قام البنك المركزي الأوروبي برفع أسعار الفائدة إلى 4% وأعتقد أنه قد ارتكب بذلك خطأً في السياسة.
ما زالات لاجارد مستمرة في صب الوقود على النار، وبدأ الاقتصاد الأوروبي يشعر بالفعل بتشديد السياسة بشكل أقوى وأسرع بكثير من الولايات المتحدة: ولكن لماذا؟
يحدث هذا نتيجة لتشديد البنك المركزي الأوروبي، ولكنه أيضاً نتيجة لحقيقة أن القطاع الخاص الأوروبي كان يتمتع بمعدلات اقتراض رخيصة إلى حد مذهل واستمرت تلك المعدلات لفترة طويلة – ومن ثم فإن التغيير في السياسة أصبح أكثر إيلامًا.
ألقِ نظرة على الرسم البياني أدناه الذي يوضح تكاليف اقتراض الشركات الأوروبية BBB لمدة 10 سنوات منذ عام 2013 إلى اليوم:
- 2013-2023 المتوسط: 1.69% (الخط الأزرق)
- 2016-2019 المتوسط: 1.35% (الخط الأخضر)
- اليوم: 4.20% (!!!)
كان باستطاعة الشركات الأوروبية ذات التصنيف BBB الاقتراض لمدة 10 سنوات بتكلفة شاملة تبلغ 1.69٪ (!) في المتوسط خلال الفترة ما بين عام 2013 واليوم - وهذا هو الخط الأزرق على الرسم البياني. وإذا ركزنا على فترة ما قبل الوباء، بين 2016-2019 بلغ هذا المتوسط 1.35% فقط (الخط الأخضر).
واليوم، أصبحت الحياة أصعب بكثير: فقد تضاعفت تكاليف الاقتراض ثلاث مرات تقريبًا (!!!) لتصل إلى 4.20%، والأهم من ذلك أنها ظلت عند هذا المستوى منذ ما يقرب من 12 شهرًا حتى الآن.
وبالتالي يعد ذلك تشديدًا خطيرًا لشروط الاقتراض والذي يؤثر بشدة على الاقتصاد الأوروبي.
ورغم هذا فإن البنك المركزي الأوروبي مستمر في طريقه ويتجاهل أيضاً وحشاً آخر يهدد أوروبا بشكل أكثر خطورة من الولايات المتحدة: ألا وهي صعوبات إعادة التمويل!
يوضح الرسم البياني أعلاه النسبة المئوية لقروض الشركات والسندات المستحقة لكل سنة تقويمية في ولايات قضائية مختلفة.
ومع قيام الشركات بتوزيع قروضها على فترات ممتدة، لا يتم تجميع احتياجات إعادة التمويل معًا: في المتوسط، يتعين على الشركات إعادة تمويل حوالي 10-15% من احتياجاتها الكاملة من القروض كل عام (الخط الأحمر).
كما ترون، تواجه أوروبا ( الخط الأزرق) مهمة صعبة في العام المقبل: ستحتاج الشركات الأوروبية إلى إعادة تمويل 25% (!) من احتياجاتها من الاقتراض في عام 2024 وسيتعين عليها القيام بذلك بمعدلات اقتراض أعلى بكثير مما اعتادوا عليه.
ومع اقتراب كارثة إعادة التمويل بسرعة في أوروبا، يتعين على الشركات اتخاذ قرارات صعبة: الابتعاد عن الاستدانة وتقليص أعمالها تماما، أو خفض التكاليف الهيكلية (مثل الوظائف) للحفاظ على أعمالها على قيد الحياة على الرغم من ارتفاع الفائدة على الاقتراض.
لقد قام البنك المركزي الأوروبي للتو برفع أسعار الفائدة في مواجهة اقتصاد ضعيف بالفعل يواجه صعوبات كبيرة في إعادة التمويل: أعتقد أن لاجارد قد ارتكبت خطأً سياسياً.
اليابان مهمة لأسواق السندات العالمية
في مقابلة أجريت معه مؤخراً، أشار محافظ بنك اليابان أويدا إلى أن عصر أسعار الفائدة السلبية في اليابان قد ينتهي قريباً.
ونتيجة لذلك، كانت أسواق العملات والسندات في حالة نشاط.
ولكن لماذا تشكل اليابان أهمية كبيرة بالنسبة لأسواق السندات العالمية؟
يُعَد المستثمرون اليابانيون من أكبر مصدري رأس المال على مستوى العالم، وقد أصبحوا من المشترين الكبار لسندات الخزانة الأمريكية، وسندات الدخل الثابت الأوروبي، وأسواق السندات الأجنبية الأخرى.
ومع انخفاض العائدات المحلية لفترة طويلة واستمرار اليابان في تجميع المدخرات والاحتياطيات الأجنبية، فقد طلت تبحث عن طرق لاستثمارها في الخارج لتوليد عوائد أعلى.
على سبيل المثال، يمتلك المستثمرون اليابانيون وحدهم أكثر من تريليون دولار من سندات الخزانة الأمريكية وحوالي 400 مليار يورو في سندات أوروبية مختلفة (معظمها فرنسية وألمانية).
والآن بعد أن بدأت العائدات المحلية في اليابان في الارتفاع، فهل سيتوقفون عن الاستثمار في السندات الأجنبية؟
هذه هي المشكلة: لقد فعلوا ذلك بالفعل.
