة الخاصة الداخلية لجهة الإصدار (التي تعني بالامتثال لتشريعات التمويل الأخضر كشرط أساسي للحصول على التمويل من المستثمرين) وذلك عبر الاسترشاد بالأنظمة الأوروبية (الرائدة في هذا المجال) ومن ثم الاستدانة الدولارية.
منظور جديد: ضمان الصادرات
وهذا النوع من التمويل عبارة عن قرض أخضر يجمع بين مبادئ التمويل الخضراء المدعومة من وكالة ائتمان الصادرات الدولية. وقامت السعودية كجهة سيادية بالاستعانة بهذا “التمويل المستدام الصديق للبيئة” في 2020. وهو قرض مدعوم من وكالة ائتمان الصادرات بقيمة 258 مليون دولار أمريكي وذلك بغرض توريد حافلات ألمانية الصنع. وتجدر الإشارة إلى أن القرض مدعوم من قبل وكالة ائتمان الصادرات الرسمية في جمهورية ألمانيا الاتحادية ” Euler Hermes Aktiengesellschaft”
القرض الأخضر للسعودية قد تم هيكلته بطريقة مُتقدمة بحيث يحظى بخاصية كونه مدعوم من وكالة ائتمان الصادرات. هذا يعني أن قرض السنة الماضية قد جاء بأقل من التكلفة التقليدية المعتادة مع القروض الدولارية التي اعتادت المملكة على دفعها في السابق، في خطوة إيجابية لصالح الخزينة العامة. ويحظى الطرف الألماني بأعلى درجة تصنيف ائتمانية وهي (AAA ).حيث كلما ارتفعت درجة التصنيف الائتماني كلما انخفضت تكلفة الاستدانة. ويبعد تصنيف الطرف الألماني عن تصنيف السعودية الائتماني 4 درجات ائتمانية.
ضمان سيادي
هناك خيار تمويلي متوفر للبلديات والشركات الحكومية وهي عبر الضمان الحكومي لأداة التمويل،الأمر الذي يساهم في تخفيض كلفة التمويل الأخضر سواء بالعملة المحلية أو الأجنبية. ولنا في تجربة الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري خير مثال. حيث أعلنت في 2021 عن طرحها صكوك محلية مدعومة بضمان حكومي من وزارة المالية.
أنموذج تطبيقي للتمويل
تستهدف الهيئة الملكية لمدينة الرياض بأن يسهم مشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام بتقليل عدد الرحلات اليومية بمعدل مليون رحلة، ما سينتج عنه تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنحو 1.5 مليون طن سنويا. وعندما ننظر الى عوائد قرض 2020،والذي يعتبر أول قرض أخضر في المملكة العربية السعودية مدعوم من وكالة ائتمان الصادرات، فإن متحصلات التمويل تم استخدامها لشراء حافلات ركاب (باص) من ألمانيا لدعم شبكة المواصلات العامة في المملكة العربية السعودية. وستسهم حافلات الركاب هذه في تخفيف انبعاثات الغازات الضارة والتلوث البيئي بالإضافة الى تخفيف الازدحام المروري في مدينة الرياض من خلال التحول باتجاه استخدام شبكة المواصلات العامة في المملكة. في حين أشار بيان وزارة المالية أنها، ممثلة في المركز الوطني لإدارة الدين، قد أنهت بنجاح , عملية تمويل شراء 842 حافلة لصالح مشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام (حافلات الرياض) بالهيئة الملكية لمدينة الرياض، وذلك بتمويل يقارب المليار ريال سعودي.
التخطيط المُبكر
هذا النوع من التمويل يتطلب التخطيط المُبكر له وذلك بسبب الحاجة لبناء القدرات وكمية المتطلبات الضرورية التي تأتي مع هذا النوع من التمويل. بشكل عام أتوقع شخصياً أن المركز الوطني لإدارة الدين وصندوق الاستثمارات العامة سيلعبان دوراً محورياً في دعم الجانب التمويلي الخاص بمبادرة السعودية الخضراء وذلك نظراً للخبرات المتراكمة التي لديهما.