تتجه أعين جميع المشاركين في الأسواق اليوم نحو ندوة جاكسون هول اليوم الخميس، والتي تعد أحد أهم الأحداث الاقتصادية على مستوى العالم، إذ إنها تضم رؤساء البنوك المركزية الرئيسية حول العالم وكذلك كبار رؤساء البنوك والمصارف العالمية، وهي غالباً ما يهتم الجميع بمتابعة مخرجاتها التي تشير إلى توجهات القائمين على النظام النقدي والمصرفي العالمي.
من المتوقع أن يطغى ويهيمن الحديث عن معدلات التضخم المرتفعة وكيفية معالجتها وإعادتها مرة أخرى إلأى المستويات المستهدفة. بالطبع ليس الأمر بكل هذه البساطة أو بهذه السهولة، ولكن الأمر يتطلب أن يتم رفع أسعار الفائدة أو معدلاتها حتى يتم تحقيق ذلك. رؤساء البنوك المركزية المجتمعون اليوم في موقف لا يحسدون عليه، حيث إن ارتفاع معدلات التضخم باتت قضية اقتصادية عالمية الآن وهو أمر مضر باقتصاد الدول والاقتصاد العالمي ككل.
من الناحية الأخرى، رفع معدلات الفائدة أيضاً، والذي يعد الأداة الرئيسية التي يمتلكها رؤساء البنوك المركزية من أجل كبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، هو أيضاً أمر مضر باقتصاد الدول والاقتصاد العالمي. ارتفاع معدلات التضخم من الوارد جداً أن تقود الاقتصاد العالمي إلى ركود يتبعه كساد إذا بقيت الأمور كما هي من دون معالجة حقيقية. كذلك ارتفاع معدلات الفائدة حول العالم تقود إلى تباطؤ في الأنشطة الاقتصادية الحيوية سواء الإنتاجية أو الخدمية.
إذاً ما هو الحل؟
من حيث النوعية، ليست هنالك خيارات أو حلول أخرى متعددة أو متنوعة أمام رؤساء البنوك المركزية الرئيسية حول العالم إلا برفع معدلات الفائدة من أجل معالجة قضية التضخم التي يعاني منها الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي. أما من حيث الكيفية، فهنا يكمن الحل بالتأكيد. من وجهة نظري الشخصية المتواضعة كخبير اقتصاد وتداول أن عامل الوقت هو الحل وهو الأهم بالنسبة للمشاركين في الأسواق اليوم عند متابعتهم لندوة جاكسون هول وخطابات رؤساء البنوك المركزية.
لا شك أنهم بحاجة إلى سماع جدول زمني أو توقيتات معينة مع بقية عام 2022 وعام 2023 حتى تنتهي كل هذه الأمور لتعود إلى طبيعتها مرة أخرى. ما يود المشاركين في الأسواق اليوم سماعه هو إلى أي حد يمكن رفع معدلات الفائدة حتى يتم السيطرة على معدلات التضخم وإعادتها إلى طبيعتها مرة أخرى ومتى يتم ذلك؟
الآن سيأتي السؤال التالي. وهو، هل يمكن بالفعل وضع جدول زمني لإنهاء أزمة التضخم العالمية وإنهائها خلال عام 2023، خاصة في ظل الظروف التي يمر بها العالم الآن؟ من وجهة نظري أيضاً المتواضعة كخبير اقتصاد وتداول أنه يصعب التنبؤ بذلك في ظل الأوضاع الحالية التي يمر بها العالم. فنحن لدينا الآن أمور سياسية واقتصادية متشابكة ومعقدة.
وأود أن أشير إلى ثلاثة ملفات يشهدهم الواقع السياسي الآن. الملف الأول هو الحرب الروسية الأوكرانية، والملف الثاني هو جزيرة تايوان وتبعيتها للصين أو استقلالها وانضمامها إلى المعسكر الغربي، والملف الثالث هو الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب.
لا أود أن أخوض أكثر من ذلك في غمار السياسة، ولكني أريد أيضاً أن أشير إلى استقرار أسعار النفط العالمية هو عامل أساسي سيشارك في حل قضية التضخم العالمية بشكل كبير.