لقد بدأ الدعم الياباني لأسواق السندات العالمية يتلاشى منذ عدة أرباع سنوية بالفعل.
ولكن إذا كانت عائدات السندات اليابانية قد بدأت للتو في الارتفاع، فلماذا حدث هذا قبل عدة أرباع سنوية؟
كما ترى: عندما يشتري المستثمرون اليابانيون سندات أجنبية، يجب عليهم مبادلة الين الياباني الحالي بالدولار الأمريكي أو اليورو.
وهذا يعني أنهم سيتعرضون لمخاطر صرف العملات الأجنبية أيضًا وهو ما لا يريدونه في كثير من الأحيان - من تجربتي الشخصية عندما تحدثت مع مستثمرين يابانيين في وظيفتي السابقة، فإنهم يقومون بالتحوط من مخاطر صرف العملات الأجنبية بين 3 و 12 شهرًا والتي تعتبر فترة زمنية كبيرة بما يكفي لتقييم مخاطر/عائدات استثماراتهم في السندات بعد التحوط من مخاطر العملات الأجنبية..
يوضح لك الرسم البياني أعلاه ما يراه المستثمرون اليابانيون عند النظر في الاستثمار في سندات الخزانة الأمريكية لمدة 10 سنوات بعد حساب تكاليف التحوط لزوج دولار أمريكي/ين ياباني خلال الأشهر الـ 12 المقبلة.
بالنسبة للمستثمرين اليابانيين، يعد امتلاك سندات الخزانة الأمريكية اليوم مكلفًا للغاية لأن تكاليف التحوط من العملات الأجنبية مرتفعة للغاية (دورات رفع أسعار الفائدة من بنك الاحتياطي الفيدرالي مقابل عدم رفع بنك اليابان) في حين أن المنحنيات مقلوبة وبالتالي تنخفض العائدات على الاستثمار في السندات الأجنبية لمدة 10 سنوات بشكل كبير.
سندات الخزانة الأمريكية هي الأغلى منذ عقود بالنسبة للمستثمرين اليابانيين. واستمرت كذلك منذ عدة أرباع سنوية حتى الآن.
وسيكون الإجراء التالي لبنك اليابان حاسمًا لتحديد ما إذا كان هذا الاتجاه سيستمر أم لا.
هل انتهى باول من رفع الفائدة؟
تسارع معدل التضخم في الولايات المتحدة بشكل مدهش في أغسطس: فماذا يعني هذا بالنسبة لبنك الاحتياطي الفيدرالي؟
يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتقسيم مؤشر أسعار المستهلك الأساسي إلى:
- تضخم السلع
- تضخم المساكن
- تضخم الخدمات باستثناء السكن
ومن المعروف أن القوى الانكماشية تلعب دوراً كبيراً في السلع: ويشير تراكم المخزونات (مثل السيارات) والتعافي الكامل لسلاسل التوريد إلى استمرار الاعتدال في أسعار السلع الأساسية.
وينعكس هذا أيضًا في أشياء مثل مؤشر أسعار أدوبي (NASDAQ:ADBE) الذي يقيس أسعار السلع الرقمية عبر الإنترنت والتي وصلت للتو إلى أدنى مستوى لها منذ 40 شهرًا.
ويمثل التضخم في قطاع الإسكان حصة كبيرة من سلة مؤشر أسعار المستهلك الأساسي وقد حصل بنك الاحتياطي الفيدرالي على بعض الأخبار الجيدة مع هذا التقرير.
فقد استمرت إيجارات السكن في التباطؤ بشكل تسلسلي لأنه يتخلف فقط عما يحدث لتضخم إيجارات الأراضي: لقد انخفض نمو سلسلة الإيجارات" زيلو" بشكل ملموس وتبعها تضخم المساكن الذي تم تسجيله في إحصائيات مؤشر أسعار المستهلك.
ويعد استمرار التباطؤ نبأً عظيما بالنسبة لبنك الاحتياطي الفيدرالي: فقد انخفض معدل التضخم السنوي في قطاع الإسكان لثلاثة أشهر الآن إلى 4.6% بعد أن بلغ ذروته البالغة 10% تقريبا (!) في بداية العام.
يجب أن يستمر تضخم القطاع في التباطؤ: أخبار جيدة لباول!
وماذا عن مقياس باول المفضل للتضخم العنيد - الخدمات الأساسية باستثناء السكن؟
من المفترض أن يكون هذا هو الجزء الأكثر ثباتًا ويمثل فجوة الإنتاج، والركود في سوق العمل في سلة مؤشر أسعار المستهلك والذي يراقبه باول عن كثب
لقد حصلنا على قراءة شهرية بنسبة 0.4% والتي كانت أقوى من المتوقع، لكن الرسم البياني أعلاه يسمح لنا بالعودة خطوة إلى الوراء وإلقاء نظرة على اتجاه في التضخم العنيد: وصل معدل التغير السنوي لمدة 6 أشهر إلى مستوى منخفض جديد في هذه الدورة عند 2.7 % بانخفاض من أكثر من 5% (!) في بداية العام.
ويبدو أن التضخم أصبح تحت السيطرة أيضًا.
بشكل عام، يبدو أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد انتهى من رفع أسعار الفائدة ولكن الأسواق بدأت تتحدى هذا الافتراض: ارتفاع أسعار النفط، وتزايد الضغط في أسواق السندات، والبيانات الشهرية القوية في الخدمات الأساسية باستثناء الإسكان، كلها أمور تثير مزيدًا من التساؤلات.