جاء قرار المركزي المصري أمس بشأن تسعير الفائدة ليلقي بظلاله على مسار الجنيه المصري الفترة القادمة، إذ كانت تشير توقعات عدة من بنوك ومؤسسات دولية تراجع الجنيه الفترة خلال الفترة الماضية، أو بالتزامن مع قرار الفائدة، ولكن السلطات المالية في مصر لم تتخذ هذا القرار رغم اتساع الفجوة بين السعر الرسمي والسعر بالسوق السوداء والعقود الآجلة.
ومع ذلك، يبدو أن السلطات المالية تخطط لخفض هذه الفجوة السابق ذكرها عن طريق أدوات أخرى بخلاف تخفيض السعر الرسمي أمام العملات الأجنبية، حيث ظهر هذا جليًا في الاضطرابات التي شهدتها السوق السوداء للدولار خلال الأيام الماضية، بجانب تراجع الجنيه في العقود الآجلة غير القابلة للتسليم. ويبقى السؤال: هل تشير هذه العلامات على أن البنك المركزي يرغب في تقليل الفجوة أولاً ثم إجراء تخفيض طفيف للسعر الرسمي؟ وذلك بدلاً من ترك الفجوة متسعة وإجراء تخفيض حاد قد يقفز بنسب التضخم مجددًا، ومن هذا المنطلق يمكن تفسير الإجراءات التي تم اتخاذها خلال الأسابيع القليلة القادمة.
الذهب يحير الأسواق الآن.. ما بين توقعات التحرك لمستويات قياسية، وتوقعات توقف الصعود في بيئة اقتصاد كلي متغيرة.
اعرف الآن اتجاه الذهب مع أسلوب عملي مبسط وشرح تطبيقي.. حتى تكون أول من يعرف الحركة التالية. للتسجيل اضغط هنا
السوق السوداء تزداد ضعفًا
اكتسبت السوق السوداء في مصر للدولار خلال الفترة الماضية مزيدًا من القوة بفعل التوقعات السلبية بشأن تراجع الجنيه الفترة القادمة، وذلك باعتبارها تنشط في هذه الأوقات، مما يؤدي إلى تعميق الأزمة الاقتصادية التي تواجهها الحكومة المصرية حالياً.
وفي ظل هذه التطورات، جاء الرد سريعًا من من عدد من كبار التجار في مصر بالاتفاق على التوقف عن شراء الدولار تماماً من السوق السوداء لمدة شهر واحد.
وجاءت هذه الخطوة التي بدأتها رابطة تجار السيارات، ثم لحقت بها رابطة الرخام ورابطة تجار المواد الغذائية، بعد أن وصل سعر صرف الدولار مقابل الجنيه لأرقام قياسية تخطت الـ 40 جنيهاً مقابل الدولار.
وفي غضون ذلك، وجهت الحكومة المصرية ضربة موجعة للسوق السوداء للدولار عبر قرارها بشأن إعفاء واردات الذهب للقادمين من الخارج من الرسوم الجمركية، أو فيما يتعلق ببرنامج الطروحات، حيث شهدت الأيام الماضية الإعلان عن تنفيذ صفقتين ضمن برنامج الطروحات الحكومية، ما يشير إلى انفراجة وشيكة في الأزمة.
وفي هذا الإطار قال سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية المصرية، إن القرار إعفاء الذهب من الجمارك للقادمين من الخارج يساعد في حل أزمة قائمة وإعادة تحقيق التوازن بين العرض والطلب وضبط الأسعار، وتهدئة الطلب على السوق السوداء الناجم من زيادة طلب تجار المعدن الأصفر على الدولار لاستيراد ذهب يغطي الطلب المتزايد من المواطنين.
واتفق ماجد فهمي، رئيس مجلس بنك التنمية الصناعية سابقا، ومحمد بدرة الخبير المصرفي، مع رأي سهر الدماطي في مزايا القرار بتخفيف الطلب على شراء العملة من السوق السوداء بعد إتاحة معروض كافي من الذهب.
