الذهب أم البيتكوين أمام نظام اقتصادي جديد

" إن السبب الأول الذي يشكل انهيار اقتصادي بشكل متكرر في أسواق المال  هو ليس المبيع المفاجئ وإنما الاستثمارات الغير المجدية و التي يستثمر فيها المستثمر بأصل مالي لا يكون مهيأ له بناء على نصيحة أخذها من شخص مهيأ لهذه النوع من الاستثمارات"

مورجان هوسل في كتابه سيكولوجية المال

 كنا قد اخبرناك عزيزي المستثمر سابقاً قصة الفيدرالي الجميلة في تقرير وجيز تحت عنوان قصة الفدرالي اليوم وبعد هذه السلسلة من الأحداث الاقتصادية تشكل نوعاً من الاقتصاد المركزي المستقل و المرادف في نوعه للبيتكوين والذي يعد بحد أشكاله كعملة نوعاً جديداً من الاقتصاد اللامركزي أما عن أيهما أفضل بالاستثمار ، فصراحة وإني كمحلل فني لا أقود في تقريري هذا إلى ترجيح أحدهما على الآخر لكن هذه المقارنة تذكرني بمشابهة اقتصادية حدثت منذ أعوام مضت ألا وهي فقاعة الأنترنت و توجه غالب المضاربين والمستثمرين للاستثمار في قطاع الأنترنت بدلاً من القطاع الاقتصادي وها هنا اليوم نحن نقف على أعتاب حافة اقتصادية جديدة لا ندري فيها الصواب من المصيبة فأي استثمار عساه يكون أفضل من غيره هل الذهب حتى نؤمن أموالنا من التضخم أم البيتكوين لنؤمن على أرباح غير مسبوقة.  

في عام 1995 توجه غالب المتداولين إضافة إلى المستثمرين إلى قطاع شركات الأنترنت تاركين المؤشرات الاقتصادية الشهيرة والذهب على أمل تحقيق ربح خيالي في ذاك الوقت علماً أن السهم الذي يرتبط في أي شركة لها نشاطها في قطاع الأنترنت كشركات المتصفحات في ذلك الوقت كان تحقق ما لا يقل عن 50% شهرياً ، إلا أنه وبعد فترة قليلة اختفت أكثر من 75% من الشركات المعروضة ومنها ما قارب إلى الإفلاس وهذا ما عرف بفقاعة الأنترنت حينها ، ما أود أن أخبرك به عزيزي المتداول و باختلاف الأسلوب الذي تتبعه إن تداول العملات المشفرة اليوم مشابه لتداول ما سمي بأسهم الأنترنت سابقاً حيث كلاهما يعد ثورة طفرة غير مسبوقة من نوعها.

وأحد تلك العملات قد يقودك إلى ثراء فاحش إلا أن أحدها قد يختفي، أعود وأكرر أنني هنا لا أحبذ الذهب على البيتكوين أو العكس و إنما ما أريد أن أخبرك به أن البيتكوين تشكل في أساسه ليواجه المركزية المطلقة في الاقتصاد ، ليشكل اقتصاداً لا مركزياً و سلطة مالية مستقلة أما عن أيهما تستثمر فأنا سأذكر لك مجموعة من المعطيات التي أرى فيها محاسن الاستثمار ويبقى عليك أن تقرر.

أما أن أقوم بأخذ القرار عنك فهذا أحد الأسباب التي يراها هوسل في كتابه سيكولوجية المال ، بأن أخذ القرار الاستثماري من شخص آخر يتصرف بطريقة أخرى مغايرة لطريقتك ولديه سياسة مالية مختلفة عن سياستك هي ما تسبب الخسارة لك وللاقتصاد ككل ، فإن سبب الكوارث المالية جميعها ودون أي استثناء أن يستثمر أشخاص غير مهيئين لهذا النوع من الاستثمار 

الاستثمار بالذهب

سمي الذهب بالملاذ الآمن لأنه عرف على مدار التاريخ الاقتصادي بأنه أساس التحوط الاقتصادي ضد التضخم إلا أنني ما أراه بهذه العبارة هو التحيز المبالغ فيه بالذهب حيث أن الذهب لا ينجو من كل الكوارث الاقتصادية فنحن نذكر خلال الجائحة الوبائية ارتفع الذهب إلى ما يصل إلى 2000$ للأونصة الواحدة لكنه لم يستقر رغم استمرار مستويات التضخم وها نحن على مشارف كساد اقتصادي ومازال دون 2000$ لكن ما أود أن أقوله هنا هي أنه لا بد أن ينجيك الذهب من مقدار التضخم المرتفع لكن لا تأمن من الذهب أرباح سوى أن تحفظ أموالك لذلك أنا دائما ما أقول  سمي الذهب بالملاذ الآمن لأنه أنت يجب أن تكون آمناً من حيث الدخل حتى تؤمن به وليس العكس.

