رغم الهبوط الطفيف عن أعلى مستوياته منذ عام 2002 حول نطاق 109، إلا أنه مجرد تصحيح وسيستأنف الملك الأخضر، الدولار الأمريكي، مسيرة صعوده.
على جانبي معادلة قوة الدولار، تتعدد الدوافع لاستمرار مكاسب العملة الأمريكية. أحدهما يراهن على استمرار ضعف أقرانه الرئيسيين، من العملات الأوروبية المتعثرة إلى الين الياباني الضعيف، إذ يعانون من مشاكلهم الخاصة. وطرف الآخر يرى أن استمرار الاحتياطي الفيدرالي في رفع الفائدة والخوف من الركود سيقود الطلب على الدولار. فالدولار هو الفائز في الحالتين.
ما أسباب ارتفاع الدولار؟
ارتفع الدولار مقابل العملات الرئيسية في العالم، متجهًا إلى أكبر ارتفاع له منذ ما يقرب من 40 عامًا وثالث أكبر ارتفاع منذ أن فصل الرئيس ريتشارد نيكسون ربط الدولار بالذهب قبل أكثر من نصف قرن. ما ساهم في قوة الدولار منذ بداية العام:
1. الدولار الأمريكي مستفيد في كل الحالات، سواء كان خلال فترات تفوق أداء الاقتصاد الأمريكي أو الركود. فإذا اشتدت المخاطرة، يختبئ الناس عند أقوى ملاذ آمن، الدولار. وإذا ازدهرت التوقعات الاقتصادية للولايات المتحدة نرى استفادة الدولار من هذا الوضع الإيجابي.
2. تأكيد الفيدرالي استمرار رفع الفائدة حتى إعادة التضخم إلى هدفه 2%، حتى لو سيضحى ببعض القوة في سوق العمل وتباطؤ الاقتصاد الأمريكي.
3. الخوف من الركود يقود لزيادة الطلب على الدولار.
4. اتساع الفجوة بين الاحتياطي الفيدرالي الأكثر تشددًا والبنوك المركزية الأخرى، التي من شأنها أن تؤدي إلى قوة دولار أكثر.
لماذا تعاني باقي العملات، اليورو والين والذهب؟
تجلى صعود الدولار في الانخفاضات الدراماتيكية التي شهدتها باقي العملات الرئيسية:
1. اليورو
دفعت قوة الدولار الأمريكي اليورو إلى التكافؤ (التساوي)، وهو أدنى مستوى لليورو منذ 2002. ومن غير المرجح أن يتعافى اليورو من أدنى مستوياته مقابل الدولار، حتى تخرج أوروبا من أزمة الغاز الطبيعي التي تجتاح المنطقة.
2. الين الياباني
تلاشت الآمال في انتعاش الين، رغم ارتفاع التضخم في اليابان أخيرًا. إذ يتحرك الدولار بثبات نحو مستويات 137 وسط تجدد الاهتمام بشراء الدولار. واستمرار بنك اليابان في سياساته التيسيرية ستزيد من ضعف الين أمام الدولار.
3. الذهب
كان الدولار هو العائق الرئيسي أمام الذهب هذا الصيف. إذا لم يكن مؤشر مؤشر الدولار عند أعلى مستوياته في 20 عامًا، فسيكون الذهب أعلى بحوالي 150 دولار من مستويات التداول الحالية، وفقًا لـ Wells Fargo.
4. وحتى العملة الصينية وصلت لأدنى مستوى لها أمام الدولار في عامين.
التوقعات:
ووفق بيانات بلومبيرج وتوقعات مؤشر جيه بي مورجان سيكون اليورو الأكثر هبوطًا مقابل الدولار بحلول نهاية العام، إذ ستهبط العملة الموحدة إلى 0.95 دولار بحلول ديسمبر.
- و يرى RBC Capital Markets أن الجنيه الإسترليني سينخفض أكثر من 5٪ خلال نفس الفترة إلى المستوى 1.11 دولار.
- بينما يتوقع Commonwealth Bank of Australia انخفاض الدولار الأسترالي إلى 65 سنت أمريكي.
لكن ارتفاع الدولار يضر بالتجارة العالمية، وقد يضره أيضًا
المحرك الرئيسي لتدفقات رأس المال العالمي هو التجارة. إذ تتداول جميع السلع الرئيسية تقريبًا بالدولار الأمريكي. وارتفاع الدولار سينتج عنه في النهاية انخفاض التجارة العالمية، مع ارتفاع سعر كل شيء من حيث العملات الأجنبية. وتعثر التجارة العالمية، مما يعني انخفاض تدفقات رأس المال.
بينما تتراجع التجارة العالمية، يعني هذا أن تدفقات رأس المال آخذة في الانخفاض. وقد يتسبب ارتفاع الدولار الأخير في انخفاض التجارة العالمية - وبالتالي انخفاض الطلب على الأصول المقومة بالدولار - مما قد يؤدي إلى ضعف الطلب على الدولار.
يعتبر الارتفاع السريع في قيمة الدولار أكثر ضرراً للأسواق الناشئة، التي تحرك بنوكها المركزية بشكل جماعي ما يعادل أكثر من ملياري دولار من الاحتياطيات الأجنبية كل يوم.
حتى الناحية الفنية تدعم قوة الدولار
على الجانب الفني، كل المؤشرات تشير إلى استمرار ارتفاع الدولار. فإن الدراسات على جميع الأطر الزمنية الأكبر (اليومية/الأسبوعية/الشهرية) صاعدة وإيجابية، مما يدعم تقدم الدولار.
إذ اخترق مؤشر الدولار حاجز فيبوناتشي المحوري عند 109.14 واستمر في الاختراق، فهي إشارة صعودية قوية أخرى.
فرصة شراء
على الرغم من الحركة التصحيحية للدولار، إلا أن كل إشارات تشير إلى عودته للصعود. لذلك يمكن اعتبار نوبات الضعف فرص شراء قبل إعادة اختبار محتملة عند 109.00 وزيارة جديدة محتملة إلى أعلى مستوى في 2022 عند 109.29.