الاقتصاد الأمريكي هو الجحيم بالنسبة لتركيا

تم النشر 02/08/2022, 11:30
محدث 09/07/2023, 13:32
USD/TRY
-
DX
-
CL
-

حينما تلعب دولة من دول ذات الاقتصادات القوية آلة الأوركسترا فإن الكل يتجه هناك للغناء. أثارت السياسة التشديدية التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية والتي تبدو أنها مصرة كثيرا للتصدي لموضوع التضخم ووضعه تحث أيدي السيطرة وإعادته لمستوياته الطبيعية في حدود 2% سخط الاقتصادات الناشئة. 

فاجتذاب الاقتصاد الأمريكي لرؤوس الأموال الساخنة للداخل بفعل العوائد المغرية، جعل الكل يعيد حساباته ويفكر كيف يقلل من تبعات هذا الأمر على اقتصاد بلده. فصار أمرا طبيعيا أن يحاول الكل تكييف أسعار الفائدة الخاص بدوله مع الوضعية الصعبة التي يعيشها الاقتصاد الدولي بشكل عام بسبب ارتفاع أسعار منتجات الطاقة والغذاء نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية مطلع شهر فبراير المنصرم.

فبعد بلوغ التضخم لمستويات لم يتوقعها الفيدرالي قط بفعل السياسة المتساهلة والمساعدات المحتشدة للشعب والمؤسسات الاقتصادية الأمريكية خلال جائحة كورونا للتصدي لتبعات الإغلاق على السوق الأمريكي وارتفاع مستويات الطلب بعدها وعدم تمكن سلاسل التوريد العالمية للتأقلم مع هذا الوضع الصعب.

زادت الحرب الأوكرانية الطين بلة وانطلق إنذار الركود والذي حصل بالفعل وبشكل رسمي خلال الإعلان عن أرقام نمو السوق الأمريكية يوم الخميس الماضي والتي شهدت انكماشا للربع الثاني على التوالي بعد أن توقع الكل نموا خلال هذا الربع وبالتالي دخل الاقتصاد الأمريكي فترة ركود حسب التعريف الأمريكي.

على الرغم من  أن الجهات الفاعلة في أمريكا لا تزال تحاول الطمأنة بأن الاقتصاد على ما يرام والإنفاق لا زال مرتفعا إلا أن الاقتصاد يتباطأ ومستويات طلبات الإعانة بدأت في الارتفاع ولم يبد التضخم إلى حدود الساعة أي إشارات على التراجع.

استمر الفيدرالي الأمريكي خلال الاجتماع الماضي برفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس وكان السوق و / الدولار أساسا مسعرا ومتوقعا هذه الخطوة بحيث لم يكن متشدد كما كان قبل وبالتالي لم يضف أي إيجابية على الدولار.

وفي نفس الوقت لم يؤثر عليه بالسلب ولم يقف عائقا أمام استمرار ارتفاعه أمام {{18/ الليرة التركية}} وكسب فوائد عليها، خصوصا مع صدور بيانات الحساب الجاري وتعمق الأرقام السلبية أكثر مقارنة بالبيانات الماضية، وبالتالي فإن الوضع في تركيا ليس جيدا أبدا على الرغم من  تحسن مؤشر ثقة المستهلك لشهر يوليو.

إن الجحيم هو الأخر، عبارة تلخص بمنتهى السهولة وضعية الاقتصادات الناشئة بفعل إجراءات الدول القوية، ومن بينها تركيا، التي تشهد اقتراب إجراء الانتخابات الرئاسية والوضع الاقتصادي والحالة الصعبة وارتفاع تكاليف الحياة يوما بعد آخر وتزعزع ثقة المستثمرين والمواطنين الأتراك في قرارات المؤسسة الحاكمة، هي ما يشغل الصورة الأمامية في المشهد التركي خاصة والدولي عامة.

وبالتالي من اللازم القول بأن الوضع سيستمر على هذا المنوال فيما تبقى من هذه السنة مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية والتذبذبات التي يشهدها قطاع الطاقة، متبوعا بالغذاء، على الرغم من  تراجع أسعار / البترول بفعل المشاعر السلبية من الركود والخوف وحصول تباطؤ في الاستهلاك بفعل تراجع أرقام الاقتصاد الصيني، الذي يعد من أكبر الدول المستوردة والمستهلكة للذهب الأسود، في حين تم استئناف تصدير الحبوب الأوكرانية بعد اتفاق كلا الطرفين برعاية تركيا.

هناك مشكل الثقة بشكل عام بخصوص حصول أي انفراجة وتنفس الأوضاع في اقتصادات دول العالم، فمن ركود الولايات المتحدة وتعب القارة العجوز بفعل لفحات البرد الروسية، وتعثر باقي اقتصادات العالم بفعل استيراد التضخم وخروج الأموال الساخنة المتعطشة للربح السريع، فالأصح القول إن أمريكا تلعب سيمفونية أثارت لهب المستثمرين الأجانب فاتجه الكل للغناء هنالك وتركوا كل شيء مضطرب وراءهم.

أحدث التعليقات

جاري تحميل المقال التالي...
قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2025 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.