يبدوا أن الامواج التي تقود تحركات الأسواق خلال هذه الفترة نابعة لا محالة من البيانات المتتالية التي تزيل بقايا أشلاء القوة من الاقتصادات المتزعزعة و المضطربة و تصطدم بحائط الاقتصادات القوية دون أي فائدة. وارتفع تداول مؤشر الدولار نحو مستويات عالية خلال نهاية عطلة نهاية الأسبوع وبداية جلسة هذا الأسبوع حيث اندفع المؤشر بكل قوة نحو مستويات 108 مقتربا أثناء كتابة هذه الكلمات من مستوى 109 مستفيدا من قاطرة البيانات التي صدرت الأسبوع الماضي والتي جرت الدولار نحو الأعلى, حيث خالفت الأرقام النهائية غالبية التوقعات و فضلت الانصياع للعملة الخضراء.
و قد شهدت تصاريح البناء ارتفاعا ب 1,674 بعد توقع السوق 1,650, بالمقارنة مع تحسن مبيعات التجزئة الأساسية لشهر يوليو ب 0,4 تاركة التوقعات السلبية للسوق وراءها. في حين شهد مخزون النفط الأمريكي انخفاضا ب 7 ملايين مما أعاد عجلة النمو والإنتاج نحو الطريق خلال الأسبوع الماضي. أما فيما يخص بيانات الاعانة من البطالة و التي كان من المتوقع لها أن تشهد ارتفاعا بنحو 265 ألف,فقد فجرت فقاعة الارتفاع و دعمت بيانة التوظيف الصادرة خلال الفترة المنصرمة و حلت تحث مستويات 252 ألف و هي القراءة التي سجلها السوق في أخر صدور لهذه البيانات.
كل هذه البيانات أثارت اهتمام السوق و جعلت شهيته مفتوحة للدولار و قد تجاوز المؤشر خلال هذه اللحظات المستويات (107) التي حددناها في مقالة الأسبوع الماضي بعنوان "بيانات قد تطيح بالدولار و النفط و الليرة التركية" إلا أنها نصرت الدولار و ألقت بضربتها القاضية على أسعار النفط و الليرة و التي سنأتي على ذكرها خلال الأسطر القادمة. و في حالة استمرار المؤشر على هذا الأداء و دعمت أي بيانات من شأنها أن تحدث تأثيرا في السوق الدولار, فهذا الأمر سوف يعجل بالمؤشر نحو مستويات جديدة قياسية و يستهدف باهتمام كبير مستويات 112 كمقاومة يختبرها السوق و مناطق داعمة لعمليات الشراء أكثر خصوصا اذا تم التصحيح منها و عاد السعر نحوها من جديد.
أما فيما يخص النفط فقد شهدت الأسعار تراجعا أكبر استكمالا للأداء السلبي التي أبانت عنه أسواق الذهب الأسود خلال الأسبوع الماضي ليغلق خلال نهاية هذا الأسبوع أدنى مستويات 90. و ذلك راجع للأسباب التي ذكرناها خلال الاسبوع الماضي و ينضاف اليها القلق المتزايد بخصوص حدوث تباطؤ في الاقتصاد العالمي بفعل التزام الفيدرالي الأمريكي بزيادة أسعار الفائدة خلال اجتماع الشهر المقبل, و في هذه الحالة حدوث تباطؤ في الطلب العالمي و خفض الطلب على الوقود. قس على ذلك تحسن قيمة الدولار و الذي يتسبب في ارتفاع تكلفة الشراء حينما يتعلق الأمر ببقية العملات الأخرى, بالموازاة مع تعمق الأزمة الأوروبية و التي من المحتمل أن يحدث فيها تراجعا اقتصاديا و الذي من شأنه أن يخلف آثارًا سلبية على العمالة مما يبطئ القطاع الصناعي أكثر و يتراجع الانتاج و يستمر انخفاض الطلب على النفط.
وإذا ما حدث أن تراجعت أسعار النفط لمستويات مشجعة و افتراضا أن دول الاتحاد الأوروبي قادرة على تحمل تكلفة تعويضات الكربون, فمن شأنها أن تتجه نحو حرق النفط في محطات الطاقة و بالتالي تحدث زيادة في الطلب على النفط. مما يحدث توازن بين العرض والطلب.
و في المشهد التركي لهذا الأسبوع, خالف المركزي التركي توقعات السوق و خفض أسعار الفائدة نحو 13 في المائة بعدما راهن الكل على استقرار أسعار الفائدة في مستويات 14. و قد أودت هذه الحركة الى تجاوز الليرة مستويات 18 لكل دولار بعدما أن كانت حبيسة 17.98 لفترة و تكون بذلك بلغت أدنى مستوياتها في تاريخ المركزي التركي. و تتزايد طلبات البيع على الليرة حيث يسارع الكل للتخلص منها في ظل التراجع المستمر و الارتفاع الخطير في مستويات التضخم.
ولازلنا محتفظين بتوقعاتنا للأسابيع الماضية باستمرار تراجع الليرة نحو مستويات جديدة أسوء اذا استمر الإغلاق فوق مستويات 18 الليرة خلال الأسابيع المقبلة و التي تزيد من قلق الأتراك و المستثمرين في ظل عدم حدوث أي تدخل مباشر في سوق الصرف من طرف الجهات المالية العليا و المتحكمة في تركيا, بالموازاة مع تراجع الاقتصاد التركي في خضم الازمة التي يشهدها العالم بفعل أسعار الطاقة و الغذاء.