مع قرب إسدال الستار على عام 2022، تتحول العديد من الرياح المعاكسة التي ضربت سوق الأسهم إلى رياح خلفية، مما يمهد الطريق أمام ارتفاع الأسهم بشكل تدريجي، وتشمل العوائق المعاكسة ارتفاع أسعار النفط ورفع الفائدة، واحتجاجات الصينيين على القواعد الصارمة التي تهدف للحد من سياسة تصفير كورونا، والقيود التي يخشى المستثمرون من أنها ستضر الاستهلاك والنمو الاقتصادي، والآن ونحن ندخل مرحلة الأمتار الأخيرة من 2022 أو الأسابيع الأربعة الأخيرة من العام أو ما أسميه مرحلة الألعاب النارية، فإن علينا أن نتوقع هدوءاً في حركة التداولات.
يعد تخفيف معدلات التضخم خلال شهر أكتوبر عامل تغيير في قواعد اللعبة، حيث وصل مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي إلى 7.7٪ بعد أن تجاوز 8٪ لمدة سبعة أشهر متتالية، إلا أن هذا التضخم الضعيف في أكتوبر يبدو متكررًا، خاصة وأن تخفيف ضغوط الأسعار يجب أن يكون كافيًا للاحتياطي الفيدرالي لإبطاء وتيرته المتسارعة في زيادة أسعار الفائدة، مع احتمالية أن نشهد آخر زيادة في ديسمبر، ومن حسن حظ الأسواق أن التضخم ليس سيئًا جداً مثل فترة الثمانينيات، وإلا لأصبحت الانتخابات النصفية الأخيرة للكونجرس مجزرة حتمية.
رغم هذه النشوة بشأن تقرير مؤشر أسعار المستهلكين، فإن مخاطر السياسة النقدية لن تنحسر بسهولة، لأن بيانات التضخم الضعيفة السابقة في مارس ويوليو تلتها مفاجآت صعوديه في الأشهر اللاحقة، والحقيقة، أن الإشارات الأخيرة تظهر أن هناك مساراً مختلفاً تمامًا للمضي قدمًا في الأسواق، بما في ذلك تقلبات سوق السندات المنهارة، والانخفاض النسبي في الدولار، ونتوقع أن يؤدي المزيد من الهبوط إلى دعم مؤشر S&P 500 حتى 4500 بنهاية العام، ومن المرجح أن تتدهور الأسهم إلى أدنى مستوياتها في النصف الأول من العام المقبل، أما النقد فسيكون الفائز الحقيقي في عام 2023، بينما ستكون السندات أفضل من الأسهم.
في المجمل، يبدو العالم مهيأً لواحدة من أضعف سنوات نموه منذ عقود، وعلى عكس فترات الركود السابقة، ستظل السياسة النقدية مقيدة حتى في خضم الأزمة المقبلة، وبالنسبة لأرباح الشركات في عام 2023، فإن أكبر مخاطر الهبوط تتركز في القطاع الصناعي، أما القطاعات الدفاعية مثل الرعاية الصحية والسلع الاستهلاكية والمرافق فيجب أن تصمد بشكل أفضل، ومن المرجح أن يصل الركود الأمريكي الناجم عن جهود البنك المركزي لكبح التضخم بحلول منتصف عام 2023 ويؤدي إلى انخفاض حاد ومؤلم مؤقتًا في الأسهم.
بالرغم من أن الانكماش بدأ مبكراً في المنطقة الأوروبية نتيجة لأزمة الطاقة المستفحلة، وتجميد صادرات الغاز الروسي، إلا أن بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي ملتزمان تمامًا بخفض التضخم خلال السنوات القادمة، ولن يكون من الممكن القيام بذلك دون حدوث ركود معتدل في الولايات المتحدة وأوروبا، وزيادة كبيرة في البطالة، والخبر السار هو أن البنكان العريقان سينجحان حتماً في ذلك، وهذا سيمهد الطريق أمام تحقيق انتعاش اقتصادي ومالي أكثر استدامة بحلول عام 2024.