فيما قال الدكتور علاء رزق، الخبير الاقتصادي المصري، إن من أهم أسباب التوقعات بعدم تعويم الجنيه هو الالتزام بسداد أي مطالبات مالية على الحكومة المصرية للدائنين الدوليين وإصرار الحكومة أيضا على ألا يزيد العجز في الموازنة العامة للدولة عن 6.5%، بجانب استقرار نسبة الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي وقد انعكس ذلك كله على جدية البنك المركزي المصري في تطبيق سعر صرف مرن ضمن شروط الاتفاق الحصول على 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي.
الفجوة تنحسر.. الإجراءات تؤتي ثمارها
تراجع الدولار أمام الجنيه في آخر قراءة للعقود الآجلة غير القابلة للتسليم لمدة شهر إلى حوالي 31.8 للدولار وبنسبة 2.4%، وذلك بعد أن تخطت الـ 35 في وقت سابق، وهو أدنى مستوى وصل له الدولار أمام الجنيه منذ مارس.
وفي الوقت نفسه، تراجع الدولار أمام الجنيه أيضًا بالسوق السوداء إلى ما دون الـ 40 جنيه للدولار الواحد بعدما تم تجاوز هذا المستوى خلال الأيام القليلة الماضية، حيث يتم تداوله الآن حول مستويات الـ 37 جنيه للدولار الواحد. متأثرًا بالقرارات التي تم اتخاذها مؤخرًا، بجانب التصريحات الحكومية المطمئنة للمستثمرين والتقارير الاقتصادية التي تفيد بعدم تراجع الجنيه في القريب العاجل.
وقال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، يوم الأربعاء، إن الجنيه مقوم بأقل من قيمته، ومع زيادة الاستثمارات ستحدث انفراجة وستختفي أزمة العملة وسيعود الجنيه لقيمته الحقيقية.
وأكد رئيس الوزراء المصري أن مصر ستنفذ قريبًا عدة صفقات وستكون الدولة قادرة على سد الفجوة الدولارية، ولديها صورة واضحة لسداد الالتزامات.
وأوضح أن الاستثمارات المخططة للعام المالي المقبل (2023-2024) نحو 1.640 تريليون جنيه.
وأشار مدبولي إلى إجراء تعديلات تشريعية للمساواة بين مشروعات القطاع العام والخاص وعدم وجود معاملات تفضيلية لمشروعات الدولة.
ولفت إلى السماح للأجانب في سجل المستوردين لمدة 10 سنوات، فضلا عن التوسع في منح الرخصة الذهبية لكافة المشروعات.
وقال مدبولي، إنه تم تحديد حد أقصى للحصول على موافقات المشروعات بـ 10 أيام عمل.
وأكدت وزيرة التخطيط المصرية، هالة السعيد، أن سبب الضغط على الدولار يرجع إلى الارتفاع الشديد في أسعار المواد الاستراتيجية وزيادة فاتورة الاستيراد التي مثلت ضغطًا شديدًا على ميزانية الدولة.
وأضافت هالة، أن الدولة اتخذت أكثر من حل لمعالجة الأزمة مثل زيادة إيرادات السياحة بنسبة 25%، وزيادة إيرادات قناة السويس بنسبة 30%، بجانب تقليل الواردات بنسبة 34%.
فيما أشار بنك "سيتي جروب (NYSE:C)" في تقريره الصادر، الأسبوع الماضي، إلى أن البنك المركزي المصري من المرجح أن يؤجل قراره بشأن تخفيض الجنيه على الأقل حتى نهاية الشهر المقبل. حيث يأتي هذا التوقع عكس الرهانات الأخرى التي ترجح انخفاض الجنيه في القريب العاجل، وذلك وفق ما أفادت به وكالة بلومبرغ.
وفي هذا الإطار، أشار بنك جولدمان ساكس (NYSE:GS) إلى أن أسباب عدم اتجاه الحكومة المصرية تطبيق سعر صرف أكثر مرونة خلال الأسابيع الأخيرة يرجع إلى عدم جدوى المزيد من التخفيضات في حل الاختلالات الخارجية مع انخفاض قيمة الجنيه بالفعل.