 ولذلك يمكن أن نلخص أن الاستثمار بالذهب يحمل الفوائد التالية

 1. يحمي أموالك من نسب التضخم لكنه لا يشكل أرباحاً

2.  ليس آمناً على المدى القصير ( أقل من ثلاث سنوات) فقد يرتفع بنسب عالية أثناء الكوارث إلا أنه يعود لما كان عليه قبل الكارثة

3. في ختام أي سنة قد يفرق بمتوسط يعرفه أي محلل فني ألا وهو 2% كأقصى حد 10%

 الاستثمار في البيتكوين

 إن الاستثمار في البيتكوين كما أسلفت الذكر سابقاً يعد استثماراً بقطاع اقتصادي جديد من نوعه وهو استثمار نحو اللامركزية الاقتصادية و هو مشابه بأمره لفقاعة الأنترنت سابقاً إلا أنني لم أخبرك أنه من استثمر في هذه الفقاعة وبقي صامداً حتى النهاية حقق أرباحاً لا تقل عن 5000% وهو رقم أكثر من مجرد رقم ضخم وما أود فعلياً أن أذكرك به هنا هي أن التقلبات الشديدة هي ناتج الحرب الباردة القائمة ما بين الحكومة و مؤيدي هذا القطاع وهذا تماماً ما حدث مع الأسهم سنة 95 المهتمة في قطاع الأنترنت إلا أنه بعدها انتشرت تلك الشركات انتشاراً جباراً وحققت أرباحاً خيالية وهذا ما يقودنا إلى أن كل شيء طفري وثوي ربما قد يحقق ربحاً خيالياً أيضاً

من أهم المزايا الاستثمارية:

 1. أرباح قد تصل إلى نسبة تزيد عن 50% من قيمة رأس المال مقارنة بالذهب والذي يميل إلى أن يحقق نسبة وسطية 7% سنويا.

 2. لا تحتاج إلى مدة زمنية عالية مقارنة بالذهب الذي قد تحتاج إلى ست سنوات على الأقل حتى تشعر بالفارق

3. آلية الحماية العالية التي تستخدمها العملات المشفرة في التخزين وهذه الالية هي محط أنظار كبار المستثمرين

 4. غياب الضرائب والرقابة الحكومية على البيتكوين مما يجعلها مكان ينظر إليه السوق لتهرب الضريبي.

 على الرغم من المزايا العديدة إلا أن هناك مساوئ لاستثمار أموالك بالبيتكوين مقارنة بالذهب.

1. خطورة عالية على رأس المال وقد تصل أيضا إلى 50% حيث أن العملة قد نرى لها تراجعات قوية خلال فترة قصيرة مقارنة بالذهب الذي قد يحافظ على لمعانه بأسواء الحالات الاقتصادية وانعدام الأمان.

 2. تأثر العملة بشكل كبير بصناع السوق (إيلون ماسك) مقارنة بالذهب وقدرته على استيعاب أي عملية شراء مهما كانت ضخمة.

 في الختام عزيزي القارئ يمكن أن أقول لك أنه بحال كنت تطمح إلى أرباح عالية ولديك القدرة على تحمل التقلبات السعرية فإن البيتكوين هو خيارك الأمثل أما بحال كنت تصبو في استثمارك إلى الادخار لا أكثر فإني أرجح لك الذهب وأما بحال كنت مضارباً فأني أفضل لك الذهب في الأزمات والبيتكوين ما بعد الأزمة فكلاهما يشكلان نطاقات عرضية سواء للذهب أثناء الأزمة (خلال الأزمة وليس قبل حدوثها) أم للبيتكوين بعد الأزمة ليبقى الرأي الأصح دائماً هو أن تقسم النسب الاستثمارية بشكل يجعلك مواكب لكل الفرص لنم تذكر أن القاعدة الأساسية في الاستثمار هي أن النسبة المخصصة لاستثمار عالي  المخاطر يجب أن تكون نصف النسبة المخصصة للاستثمار آمن.

 المحلل: عمر الصياح

للمزيد تابعنا على التويتر

 Twitter: @SyyahOmar

ترقبونا اليوم  في تمام الساعة الرابعة بتوقيت السعودية على مساحة مشتركة مع  investing