يتعرض الإنسان أحيانا للخسارة بسبب أنه بذل أفضل وأخلص جهدا... لكن في الاتجاه الخاطئ.
عزيزي المتداول، أنت مجرد سمكة صغيرة، لا تلهو في حوض لأسماك الزينة، بل في محيط ضخم، مليء بالقروش والحيتان التي لن تتردد في قضمك، ولن ترأف بك، تماما كما تتناول أنت فطورك، هل تشعر بتأنيب الضمير تجاه الدجاجة التي تناولتها بالأمس؟
عزيزي المتداول أنت مجرد وجبة في هذا السوق، وجبة صغيرة جداً لدرجة أن من سيأكلك لا يعرفك وسيبحث عن غيرك ليفترسه كما افترسك.
مهما كان حجم محفظتك فهو صغير، ضئيل، معرض دائماً للافتراس... وأحيانا بسرعة.
يجب أن تعرف بعض المعلومات عن هذا السوق المخيف الذي قُدر لنا جميعاً أن نعمل فيه:
- هو سوق بلا أي أخلاقيات، ومن هنا يستمد قوته وبريقه
- هو سوق مزدحم، حيث إن قرابة 400 مليون متداول يومياً يلهثون وراء الربح
- هو سوق ضخم، حيث إن كل ليلة يغلق فيها السوق يكون قد نفذ تداولات تتراوح بين 3 إلى 7 تريليونات
- هو سوق مهم، حيث يهتم لأمره البنوك المركزية وكبرى البنوك الاستثمارية وكبار رجال المال والسياسة
- هو سوق عبثي، ليس منظماً وقد يكون ليس منطقياً، لا يمكن هنا تجربة 1 + 1 = 2
لذا وبمجرد أن تستيقظ كل يوم وتتحضر بعد تناول الفطور وتتهيأ للجلوس على حاسوبك لتتداول، ألقى نظرة أولا على رصيدك من المال، نعم انظر إليه، إنه مالك، هذا ما شقيت أنت فيه، هذا هو رصيدك ليس فقط في محفظتك، بل في حياتك، مركزك، كرامتك، ورصيد أسرتك التي ترتزق من ورائك.
قف له احتراماً، وحدثه، عَدَّهُ أن لا تخسره، عده أن تحرص على زيادته.
لكن أرجو ان لا تبذل قصارى جهدك في الاتجاه الخاطئ، احرص على أن يكون حضورك في الوقت المناسب، وانصرافك أيضا، وتذكر أن لكل سوق بضاعة، إن لم تشترها في موعدها المحدد، سيفوتك الطازج منها.
من ناحية أخرى لا تلوم إلا نفسك، أنت من يقرر، أنت من ضغط الزر، أنت من قمت بتلك الصفقة، لا تلوم المحلل الذي أوصى لك بها، لا تلوم العالم الذي لا يمشي مع المنطق، لا تلوم الحظ...
الحظ!!... الحظ الذي إذا كان دخولك للسوق معتمدا عليه، فعليك أن تقوم بتوديع أموالك ونسيان أمرها.
لذا سأعطيك نصائحي من تجربة مذهلة مررت بها على مدار خمسة عشر عاماً في الأسواق، تجربة جميلة وقاسية، مبهجة ومبكية، جعلتني أحيانا اقضي بعض الليالي في أكثر الفنادق فخامة، وحرمتني النوم والطعام أحيانا أخرى، هنا سأصف لك الطريق الصحيح لكي تتجنب قدر الإمكان السقوط فيما سقطت أنا فيه، والحذر، والنجاح.
عليك أن تكتب تلك النصائح وتقوم بتعليقها بجوار حاسوبك، راجعها كل يوم بعد مراجعة رصيدك، وتذكر، هي ليست لعبة، وليست غنيمة، بل عمل، عمل شاق وجاد ومجهد... لكن إن أتقنته سيؤتي ثماره.
1- عليك الاستفادة من الأوقات المناسبة للتداول، الافتتاح الأوروبي والافتتاح الأمريكي هما ذروة أوقات التداول، وذروة السوق، عليك استغلالها جيداً.
2- لا تعاند اتجاه السوق، أنت لن تستطيع إيقافه، وإن نجح الأمر معك مرة أو اثنتين فسيعود ويأكل كل ما جنيت، اجعل من الاتجاه رفيقا لك لتربح. ولمعرفة اتجاه السوق ببساطة ليس عليك سوى وضع متوسط 50 البسيط على أي ميقات لخريطة التداول الخاصة بك، فإن كانت الأسعار تتداول أسفله فالاتجاه هابط، وإن كانت تتداول أعلاه فالاتجاه صاعد.
3- لا تمشي وراء الرويبضة، يجب أن تعلم ماذا تقرأ ولمن تقرأ ومن يروي عقلك بالمعلومات، فقد يكون المنبع فاسداً فيفسد ما بنيت أنت عليه رأيك، ليس كل من تقرأ له قام بالدراسة، التحليل الفني والمالي "علم" له أسس وقواعد، وليس مجرد تكهنات، نحن لسنا منجمين، نحن ندرس كل ما يخص البائع والمشتري. لذا انتقي قراءاتك.
4- كن وراء السوق بخطوة أو اثنتين، لا أكثر من ذلك كي لا يفوتك القطار، لكن احذر أبدا أن تسبق السوق، فكما قلت لك سابقاً قد تنجح مرة أو اثنتان، لكن لا مفر من أن يدهسك قطار السوق.
5- لا تُقامر، عزيزي المتداول، هناك فرق شاسع بين (المُضارِب) و (المُقامِر)، المُضاربة أمان، والمُقامرة خطر، المضاربة حلال والمقامرة حرام، لا تغامر ولا تراهن بكل أموالك في صفقة واحدة، واعلم أن الرافعة المالية سلاح صُمِّمَ ليأكلك وليس لتأكله، لذا عليك التزام إدارة مالية صارمة وقوية، لا تسمح أن تخسر ولو حتى 20 % من قيمة رأسمالك في صفقة واحدة، لذا قم ببناء تداولاتك على هذا الأساس، فلنفترض أن محفظتك الاستثمارية بقيمة 1000 دولار، فإن الكمية المناسبة لهذا المبلغ تتراوح بين 0.01 وحتى 0.03 من العقد الكامل.
6- كُن مطلعا، عليك أن تعرف الأخبار من حولك في السوق، التقويم الاقتصادي ليس فقط لليوم أو الأسبوع، بل والأسبوع القادم أيضا، إن الاتجاهات الأساسية بالأسواق ليست لحظية بل طويلة الأجل، فكُن مُلِماً بالأحداث.
7- عِش حياتك، لا تضيع كل وقت يومك في النظر إلى الشاشة، عليك فصل عقلك وإراحة دماغك لكي يستعد لليوم التالي، بمجرد أن ينتهي يوم تداول المحدد مسبقاً، مارس حياتك بطبيعية وتجاهل النظر إلى السوق.
أتمنى من كل قلبي أن تقرأ ما كتبت، وتعيه وعياً، وتدركه إدراكاً، وتعمل به عملاً.
تمنياتي بتداول سعيد، وربح وفير.
كريم راغب... محلل فني أكاديمي بالأسواق منذ 2007
أرحب بكل أشكال النقد والاستفسارات بالتعليقات.
لمراجعة مقالاتي السابقة برجاء الضغط هنا.