على الرغم من انخفاض مؤشر الدولار إلى أدنى مستوياته خلال عامين منذ مارس 2020، إلا أن ما زال أمامه مساحة للصعود أكثر.
إذ يرى بنك (JPMorgan) أن الدولار يمكن أن يواصل رحلة الصعود حتى بعد أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة.
ويتصارع الفيدرالي مع كيفية ترويض أسرع تضخم في الولايات المتحدة منذ الثمانينيات. وارتفع مؤشر الدولار بنحو 5٪ في العام الماضي، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كان الاتجاه الصعودي قد انتهى.
ولكن من وجهة نظرنا، إن الدولار لديه مجال أوسع للارتفاع وتحقيق مكاسب أكبر. إذ لا تزال الأسواق في وضع اكتشاف الأسعار وتسعير البيانات الاقتصادية وقرارات الفيدرالي. وعادةً ما تأتي ذروة الدولار بعد شهر أو شهرين من رفع الاحتياطي الفيدرالي معدلات الفائدة.
وازدادت توقعات الأسواق برفع الفائدة خمس مرات هذا العام، بعد التعليقات المتشددة من الرئيس جيروم باول خلال الاجتماع الأخير. إذ قد يختار البنك المركزي الأمريكي بدء رفع الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماع مارس القادم.
ويحاول السوق مطاردة الفيدرالي وتوقع تحركاته القادمة، لأنه من الواضح أن هذه دورة غير تقليدية للغاية. فعلى سبيل المثال، توقع الفيدرالي في البداية أن التضخم سيهدأ إذا تلاشت مشاكل سلسلة التوريد المتعلقة بالوباء، لكنه أقر مؤخرًا أن الأمر يستغرق وقتًا أطول مما كان متوقعًا.
» الدولار الأمريكي يواجه بعض العقبات:
وقد يواجه الدولار بعض العقبات التي ستعرقل المسار الصعودي، مع التحول الكبير في لهجة البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا.
إذ لبى كل من بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي توقعات السوق. إذ رفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 0.50٪ للمرة الثانية على التوالي. بينما أبقى البنك المركزي الأوروبي على سياسته دون تغيير، لكن غير لهجته في الحديث عن مخاطر التضخم التي تهاجم منطقة اليورو.
وسجل مؤشر الدولار أسوأ أسبوع له منذ ما يقرب من عامين الجمعة الماضية، بعدما استقر اليورو عند أعلى مستوى له في ثلاثة أسابيع مع بداية هذا الأسبوع، وارتفع الجنيه الاسترليني بعد التحولات القوية من البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا.
وشهد زوج "اليورو/دولار" تحولًا صعوديًا كبيرًا في حركة السعر (أكبر حركة ليوم واحد منذ ديسمبر 2020)، بعد أن أقرت رئيسة المركزي الأوروبي كريستين لاغارد بمخاطر التضخم المتزايدة، ورفضت تكرار التوجيهات السابقة بأن زيادة سعر الفائدة هذا العام أمر مستبعد للغاية.
ويعد هذا بمثابة تحول حاد في لهجة السياسات النقدية بالنسبة لأحد أكثر البنوك المركزية تيسيرًا في العالم.
وبذلك أصبح قرار رفع الفائدة في منطقة اليورو في 2022، والذي تم حذفه سابقًا، متاحا على الطاولة الآن.
ولكن لن تستمر مكاسب اليورو على المدى القصير، مع تشديد الاحتياطي الفيدرالي الذي يلوح في الأفق، والذي سيدعم الدولار بقوة.
» الاقتصاد الأمريكي يتحسن بقوة:
دعمت بيانات الوظائف الأمريكية الإيجابية والأقوى من المتوقع، الدولار الجمعة الماضية، مما أعاد مؤشر الدولار إلى 95.46 في نهاية أسبوع مليء بالكدمات للعملة الأمريكية.
ومع تحسن الاقتصاد الأمريكي والسوق العمل، سيقدم هذا مزيدًا من الدعم للفيدرالي لتشديد السياسات، مما يعطي زخمًا إضافيًا لرفع الفائدة في اجتماع مارس.
وفي النهاية، من المتوقع أن يعود الدولار لاستكمال مسار الصعود الفترة القادمة، لأنه لم يبلغ ذروته بعد. على أنه قد يواجه بعض القوة من اليورو بدعم من تشدد المركزي الأوروبي، مما قد يقلص من مكاسبه، لكنها لن تقضي عليه.