وجد الدولار الأمريكي مزيد من الدعم أمام العملات الرئيسية بعد صدور تقرير سوق العمل الأمريكي عن شهر يوليو الذي أظهر إضافة 528 ألف وظيفة خارج القطاع الزراعي في حين كانت تُشير التوقعات إلى إضافة 250 ألف وظيفة بعد إضافة 372 ألف وظيفة في يونيو تم مُراجعتهم اليوم ليُصبحوا 398 ألف أيضاً.
ليستمر بذلك التفاؤل بأداء سوق العمل بعدما تراجع هذا التفاؤل بعض الشيء بالأمس بارتفاع آخر لطلبات إعانات البطالة لتصل ل 260 ألف طلب عن الأسبوع المُنتهي في التاسع والعشرين من يوليو الماضي حيثُ أعلى مُستوى لها منذ الأسبوع المُنتهي في 21 يناير الماضي.
التقرير أظهر أيضاً انخفاض مُعدل البطالة ل 3.5% حيثُ أدنى مُستوى له منذ فبراير 2020 أي منذ بداية جائحة كورونا في حين كان المُتوقع بقائه عند 3.6% كما كان في يونيو ومايو وإبريل، بينما ظل مُعدل البطالة المُقنعة الذي يحتسب العاملين لجزء من اليوم الراغبين في العمل ليوم كامل عند 6.7% كما كان في يونيو.
أما عن الضغوط التضخُمية للأجور في الولايات المُتحدة خلال شهر يوليو، فقد أظهر تقرير سوق العمل اليوم ارتفاع متوسط أجر ساعة العمل ب 5.2% سنوياً في حين كان مُنتظر ارتفاع ب 4.9% فقط بعد ارتفاع ب 5.1% في يونيو تم مُراجعته اليوم ليُصبح 5.2% سنوياً أيضاً.
التقرير في مجمله يُمهد لخطوات أكبر في اتجاه تضييق السياسات النقدية للفدرالي دون قلق على أداء سوق العمل في الوقت الحالي خاصةً بعدما صرح رئيس الفدرالي عقب رفع لجنة السوق الشهر الماضي سعر الفائدة ب 0.75% بأن الفدرالي سيعتمد على البيانات الاقتصادية في اتخاذ قراراته المُستقبلية بشأن السياسة النقدية.
ما يُعطي مزيد من الثقل لهذه البيانات في المرحلة المُقبل لا سيما عن التضخم وسوق العمل الذي وصف الفدرالي مؤشراته بأنها لا تدل على ضغوط انكماشية على الاقتصاد أو تعرضُه للركود إلى الآن، رغم بيانات إجمالي الناتج القومي الأمريكي التي أظهرت بالفعل انكماش للربع الثاني على التوالي بشكل مبدئي بواقع 0.9% بعد انكماش ب 1.6% في الربع الأول.
لذلك كان لهذا البيان أثر إيجابي على العوائد على أذون الخزانة الأمريكية داخل أسواق المالي الثانوية مع ارتفاع سقف توقعات رفع الفدرالي لسعر الفائدة لاحتواء التضخم دون تخوف على السوق العمل ليصعد العائد على إذن الخزانة الأمريكي الذي عادةً ما يجذب اهتمام الأسواق لحدود ال 2.8% بعدما كان بالقرب من 2.7% قبل صدور هذا البيان الذي أعطى جاذبية للدولار أمام كافة العملات الرئيسية فوق صدوره.
ليتواجد الدولار أمام الين الآن عند 134.50 من 133.20 كان يتداول عندها قبل صدور تقرير سوق العمل كما تراجع اليورو أمام الدولار ليتواجد حالياً بالقرب من 1.0160 وانخفض الإسترليني ل 1.2025 إلى الآن امام الدولار.
كما انخفض الذهب الذي لا يُعطي عوائد بطبيعة الحال أمام الدولار، فبعدما كان قرب ال 1788 دولار للأونصة قبل صدور هذا التقرير الذي دعم توقعات رفع سعر الفائدة في الولايات المُتحدة وأعطى جاذبية للدولار انخفض الذهب لحدود ال 1765 دولار للأونصة الان وقت كتابة هذا التقرير.
كما هوت العقود المُستقبلية لمؤشرات الأسهم الأمريكية بشكل كبير نسبياً فور صدور هذا البيان الذي كما يُعطي مزيد من الثقة في أداء الاقتصاد الأمريكي يُمهد أيضاً لرفع معدلات الفائدة بشكل أكبر وأسرع مما كانت تحتسب الأسواق.
ليتواجد حالياً مؤشر الداو جونز الصناعي المُستقبلي عند 32500 فاقداً أكثر من 300 نقطة بعد صدور ذلك التقرير، كما هبط مؤشر ستاندارد أند بورز 500 المُستقبلي عند 4105 وتراجع الناسداك 100 المُستقبلي لحدود ال 13100 إلى الان وقت الانتهاء من كتابة هذا التقرير.
بعد التفاؤل الذي شهدته أسواق الأسهم مؤخراً بسبب نتائج أعمال الشركات في الربع الثاني التي أظهرت قُدرة على التعايُش مع مستويات تضخُم مُرتفعة وتكلفة اقتراض أعلى إلى الان وإن كانت لازالت المخاوف مُستمرة لدى أغلب الشركات الأمريكية.
بسبب تراجُع الأداء الاستهلاك حيثُ يُعد الإنفاق على الاستهلاك المُحفز الرئيسي للاقتصاد الأمريكي بتمثيله 70% من الناتج القومي الأمريكي مع قلق مُستمر من جانب الشركات من إنتاج مُنتجات تُعد غالية الثمن نسبياً عند هذه المُستويات السعرية على المُستوى الإنتاجي والاستهلاكي قد لا تجد الطلب المأمول لبيعها، ما قد يؤدي لاحقاً لضغوط انكماشية.
فإن كانت قد استفادت بعض الشركات من ارتفاع الأسعار وتحقيق أرباح استثنائية بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية والطاقة الناتجة عن الأزمة الأوكرانية، إلا أن استمرار الطلب عند هذه المُستويات السعرية لايزال محل شك.
ما جعل كثير من الشركات تُخفض من توقعات نتائج أعمالها المُستقبلية بسبب حالة عدم التأكُد بشأن الأزمة الأوكرانية التي زادت من سرعة ارتفاع الأسعار ونقص سلاسل الإمداد في نفس الوقت لاسيما في ظل مُستويات أسعار فائدة أعلى مُنتظرة من جانب الفدرالي لاحتواء ذلك التضخُم.