كما هو معروف أن الاقتصاد العالمي يرتبط بالاقتصاد الأمريكي وأن أي تغير يحدث في الاقتصاد الأمريكي يقابله تغيير في الاقتصاد العالمي وبما أن الاقتصاد الأمريكي هو اقتصاد رأسمالي فهو مجبر على الدخول بما يسمى الدورة الاقتصادية للأعمال.
وتكمن أهمية الدورة الاقتصادية بالنسبة للمستثمرين والمتداولين عامة من خلال معرفة الاتجاه العام للأسواق المالية وتسمى أيضا بدورة الأعمال وهي مجموعة من التغيرات التي تحدث بشكل دوري في المؤشرات الاقتصادية كالبطالة والتضخم والناتج المحلي الإجمالي، توجد هذه الدورة في الاقتصاد الرأسمالي والتي تمتد من (3 - 8).
من الصعب على الحكومات وخاصة الرأسمالية منع حدوث الدورات الاقتصادية ولكن تمتلك القدرة على تقليل فترة الركود والكساد وإطالة فترة الانتعاش والذروة وتختلف كل دورة حسب قدرة الاقتصاد على الخروج من مراحلها المختلفة والانتقال إلى مرحلة الازدهار والرخاء.
وتتكون الدورة الاقتصادية من أربعة مراحل (الانتعاش، الذروة، الركود، الكساد) تبدأ المرحلة الأولى والثانية (الانتعاش والذروة) بزيادة الإنتاجية والتوسع ومن ثم زيادة الطلب الكلي نتيجة انخفاض أسعار الفائدة إلى أدنى مستوياتها إذ تكون الأسواق المالية بشكل عام في اتجاه صاعد وتعيش في فترة من الانتعاش وصعود مؤشرات الاسواق المالية، الشركات ذات الأداء المالي الجيد في المرحلة الأولى والثانية تحدث نوعَا من الطفرات وتخلق لنا قمم جديدة في اسعارها لان الاقتصاد العالمي يساعد على ذلك بشكل مباشر وفي نفس الوقت يساعد انتعاش الأسواق على عدم انزلاق الشركات ذات الأداء المالي السيء الى القاع.
في نهاية المرحلة الثانية (الذروة) يتجه الاقتصاد الأمريكي إلى التضخم (الارتفاع العام في مستوى الأسعار) حيث انخفاض أسعار الفائدة وضخ الاقتصاد بكميات كبيرة من النقد تؤدي إلى زيادة الطلب الكلي، في هذه الأثناء تحاول الادارة الامريكية الى جانب البنك المركزي لمواجهة التضخم الجامح من خلال أدوات السياسة النقدية واشهرها (معدلات الفائدة) وأدوات السياسة المالية واشهرها (الضريبة) ينتقل الاقتصاد بعد ذلك إلى مرحلة الركود والكساد والتي يشهد الاقتصاد فيها الى انخفاض النمو وقلة الإنتاجية والتوسع نتيجة عدم قدرة الشركات على سحب القروض بسبب زيادة اسعار الفائدة.
في المرحلة الثالثة والرابعة تكون الأسواق المالية في اتجاه هبوطي حاد ونلاحظ انخفاض حاد أيضًا في مؤشرات الأسواق المالية بشكل عام في هذه الفترة الشركات ذات الأداء المالي الجيد تحافظ اسعارها على نوع من الاستقرار نسبيا أما بالنسبة للشركات ذات الأداء المالي السيء ستواجهة مشكلات كبيرة إذا كان هبوط الأسواق المالية مع الأداء السيء للشركات في مثل هكذا حالات ستكون النتائج كارثية وتنعكس سلبا على أسعار الأسهم بشكل مضاعف وتخلق لنا قيعان جديدة .
في الوقت الحالي من عام 2022 الاقتصاد الأمريكي هو ما بين مرحلة الذروة والركود تحديدا هو في منتصف الدورة الاقتصادية لكن مع ذلك تكمن مخاوف الإدارة الامريكية من (الركود التضخمي) والذي يعد أكثر سوءاً من الركود على الاقتصاد بشكل عام والأسواق المالية بشكل خاص، وتحديد ما إذا كان التضخم مؤثر أو لا يجب الانتباه على اهم المؤشرات الاقتصادية (معدلات البطالة) في الوضع الاقتصادي الذي يكون فيه التضخم قائم إذا كانت معدلات البطالة مرتفعة فإن الإدارة الأمريكية الى جانب البنك المركزي والذي يعد المحرك الرئيسي للأسواق المالية والمسؤول الأول عن ضبط الإيقاع للاقتصاد الأمريكي وحتى العالمي في هذه الحالة سيتعامل بجدية تجاه التضخم لأن نتائج للتضخم مع ارتفاع معدلات البطالة ستكون مركبة وكارثية على الاقتصاد والأسواق المالية على عكس الحالة التي تكون فيها معدلات البطالة منخفضة نسبيا تلاحظ تأثير بسيط للتضخم على الاقتصاد.
في النهاية هل ينتهي الهبوط إلى هذا الحد أم هي البداية فقط؟ في ظل الظروف الراهنة والمعطيات العامة للاقتصاد الأمريكي والعالمي فإن الهبوط سيكون أكثر قسوة على الاسواق الامريكية خاصة والأسواق العالمية عامة.