ما زال رواد رأس المال المغامر بالولايات المتحدة يثيرون شكوكاً، وعداءً شديداً بين نظراءهم من المستثمرين، مما يجعلنا نستعيد وصف بول جراهام، وهو مستثمر تكنولوجي مؤثر، لهذه الفئة من المستثمرين بأنهم "أشرار كلاسيكيون، جبناء بالتعاقب، وجشعون، ومخادعون، ومتعجرفون"، والحقيقة أن رأس المال المغامر التهم المكاسب في سوق الأسهم خلال السنوات الأخيرة، وأبرز مثال على ذلك شركة آبل، التي تعد مثالا على المخاطرة في مجال التكنولوجيا، فقيمتها السوقية الآن تعادل ثلاثة تريليونات دولار، فيما تهيمن كبرى الشركات مثل فيسبوك (NASDAQ:FB) وجوجل (NASDAQ:GOOGL) وتسلا (NASDAQ:TSLA) على المحافظ المغامرة بتقييم لافت للنظر.
بدأ التاريخ الكاسح، والموثوق لثورة رأس المال المغامر من الصناعات المنزلية في خمسينيات القرن الماضي، وانصب الاهتمام الأكبر في القرن الحالي على رواد الأعمال الذين أعادوا صنع العالم بالتكنولوجيا، مثل جيف بيزوس وإيلون ماسك ومارك زوكربيرج، لكن السؤال هو: هل حقق أصحاب رأس المال المغامر النجاح، أم أنهم تظاهروا به فحسب؟، ففي الأيام الأولى لبزوغ عصره، لعبوا دورا كبيراً، وانتهز بعضهم فرصة وجود عدد أقل من المستثمرين الراغبين في المشاركة بالمال في الأعمال المحفوفة بالمخاطر، وانطلقت البدايات تحت شهوات المغامرين الصريحة لتكديس الثروات، وكان من السهل على حيتان وادي السيليكون تحديد المهاجرين الطموحين، والذين لن يتسامحوا أبداً مع الفشل.
تكمن كلمة السر في ثروات أصحاب رؤوس الأموال المغامرة في نظرتهم للأمور من خلال الشكوك المستقبلية، وتصورهم للأحداث إذا سارت في إطار سيناريو طبيعي، وعلى الرغم من الجانب السلبي لهذه الصناعة، التي يهيمن عليها الرجال، إلا أنها استطاعت تغيير العالم، حتى أصبح لهؤلاء المغامرين تأثير إيجابي في الاقتصادات والمجتمعات، وأثبتوا قوتهم، فقد كانوا خلف نجاحات فيسبوك، وجوجل، وأوبر، وأمازون، وكل الصناديق الاستثمارية التي تتطلب من المستثمرين وجود شهية المخاطرة وأعصاب قوية، فالقيمة السوقية لأسهم شركة أبل (NASDAQ:AAPL) كانت تزيد في المتوسط أكثر من 700 مليون دولار يومياً على مدار الأعوام العشرة الماضية، حتى أفضل المستثمرين في رأس المال المغامر لا يمكنهم توليد ثروة بهذا الحجم.
دائماً ما يترقب المستثمرون في رأس المال المغامر العوائد المتاحة في الأسواق العامة، وعلى مدى الأعوام الخمسة الماضية، زادت صناديق رأس المال المغامر أصولها الخاضعة للإدارة من 547 مليار دولار إلى 1.7 تريليون دولار، ومع ذلك، فإن الأداء السابق ليس ضمانا أكيداً للنتائج المستقبلية، فالأسواق تنمو بشكل حاد بشكل متزايد مع ارتفاع معدلات التضخم وترقب ارتفاع أسعار الفائدة في مارس المقبل من قبل الاحتياطي الفيدرالي، ما قد يؤدي إلى اضطراب في حسابات الاستثمار، وضرر شديد بشكل خاص في تكنولوجيا المضاربة.
يبدو أن هبوط تقييمات التكنولوجيا في السوق العامة مسألة وقت فقط، قبل أن يصيب الأسواق الخاصة أيضاً، وأعتقد أنه سيكون هناك تصحيح، إنه أمر لا مفر منه، إذ أن كثيراً من الجنون الذي صاحب انهيار الإنترنت مطلع القرن الحالي له أوجه شبه بما يحدث اليوم، بالإضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع أسعار الفائدة سيجعل الوضع أكثر صعوبة لقطاع رأس المال المغامر، إذ ستصبح المؤسسات الاستثمارية أكثر عزوفاً عن المخاطرة وأقل استعدادا لتخصيص الأموال لصناديق رأس المال المغامر في بيئات تشهد معدلات فائدة مرتفعة، كما أن التكلفة المرتفعة لرأس المال تخفف من معدل تأسيس الأعمال الجديدة وتجعل من الصعب على الشركات الناشئة التوسع.