القادم الاسوأ، هذه هي النظرة المستقبلية للجنيه الإسترليني وما ينتظر المملكة المتحدة الفترة المقبلة. إذ بدأ الجنيه الاسترليني الأسبوع دون أدنى مستوياته مقابل الدولار خلال 2021 عند 1.3426 دولار.
وسجل الاسترليني أدنى مستوى جديد في العام بعدما هبط إلى 1.3357 دولار وقت كتابة التقرير، قبل أن يتعافى قليلًا ويعود للتداول فوق مستويات 1.34 دولار.
ولن يقع الإسترليني فجأة، ولكن هناك رياح معاكسة قد تهاجم قريبًا وتدفعه للأسفل، متمثلة في أربعة عوامل. فإلى أي مدى قد يصل انهيار الجنيه البريطاني؟
» 1. خدعة بنك إنجلترا ولعبة رفع الفائدة:
أدت الحركة التي لعبها بنك إنجلترا بشأن أسعار الفائدة إلى حرق آخر ورقة دعم كان يملكها الجنيه البريطاني: وهي احتمالية حدوث سلسة ثابتة من رفع الفائدة، والتي كانت ستدفعه للصعود.
وقد يكون بنك إنجلترا تسبب في ضرر دائم للإسترليني، بعدما فاجأ الجميع بترك الفائدة دون تغيير في اجتماعه الأخير في نوفمبر. فعلى الرغم من الحديث عن احتمال رفع الفائدة في المستقبل، إلا إن بنك إنجلترا خسر ثقة الجميع من خلال السماح للسوق "بالتحرك في الاتجاه الخاطئ". عندما انتظر الجميع رفع الفائدة، ولكنها لم تأت.
فحتى لو تحدث أندرو بيلي، محافظ بنك إنجلترا، عن رفع الفائدة في المستقبل، لن يصدقه أحد، لأن السوق لن ينسى سريعًا أن هذه التعليقات لا تعني الكثير. وهذا سيشكل ضغوط هبوطية على الإسترليني.
» 2. الناتج المحلي الإجمالي البريطاني لا يساعد الأسترليني:
- كانت أرقام الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد البريطاني في الربع الثالث من العام مخيبة للآمال. إذ تباطأ النمو الاقتصادي عن الربع السابق، حتى بعد إلغاء قيود الإغلاق في إنجلترا وإعادة فتح المتاجر والحانات والمطاعم والنوادي الليلية بالكامل دون قواعد التباعد الاجتماعي.
إذ نما الاقتصاد البريطاني بنسبة 1.3٪ فقط في الربع الثالث من 2021، وهي أقل بكثير من توقعات المحللين (1.5%) وقراءة الربع الثاني (5.5%). لذلك، شهد الجنيه مزيدًا من الضعف، وهذا سيُزيد الضغوط إذا استمر تراجع الاقتصاد.
» 3. قوة الدولار:
- بعد صدمة ارتفاع التضخم السنوي في الولايات المتحدة إلى 6.2٪ في أكتوبر الماضي، وهو أعلى مستوى له خلال 30 عامًا منذ نوفمبر 1990 وأعلى من التوقعات عند 5.8٪، زدات رهانات المستثمرين على أن الاحتياطي الفيدرالي سيرفع الفائدة بشكل أسرع من المتوقع ليحاول السيطرة على التضخم. وهذا سيدعم الدولار الأمريكي على حساب ضعف الإسترليني الذي يُعاني في بلده.
» 4. شبح البريكست يرعب الاسترليني مجددًا:
كما هو معلوم؛ كلما عادت قضية البريكست إلى الساحة، يظهر تأثيرها على العملة البريطانية سريعًا. ومع تأزم العلاقات مرة أخرى بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، يشكل هذا بالطبع مصدر قلق على الاسترليني.
وتهدد بريطانيا بتفعيل المادة 16 الطارئ، الذي يسمح لأي جانب بتنفيذ التدابير أو "الضمانات" بشكل أحادي، إذا تسبب بروتوكول أيرلندا الشمالية (Northern Ireland Protocol) - الذي يبقي أيرلندا الشمالية في السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي دون رسم حدود صلبة مع جمهورية أيرلندا العضوة في الاتحاد الأوروبي - في "صعوبات اقتصادية أو اجتماعية أو بيئية خطيرة".
وترفض المملكة المتحدة جزء من هذا البروتوكول فيما يتعلق بقضايا "السيادة" وفحص الحدود على بعض السلع التجارية. وتطالب بريطانيا بعزل محكمة العدل الأوروبية العليا، من أي دور تنظيمي في البروتوكول.
لكن الاتحاد الأوروبي مصر على أن المملكة المتحدة لا يمكنها إعادة التفاوض على الصفقة التي اتفق عليها جونسون قبل 11 شهرًا، فقط لتجنب سيناريو الخروج "بدون صفقة"، ويجب أن تنفذها بالكامل كما وقعت عليها.
وإذا فعلت لندن المادة 16، قد يدفع هذا الاتحاد الأوروبي إلى فرض رسوم وتعريفات جمركية عليها، والتي من شأنها أن تضر بالاقتصاد البريطاني والجنيه الإسترليني بشدة، بما أن الاتحاد الأوروبي هو أكبر سوق لديها.
و السؤال المطروح الآن هو إلى أي مدى ستؤثر هذه العوامل على الجنيه الإسترليني؟ وكيف ستختم العملة البريطانية عام 2021؟!