بلغ مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الخضراء مقابل سلة من العملات الرئيسية الأخرى مستويات قياسية، بلغها آخر مرة في شهر ديسمبر 2016.
ساهمت الأوضاع الجيوسياسية في منطقة البحر الأسود و التصريحات التصعيدية بكل من موسكو من جهة, والغرب الداعم لأوكرانيا ضد العملية العسكرية الخاصة التي شنتها روسيا ضد جارتها الغربية من جهة ثانية في تأزم الوضع الاقتصادي الدولي وتسبب في ذعر الأسواق، مما دفع أسواق الطاقة إلى ارتفاع مهول في تداولاتها، دفع معها مستويات التضخم إلى تسجيل أرقام قياسية مما نتج عنه اتجاه البنوك المركزية إلى تشديد سياستها النقدية ورفع أسعار الفائدة من أجل احتواء التضخم و امتصاص الفقاعة السعرية للسلع وفي مقدمتها الطاقة و بعض السلع الأساسية التي من شأنها التأثير على القدرة الشرائية للمواطنين.
وفي خضم كل هذه الأحداث، اختبر مؤشر الدولار مستويات 103 مما عجل بمكاسب إضافية للدولار أمام بقية العملات وسط توقعات باستمرار التشديد في السياسة النقدية من طرف الفيدرالي الأمريكي, حيث يرتقب أن تبلغ الزيادة في أسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل 50 نقطة مئوية. و بالتالي استمرار الأداء القوي للدولار وارتفاع في عوائد السندات الحكومية لـ 10 و30 سنة.
إلا أن الزوج الدولار مقابل الليرة التركية فشل في دفع القناة السعرية فوق مستويات 15 التي يتخذ المركزي التركي مواقف متشددة نحوها ويحذر من صعوبتها. على الرغم من الأداء السيء لبعض المؤشرات الاقتصادية التي صدرت عن المركزي التركي خلال الأيام الماضية, إلا أن الليرة استمرت في الحفاظ على بعض المكاسب أمام الدولار بالرغم من التراجع البطيء الذي شاهدته منذ أواخر سنة المنصرمة من مستويات 11 إلى 14.89 في هذه اللحظات.
إن استمرار الأداء الجيد للدولار من شأنه أن يستمر في تحدي المستويات التي سنها المركزي التركي و المتمثلة في 15, خصوصا في خضم التضخم الذي بلغ مستويات 60 و المستويات السلبية للأسعار الفائدة في الـ 14 في المائة، يبقى هذا السيناريو أقرب للواقع و قابل للتحقيق خصوصا إذا ما تشدد الفيدرالي الأمريكي أكثر في سياسته النقدية وتحفز مؤشر الورقة الخضراء في تجاوز مستويات 103 مما يجعل الدولار أكثر قابلية للتداول في مستويات عليا أمام الأزواج المقابلة. وعلى الرغم من نهج تركيا لسياستها التصالحية مع دول الحزام الإقليمي و توقيع اتفاقيات من شأنها زيادة صادراتها وإنعاش اقتصادها المبني على الاستثمار، الإنتاج، والتصدير.
بالإضافة إلى الزيارات التي قام بها وزير المالية التركي لأمريكا و لقائه مع مسيري كبار الشركات الأمريكية الذين أبانوا عن تبات الاقتصاد التركي وأبدوا اهتمامهم فيه من أجل الاستثمار في خضم تحسن العلاقة المتوترة بين البلدين. إلا أن كل هذه العوامل لن تؤثر بشكل عميق في الحد من الخسارة البطيئة الليرة التركية في سوق الصرف، و يبقى احتمال استمرار تداولات الزوج في الارتفاع و لو بشكل بطئ نحو مستويات 15 وارد كفاية على المدى القريب والمتوسط على الرغم من صعوبة تجاوزها.