"لا تأتي المصائب فرادى"
مثل عربي
في ظل عدة أسابيع مرت على الفدرالي توالت عليه الأنباء والبيانات غير السارة من كل حدب وصوب مما جعل جيروم باول يحتد حينما أدلي بشهادته بالكابيتول هول أمام أعضاء الكونجرس والشيوخ ويعلنها صراحة "سنواصل التشديد"، وذلك بعد بيانات سوق العمل القوية وكذلك النمو والناتج المحلي بعد فشل خطة الركود الناعم، واذ به يتفاجئ بإفلاس بنك سيليكون فالي ومن قبله سيلفر جيت والآن بنك سيجنتشر، وحاليًا نجلس جميعاً ننتظر بيان التضخم يوم الثلاثاء وهو البيان الأهم من كل ما سبق في تحديد مسار الفدرالي في اجتماعه المقبل يوم 22 مارس.
والسؤال هنا: ماذا لو فاجأ التضخم الأسواق ولم يأتِ منخفضاً وجاء مرتفعاً؟
وقبل أن نسأل السؤال يجب أن ننظر إلى عدة شواهد قد تجيب على توقعات بيان الثلاثاء المقبل وأولها قوة سوق العمل حيث أضاف في شهرين متتالين ما يقارب الـ 900 ألف وظيفة في حين قلت شكاوى البطالة في معظم الأسابيع، أي أن سوق العمل ما زال قويا خصوصا مع بطالة 3.6% وبالتالي القوة الشرائية في أوجها.
من ناحية أخرى يجب أن ننظر نظرة المحلل والمفحص لبيان التضخم الشهر الماضي حيث كان التضخم 6.4% وتم تنقيحه بعد الخبر إلى 6.5% وكان المتوقع الهبوط إلى 6.2% واذ به جاء مماثلًا للشهر السابق قبل تنقيحه، أي أنه لم ينخفض بالأساس الشهر المنصرم.
اذا نظرنا الى توقعات "الخبراء" سنرى أن التضخم 6.4% ويتوقعون انخفاضه الى 6.00% أي توقع أقوى من توقع الشهر السابق، لا اعرف كيف تم بناء هذا التوقع في ظل إضافة 900 ألف وظيفة خلال تلك المدة في سوق العمل، وكذلك في ظل ثبات أسعار النفط أعلى من مستوى 80$ للبرميل لخام تكساس، في حين ارتفعت أسعار معظم السلع الانتاجية كالنحاس والألومنيوم خلال الشهر الماضي.
اعتقد التضخم الذي اظهر تماسكاً الشهر المنصرم سيكون أكثر حدة هذا الشهر بناء على المعطيات السالف ذكرها.
والسؤال المطروح: ماذا سيكون تأثير التضخم إذا جاء مرتفعًا، كيف سيؤثر على الفيدرالي والأسواق معاً؟
وهنا أعتقد أن أعضاء الفدرالي يفكرون مرتين قبل اتخاذ قرار الرفع بنسبة 0.5% الاجتماع المقبل وذلك بعدما اشتكت عدة بنوك من تلك الفائدة المرتفعة تزامناً مع إفلاس بعض البنوك، وجب مراقبة تصرف المواطن الأمريكي هذا الأسبوع والذي يليه مع ودائعه لدى البنوك، هل أثرت تلك الافلاسات على اطمئنانه على أمواله أم سنرى هرولة نحو البنوك لسحب الودائع مما سيضع البنوك أمام معضلة أكبر.
اما تأثير ارتفاع التضخم على الأسواق سيكون بالطبع سلبياً حيث سيذهب السوق فوراً لتسعير الرفع بنسبة 0.50%، قد نرى هذا التأثير شديد السلبية على الذهب ومؤشرات الأسهم والعملات وكذلك ايجابيا للدولار ولكن نضع تلك النظرة في الزمن المؤقت وذلك كما ذكرنا منذ قليل بأن الفدرالي فعلياً سيفكر مرتين قبل اتخاذ تلك الخطوة.
------------------
التحليل الفني للذهب:
قبل أن نذهب إلى تحليل الذهب، استوقفتني تلك الخريطة السعرية طويلًا أفكر فيها، باللون الأصفر هو الذهب مقابل الفضة وهو مؤشر ممتاز على قوة الدولار وضعفه، وباللون الأزرق مؤشر الدولار والشموع بالطبع هي الخريطة السعرية للذهب، وهنا سنرى انعكاسًا عجيبًا واضحًا بين تصرف الذهب مقابل الفضة مع مؤشر الدولار حيث تسير الأسعار في حالة تشبه الانعكاس تقريباً، تلك الانفراجات السعرية لا تدوم طويلا وعادة ما يتفق المؤشرين على ذات الاتجاه مرة أخرى، وكما اتفقنا أن المؤشرين عادة ما يسيران في حركة متوازية، فهنا نرى وبوضوح أن الذهب مقابل الفضة قد سبق مؤشر الدولار على الصعود وهي قد تكون علامة على استعادة الدولار لاتجاهه الصاعد مرة أخرى خاصة وأن مؤشر الذهب مقابل الفضة عادة ما يسبق مؤشر الدولار.
-------------
من ناحية اخرى نجد الذهب دخل منطقة جحر الدببة لكنه لم يستطيع التماسك، المنطقة بين مستويات 1890 و 1900 منطقة مقاومة شديدة العنف حيث تتفق مع مستويات تصحيح 61% على نسب فيبوناتشي الصاعدة ويتزامن ذلك مع قمتين سابقتين في مستويات 1890 وقاعين سابقين في مستويات 1900 مما يجعل اختراق تلك المنطقة تحتاج الى خبر مؤكد بأن الفدرالي لن يتجاوز ال0.25% في رفعه القادم.
نرى الذهب قد صحح بما فيه الكفاية بعدما لامس مستويات 61% على نسب فيبوناتشي ونتوقع مع ارتفاع التضخم أن نشهد موجة بيعية عنيفة لعودة الأسواق نحو تسعير الرفع بنسبة 0.50% وهو ما قد يعني المزيد من التراجع للمعدن الأصفر نحو مستويات القاع السابق 1805 وقد يمتد الهبوط تحت مستويات 1800.
تمنياتي بتداول سعيد وربح وفير
كريم راغب - محلل فني
لمناقشة التقرير على قناتنا بالتليجرام:
لمراجعة مقالاتنا السابقة برجاء زيارة الرابط التالي: